يطمح بنجامين آمبن، الرئيس الجديد لمبيعات موقع “تويتر” فى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إلى تحويل تغريدات منصة التواصل الاجتماعى المتعثرة فى المنطقة العربية إلى إيرادات.
عندما انتقل بنجامين آمبن، 30 عاماً، إلى دبى فى أغسطس من لندن، حيث كان يشرف على أسواق “تويتر” الجديدة فى أوروبا، فإن الأمر الوحيد الذى كان مفقوداً هو السجادة الحمراء.
يقول: “فى اليوم التالى لوصولى إلى دبى قمت بفتح المكتب”، ولم يكن هناك حاجة للتعريف عن رئيس المبيعات لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الجديد.
وبعد 4 سنوات من دور موقع “تويتر” فى الثورات العربية، لايزال الثوريون والمشاهير والدعاة فى المنطقة العربية يستخدمون هذه المنصة لإطلاق مختلف التغريدات.
وعلى سبيل المثال، ففى السعودية، فإن معدل انتشار موقع “تويتر” هناك هو ثانى أعلى معدل فى العالم بعد إندونيسيا، وفقاً لشركة “Global Webindex” لأبحاث السوق، وأكثر من 60% من السكان يستخدمون الإنترنت و83% من هؤلاء يمتلكون حسابات على “تويتر”.
الأهم من ذلك، فإن 35% يتفاعلون بنشاط مع موقع التواصل الاجتماعى، كما أن هناك “مستخدمين خفيين” إضافيين يقومون بالدخول إلى الموقع، وتصفحه دون أن يكونوا من أعضائه، وفى السعودية فإن زيارات غير الأعضاء تمثل 20% من مستخدمى الإنترنت، وهى أعلى نسبة للفرد الواحد فى العالم.
ويأتى توسع “تويتر” فى الشرق الأوسط فى وقت تعانى الشركة فيه اضطرابات، حيث إنها تكافح من أجل زيادة وتيرة نمو المستخدمين.
وبعد عمله الإضافى كرئيس تنفيذى مؤقت منذ يونيو، بعد رحيل ديك كوستولو، قرر جاك دورسى البقاء فى منصبه فى أوائل أكتوبر.
وفى تغريدة، أعلن أنه قام بإلغاء 336 وظيفة، أى %8 من موظفى “تويتر”، لإعادة هيكلة فريق الهندسة والمنتجات.
وتظل الأسواق الدولية، مثل الشرق الأوسط، غير مستغلة إلى حد كبير كمصدر لعائدات الإعلانات، وكان لدى الموقع 65 مليون مستخدم فعال شهرياً فى الولايات المتحدة فى يونيو عام 2015، مقابل 239 مليون مستخدم دولياً.
ومع ذلك، لا تشكل الأسواق الدولية سوى ثلث إيراداته الإجمالية، وفى العام الماضى أعلنت الشركة الخاسرة بأنها حققت 1.4 مليار دولار فى المبيعات، معظمها من الخدمات الإعلانية، أى بزيادة قدرها 111% على عام 2013، ولكن توقعات الشركة لعام 2015 تتنبأ انخفاضاً فى نمو الإيرادات.
وخلال يومين من عودته كرئيس تنفيذى دائم، حصل دورسى على دفعة مفاجئة، حيث قام الملياردير السعودى الأمير الوليد بن طلال بزيادة حصته فى “تويتر” بمقدار الضعف إلى 5.17% مما جعله ثانى أكبر مساهم فى الموقع، ومباشرة ومن خلال شركة “المملكة القابضة”، فإنه يملك الآن 34.9 مليون سهم قيمتها 1 مليار دولار.
لم ترد شركة “المملكة القابضة” على الاستفسارات المتعلقة بقرار الأمير الوليد بن طلال زيادة حصته فى تويتر، وقد سبق له أن أبدى تحفظه فى الصحافة فيما يتعلق بقدرة دورسى على شغل هذا المنصب.
