هناك أُناس عندما يتحدثون يجب أن تنتبه إلى حديثهم حتى ولو كنت مختلفاً معهم أو عليهم.. مِن هؤلاء، رجل الأعمال نجيب ساويرس، هذا الرجل الذى صنع لنفسه مساحة من الاهتمام فى جميع المجالات والقطاعات.. هو مصدر اهتمام للقطاع الاقتصادى وكذلك فى السياسة والاتصالات والإعلام، وحتى الرياضة أصبح له شأن بها.. والرجل بحكم ذكائه وما حققه من نجاحات أصبح واحداً ممن يشار إليهم بالبنان.. وبالطبع ليس كل من يشار له بالبنان عظيم ولكنه مؤثر فى مجتمعه.. وقبل نهاية 2015 أطلق «ساويرس» العديد من الصواريخ الهجومية والدفاعية فى السياسة والاقتصاد.. فالرجل أراد أن يدخل عام 2016 وهو يفرض سيطرته على سوق المال بسعيه للاستحواذ على البنك الاستثمارى «سى آى كابيتال» ليقترب من تحقيق حلمه فى أن يكون له بنك تجارى ليقف على حافة المنافسة مع أكبر بنك استثمارى إقليمى «هيرميس» ليقلب موازين السوق بصفقته هذه.
وفى السياسة ومنذ يومين خص «ساويرس» «اليوم السابع» كعادته بحوار سياسى.. أعلن فيه رفضه لائتلاف دعم الدولة فى البرلمان الذى يدعو إليه زعيم كتلة «فى حب مصر» اللواء سامح سيف اليزل.. فـ«ساويرس» يرى أن هذا الائتلاف موجه وليس ائتلافاً سياسياً حر وأن «السيسى» لا يحتاج لمن يدعمه فى البرلمان لأن شعبيته كبيرة.. ودور البرلمانى أن يوجه الدولة وسياساتها لا أن يكون تابعاً لسلطاتها.. ومن الواضح أن «ساويرس» يسعى من خلال حزبه «المصريين الأحرار» أن يصنع لنفسه تياراً سياسياً ليبرالياً.. بمعنى أدق يريد «ساويرس» أن يكون «المصريين الأحرار» وريث حزب الوفد الذى يراه الجميع يحتضر سياسياً.. وهذا مكمن الخلاف بين السيد البدوى، رئيس حزب الوفد و«ساويرس».. حيث سعى «ساويرس» منذ فترة وفقاً لروايات وفدية أن يدخل حزب الوفد وتحديداً فى الهيئة العليا للحزب ووعد بضخ أموال كبيرة لدعم الحزب وأن من توسط له فى ذلك رجل الأعمال صلاح دياب، أحد كوادر «الوفد» ولكن لم يوافق «البدوى» على ذلك لأنه يعلم أن «ساويرس» إذا دخل الحزب فإن عينه على كرسى رئيس الحزب لا محالة.
ومن الحوار أيضاً، أظهر «ساويرس» عدم معارضته للرئيس «السيسى» وأنه لا يرغب فى تغيير الحكومة الحالية الآن.. ولكن من الواضح من سياق إجاباته فى الحوار أن هناك مشاكل بين «ساويرس» وبعض الأجهزة -لا أعلم إن كانت أمنية أم سيادية- تقف ضد طموحاته وتحديداً السياسية، فعندما قال «ساويرس» إن حزبه يستهدف 100 مقعد فى البرلمان، من الواضح أنه قد اقترب من ذلك بدليل حصوله على 65 مقعداً، ولذلك هو يهاجم بعض الجهات التى أعاقت حزبه عن الوصول للرقم 100 مقعد.
ولكن هذا الطموح السياسى فى بلدنا قد يكون أصعب من الطموح الاقتصادى.. فهناك من يساعدك فى أن تكون اقتصادياً ناجحاً ولكنه لا يرضى أن تكون أيضاً سياسياً ناجحاً، لأن السياسة تعنى الحكم.. ومن ثم فقد يكون هذا الطموح السياسى لساويرس له مخاطره على «إمبراطورية ساويرس».. وإن كان هذا الطموح مشروعاً فى أوروبا والدول المتقدمة.
أعتقد أن «ساويرس» فى هذا الحوار أجاب عن تساؤلات عديدة وكشف عن أفكاره التى نتفق عليها أو نختلف.. فهو شخصية تتحدث بجرأة يُحسد عليها بالمقارنة بغيره من رجال أعمال لا تسمع لهم صوتاً ولا تجد لهم أية مواقف سوى إما الدفاع عن مصالحهم أو البحث عن مكان فى طابور دعم النظام.
وهذا هو الفرق عندما يكون المال فى يد «برجوازى انفتاحى» وفى أن يكون المال فى يد واحد متعلم ومتنور.