«عمر»: تقارب الخسائر يوّلد مشاعر القهر التى تنعكس فى قرارات غير مدروسة
«شرف»: الخسائر الفادحة تؤدى لحالات اكتئاب تتسبب فى قرارات بيع عشوائية
«سلامة»: الشعور بالانهزامية وراء تراجع قيم التداولات
«الأعصر»: التربص بارتفاعات الأسهم يقتل محاولات الارتداد
«النمر»: استمرار تراجع البورصات يحرم EGX30 من الارتداد
قبل الحديث عن مستهدفات السوق، وتقييم قسوة التراجعات، تتجلى ضرورة الالتفات إلى الطبيعة البشرية لمستثمرى البورصة، والتى تتحكم فى سلوكهم وتصرفاتهم، ومن ثم حركة المؤشرات والأسهم.
وأجرت «البورصة» دراسة مع مجموعة من خبراء علم النفس لتقييم سلوك المستثمرين فى السوق فى ظل أزمات السوق العنيفة الممتدة منذ العام 2008، والتى انتهت إلى انهيار دوافع اتخاذ القرار المدروس من قبل المتعاملين، ومن ثم تستمر التوقعات بتخبط أداء السوق واستمرار التراجعات خلال الأسبوع الجارى.
وقال الدكتور عبدالرحمن عمر، أستاذ الطب النفسى لـ«البورصة»، إن فئة من البشر لا يقدرون على تحمل تساقط طموحاتهم بسرعة دون مقدرة على تغيير الواقع، ما يمكن تفسيره بهالات البيع الهيستيرى للأسهم بمستويات سعرية متدنية، إذ إنها تعبر عن فقدان الاتصال بين العقل والتصرفات.
وأضاف أن النفس البشرية عندما تتعرض لضغوط سلبية تفرق بين اعتبارين مهمين، إمّا أن تعتبر وجودها فى المشكلة أمراً مفروضاً عليها ولا محيص من مواجهتها، وليس بإمكانها تغييره، ما ينعكس فى قرارات غير مدروسة، وعشوائية.
وقال إن الاعتبار الآخر يتمثل فى إداركه أن الضغوط أمر من اختياره، وبإمكانه الانسحاب منها وقتما يريد، ما يقوده إلى التأنى فى القرار، واتخاذه وفقاً لعدة اعتبارات وأسس مختلفة.
وبتطبيق ما سبق على تعاملات البورصة، نجد أن الاعتبار الأول يقع فيه غالبية المستثمرين بعد تكبد استثماراتهم خسائر فادحة، ومن ثم أصبح غير قادر على الخروج من السوق قبل تعويض أي اجزاء من امواله، ما يتجلى فى قرارات بيع أو شراء غير مدروسة.
الاعتبار الآخر، هو شعور المستثمر بأن وجوده فى البورصة هو موقف يمكن الانسحاب منه فى أى وقت والتى غالباً ما تكون فى حالات تحقيق أرباح أو خسائر محدودة نسبياً، ويظهر ذلك فى القدرة على تقبل التقلبات العنيفة واتخاذ قرارات سلبية.
وتشير دراسات علم المالية السلوكية «behavioral finance»، إلى أن قرارات المستثمرين تختلف من خلال التأثيرات والعوامل النفسية والعاطفية التى تنتابهم فى لحظة اتخاذ القرار.
فيما رفض الدكتور أيمن شرف، أستاذ دراسات علم النفس الاقتصادي، نظرية تعامل المستثمرين فى البورصة بعقولهم الموضوعية التحليلية دون تدخل من الجانب النفسي، وقال لـ«البورصة»، إن الهبوط الحاد فى حجم الاستثمارات يقود كبار المتعاملين إلى حالات اكتئاب، ومن ثم اضطراب قراراتهم فى البيع والشراء نظراً لضعف معدلات الثبات الانفعالى التى تعبر عن القدرة على التريث فى قرارات الازمة واتخاذها وفقاً لأسس منطقية.
وفسّر الدكتور ايمن سلامة، استاذ الطب النفسى تراجعات قيم التداول فى البورصة المصرية منذ الازمة المالية العالمية حتى تعاملات الخميس الماضى الى مشاعر الانهزامية فى النفس البشرية والتى تنعكس فى رفض الواقع وتكوين من يسمى «الحاجز النفسى بين الشخص وذكريات هزيمة طموحاته».
وأَضاف أن رحلة انعدام الثقة لدى المستثمرين تؤدى الى قيام اصحاب رؤوس الأموال الخائفين بسحب اموالهم من الأسواق ومن ثم انهيار فى اسعار الأسهم، وانخفاض حاد فى السوق.
وتابع لـ«البورصة»، «الفشل يوّلد الاكتئاب ينعكس على كل التصرفات الحياتية التى لا علاقة لها بالمشكلة».
وفى مايو من العام 2015، القى أحد المستثمرين فى البورصة نفسه امام قطار المترو بمحطة غمرة، ما أودى بحياته بعدما تكبدت محفظته فى البورصة خسائر فادحة.