وعلى الرغم من أن “تويتر” قد افتتحت مكتب دبى مؤخراً، إلا أن الشركة كانت تعمل لمدة عامين مع وكالة “Connect Ads” التى تتخذ من القاهرة مقراً لها لبيع الخدمات الإعلانية.
ويقول آمبن، الذى ينشغل الآن فى إنشاء فرق الإعلام والبحث والتسويق: “لقد لاحظنا اهتماماً بالغاً عند المستخدمين والشركات أيضاً، ولذلك شعرنا أنه الوقت المناسب لجلب المزيد من الموارد إلى المنطقة، لمساعدة المعلنين”.
ولتوسيع قدرة “تويتر” الإعلانية، فإنه يعمل مع شركات دولية فى المنطقة مثل شركة “Unilever”، ومع شركات محلية مثل شركة “ALJ Finance”، الذراع التمويلية لشركة “عبداللطيف جميل” ومع شركات التجارة
الإلكترونية، مثل موقع “نمشى” أدوات الترويج للمنتجات الخاصة بـ”تويتر” لاستهداف فئة المستخدمين الذين يستخدمون الهواتف المحمولة، وقياس تأثير الحملات الإعلانية، “يأتى 85% من إجمالى الإيرادات لـ”تويتر” من الهواتف المحمولة”.
وقد حققت شركة “اتصالات”، مشغل الاتصالات فى الإمارات، نجاحاً، فإضافة إلى الترويج للمحتوى المتعدد الوسائط والمبنى القائم على العلامة التجارية، فإن الشركة أشركت الناس فى المنافسة، حيث طلبت منهم بالقيام بإعادة نشر تغريداتها الترويجية مقابل دخولهم السحب للفوز بفرصة السفر إلى جزر المالديف.
ومن مايو 2014 إلى ديسمبر 2014، استطاعت شركة “اتصالات” من هذه الحملات أن تكسب 236 ألف متابع جديد لها على حسابها عبر “تويتر”، بزيادة قدرها %89.
كما استفادت شركة “Ecco Arabia” من انتشار تويتر الاجتماعى من أجل بيع أحذية الأطفال، حيث قامت بإطلاق حملة باسم “العودة إلى المدرسة” فى خريف عام 2013، والتى ربطت الأباء بروابط لموقع الشركة الإلكترونى وللمواقع الجغرافية لمحال الشركة فى جدة، ونتج عن ذلك 6 ملايين تغريدة، من التغريدات التى نتج عنها تفاعل، ومعدل عدد زوار أعلى مقارنة بالعام السابق.
وبالنسبة لآمبن، لطالما شدته جاذبية “تويتر”، وقد ترعرع المواطن الفرنسى فى إحدى ضواحى باريس، وحصل على درجة الماجستير فى الإدارة من الكلية العليا للتجارة فى باريس “ESCP” الموجودة فى 6 عواصم أوروبية، وفى بداية الثورات فى تونس ومصر فى أوائل عام 2011، كان آمبن مسئولاً عن تطوير الأعمال فى شركة جوجل فى لندن، حيث كان يدير حسابات الشركات التكنولوجية فى أوروبا والشرق الأوسط.
وقبل 4 سنوات، قامت شركة تويتر بتوظيفه لتولى مسئولية المبيعات الإعلانية فى فرنسا وإسبانيا وهولندا وألمانيا وإيطاليا، وفى ذلك الوقت كانت شركة التواصل الاجتماعى التى بلغ عمرها وقتها 6 سنوات لاتزال على بعد أكثر من عام من أجل طرح أسهمها فى الأسواق المالية للاكتتاب الأولى.
وعلى الرغم من أن جوجل كانت لاتزال على طريق النمو، فإن ترك آمبن عمله فيها يعد خطوة عادية بالنسبة لشاب طموح يبحث عن النجاح الكبير لتحقيقه، كما أن العديد من موظفى شركة تويتر كانوا موظفين فى جوجل سابقاً.
ويقول آمبن: لقد كنت مهتماً حقاً فى الانضمام إلى الشركة التى لها تأثير على حياة المجتمع، ويمكن أن يكون الأشخاص من المشاهير أو الأفراد هم من يقومون بنشر رسائل صحيحة فى الوقت المناسب، “جوجل” هى خوارزمية، أما “تويتر” فهو انتصار الناس.
وكان الانتصار الأخير الذى يمكن احتسابه لصالح الأشخاص عن طريق تويتر عبر الناشطين الاجتماعيين الذين استخدموا موقع التواصل الاجتماعى لتسليط الضوء على محنة اللاجئين السوريين.
ففى أغسطس، قام صحفى إيسلندى فى بيروت بنشر تغريدة عن صورة أب يحمل ابنته النائمة على كتفه، ويقوم ببيع الأقلام متجولاً فى وسط الطريق.
واستخدم الصحفى وسم “buypens”، وأدى ذلك إلى مساهمة الأشخاص من جميع أنحاء العالم بتبرعاتهم لمساعدته ومساعدة عائلته.
وبالتأكيد، لم يكن تأثير تويتر على الأحداث السياسية فى الشرق إيجابياً تماماً، حيث استغل أعضاء تنظيم داعش المتطرف الموقع، واستخدموه لتجنيد المقاتلين والنساء الأجانب من الدول الغربية.
ويقول ماركوس ميسنر، الأستاذ المشارك فى جامعة فرجينيا كومنولث، المتخصص فى وسائل الإعلام الاجتماعى: يمكن أن تستخدم وسائل الإعلام الاجتماعى أيضاً من قبل مجموعات وتنظيمات إرهابية كتنظيم داعش، والذى ينبغى على أن أعترف بأنه يملك استراتيجية متطورة جداً فيما يتعلق بوسائل الإعلام الاجتماعية.
ويضيف: ولكننا لا نلاحظ هذا الأمر فقط فى الشرق الأوسط فقط، حيث نلاحظه أيضاً فى جميع أنحاء أوروبا الآن من خلال الجماعات اليمينية المتطرفة التى تنشر الكراهية ضد اللاجئين القادمين إلى الشواطئ.
ورفض آمبن الحديث عن سياسته ضد تنظيم داعش، وعلى الرغم من أن تويتر يمنع الترويج للتهديدات وأعمال العنف، ورغم أنه حذف الحسابات المرتبطة بالتنظيم، إلا أن الموقع يعتمد بشكل كبير على أعضائه لتقديم تقارير حول التغريدات والمنشورات والحسابات المسيئة.
وخارج نطاق التغريدات الجديرة بالاهتمام والتى تتصدر العناوين، فإن تركيز آمبن ينصب على المحتوى الذى يجذب الجهات المعلنة.
ويقول آمبن: رأينا أن هناك اهتماماً كبيراً بشهر رمضان حيث شهدنا أكثر من 8.4 مليار تغريدة ذكر فيها شهر رمضان.
وفى دول الخليج، بعض التغريدات الأكثر شعبية تتضمن ذكر كرة القدم ومغنيى البوب.
ومثال آخر على الموضوعات الأكثر تداولاً عبر تويتر، موضوع موسم الحج، الذى كان فى سبتمبر الماضى ومن خلال خاصية الموقع الأخيرة “Periscope” نشرت قناة روتانا لقطات من الحج لمتابعيهم الـ822 ألف على حسابها “Khalejiatv”.
وقد أطلق تطبيق “Periscope” للقطات الفيديو الحية فى شهر مارس الماضى، وهو مكمل لخدمة Vine لمشاركة لقطات الفيديو.
ويقول آمبن: اللحظة التى يحدث فيها أمر فى العالم، تحصل عادة عبر “تويتر”، وهذا هو الجانب القوى بالنسبة للموقع، وبالقوة نفسها سيتم تحويل التغريدات إلى إيرادات.