وقال محمد الأعصر مدير التحليل الفنى بشركة الوطنى كابيتال للسمسرة فى الأوراق المالية، إن التصرف الفطرى المفاجئ للمستثمرين يدفعهم للتربص بارتفاعات الأسهم خلال الأسبوع الجارى، وذلك لاستغلال اى ارتفاعات فى التخلص من ما بقى من الأسهم فى محافظهم.
وشدد على أن كسر مستوى 6100 نقطة أحدث هزة عنيفة فى ثقة المتعاملين فى البورصة المصرية، إذ إنه يمثل خط الاتجاه الإيجابي، واستدل على رؤيته بسرعة وتيرة تراجعات المؤشرات والأسهم بعد كسر 6100 نقطة، حيث سقط المؤشر الثلاثينى إلى 5850 نقطة فى ساعتين فقط، هو الامر غير المتوقع.
وتفاءل الأعصر بقدرة السوق على التماسك بين مستويات 5700 نقطة، و6100 نقطة خلال تعاملات الاسبوع الجارى، لكن السوق يبدو مرشحاً لمزيد من التراجعات خلال الربع الأول من 2016.
رهن إبراهيم النمر، مدير التحليل الفنى بشركة نعيم للوساطة فى الأوراق المالية، مستقبل تعاملات البورصة المصرية فى الأسبوع الجديد بتحركات الأسواق العالمية التى عصف أداؤها السيئ بالبورصة المصرية أمس.
وأوضح أن تراجعات السوق المصرى وصلت به لمستويات حرجة عند منطقة 5800 نقطة، ما يرجح احتمالية ارتداده خلال تعاملات الأسبوع الجديد، إلا أن ارتباك حركة الأسواق العالمية خلال تعاملات الجمعة واستمرار الأداء السلبى ربما يدخل بالسوق المصرى فى دوامة من التراجعات.
وحددت وحدة البحوث ببنك الاستثمار برايم القابضة مستويات دعوم المؤشر الرئيسى 5800 نقطة، ثم 5500 نقطة تباعاً، وأضافت عبر ورقة بحثية أنه بالرغم من الانخفاض الحاد فى اسعار الاسهم، فإن مخاطر الشراء تبدو مرتفعة لمستثمر قصير الأجل.
وسجل مؤشر الشركات الصغيرة والمتوسطة مزيداً من الخسائر فى تعاملات الخميس التى سجل فيها قاعاً تاريخياً جديداً عند 335 نقطة، وعلّقت «برايم» قائلة: «مؤشر التذبذب أعلى مستوى 80 بالخريطة الاسبوعية مما يشير الى ارتفاع مـخـاطـر الشـراء لمستثمر قصير الاجل، وبالفعل اغلق المؤشر على تراجع حاد بنسبة 6.12%».
انهارت الاسواق الامريكية والاوروبية فى تعاملات الجمعة، إذ خسر النفط 6% وبلغ مستويات 29 دولاراً للبرميل ليدفع بورصات أمريكا لتراجعات قوية تصدرها مؤشر ناسداك بنسبة 3% ليصل لمستوى 447 نقطة.
وانخفض مؤشر داو جونز 30 أسفل متسويات 16000 نقطة للمرة الأولى منذ اغسطس الماضى ليصل لمستويات 15960 نقطة قبيل ختام تداولات الجمعة فاقداً 415 نقطة بنسبة هبوط 2.5%، وامتدت التراجعات لمؤشر ستاندرد آند بورز بعد أن خسر 2.4% مسجلاً 1875 نقطة.
وعلى صعيد الأسهم الأوروبية فقد منيت بتراجعات قاسية، وجاء مؤشر كاك 40 الفرنسى بخسارة 2.38%، و2% لـ«فوتسى 100» البريطاني.
وقال أشرف سالمان، وزير الاستثمار تعليقاً على تراجعات البورصة المصرية انها نتيجة طبيعية لتراجع البورصات العالمية، بينما لا تعكس البورصة المصرية الوضع الاقتصادى.
وذكر ان البورصة المصرية مرآة مضللة ولا تعكس مستقبل الاقتصاد المصرى، نظراً لضعف تمثيل الشركات المقيدة فى السوق.
فقد المؤشر الرئيسى للبورصة نحو 1065 نقطة تعادل نحو 15.38%، فيما تكبدت الأسهم خسائر أسبوعية تقدر بنحو 44.95 مليار جنيه.
هبط مؤشر «إيجى إكس 70» للأسهم الصغيرة والمتوسطة بنسبة 12.58% خاسراً نحو 48 نقطة، بعدما وصل إلى مستوى 336 نقطة، مقابل نحو 384 نقطة لدى إغلاق الأسبوع السابق.
وفقد مؤشر «إيجى إكس 100» الأوسع نطاقاً نحو 93 نقطة بنسبة 11.85%، بعدما وصل إلى مستوى 694 نقطة منخفضاً من مستوى 787 نقطة فى إغلاق الأسبوع السابق.
وعلى صعيد جنسيات المستثمرين، سجلت تعاملات الأجانب والعرب على الأسهم صافى بيعى بـ208.9 ملايين جنيه و86.2 مليون جنيه على التوالي، فيما اتجهت تعاملات المصريين على الأسهم للشراء بصافى شرائى بلغ 295.1 مليون جنيه.
