صادق: قرارات البنك المركزي وفرت الدولار بالبنوك بمعدلات ملحوظة
حسن: استبعد عمليات استحواذ جديدة بالقطاع المصرفى لغياب شهية المستثمرين
مصرفيون: 2016 حصاد لنتائج قرارات المركزى والحكومة خلال العام الماضى
الزاهد: الاستثمار المباشر نشاط تكميلى وليس الهدف الإنتاجى من العمل المصرفى التجارى
تلقى القطاع المصرفي فى بداية العام الجديد عدة مفاجآت من البنك المركزي ستؤثر على الكثير من الخطط التى وضعتها البنوك فى وقت سابق لهذا العام.
ولم تكد تمر 6 أيام من 2016 حتى فوجئت البنوك بأن عليها إعادة حساباتها فيما يتعلق بإقراض كبار العملاء وعملاء قطاع التجزئة معا على السواء. كما يتعين عليها أن تبدأ عملية تكيف مع التعليمات الجديدة، والتى تلزمها بإنشاء إدارة متخصصة لعملاء الشركات الصغيرة والمتوسطة، وهو إجراء قد يرفع التكاليف الإدارية لدى الكثير من البنوك فى 2016.
وتشمل عملية التكيف التى يبدو أنها بدأت فعليا تدعيم القواعد الرأسمالية لتعزيز قدرتها على إقراض كبار العملاء، وتعزيز محافظها التمويلية للمنشآت الصغيرة والمتوسطة إضافة إلى تقليص استثماراتها فى صناديق النقد والدخل الثابت بحيث لا تزيد على 2.5% من ودائعها، وتقليص إيراداتها المستهدفة من قطاع التجزئة الذى قلص البنك المركزي قدرة عملائه على الاقتراض بشدة.
اعتباراً من بداية الشهر الجارى وسيتعين على البنوك أن تبدأ عملية تكيف ما يمكن أن يصبح فى النهاية عاماً حافلاً مؤشرات القطاع المصرفى على كل المستويات خلال عام 2015 توقعات المحللون الماليين وقيادات البنوك لاعتبار العام الجديد 2016 استكمالاً لما حدث بالشهور الأخيرة من العام الماضى، متفقين على أن الفترة المقبلة تشمل على تفصيلات أكثر دقة مستبعدين الوصول لحلول وتطورات جذرية ملحوظة على المدى القريب بمختلف الملفات الشائكة بالقطاع المصرفى والمرتبطة بالاقتصاد ككل.
وبلغت إجمالى قروض القطاع المصرفى 142.3 مليار جنيه خلال التسعة شهور الأولى من العام الماضى لتصل إلى 767.29 مليار جنيه مقابل 624.9 مليار جنيه بنهاية ديسمبر 2014.
ويرى محللون وقيادات بنكية ان معدلات نمو القطاع المصرفى مستمرة دون حدوث تغيرات جذرية أو طفرات غير متوقعة مشيرين إلى أن التحدى الأكبر الذى يستمر فى مواجة البنوك خلال العام الجارى هو تدبير الدولار لتقوية مراكز العملة وتلبية احتياجات العملاء والمستوردين خاصة بعد أن عدل البنك المركزى آلية تخصيص الدولار فى ديسمبر 2015 لمشاركتهم له مسئولية تدبير العملة.
وربط البنك المركزى المعايير الجديدة بين حصة البنك فى العطاء الدولارى وبين قدرته على توفير نقد أجنبى من مصادر أخرى، وتشمل المعايير التسهيلات الائتمانية، التى يقدمها البنك بالعملة الاجنبية للعملاء لتوفير احتياجاتهم من النقد الأجنبى، وعدد العملاء الذين يغطى البنك احتياجاتهم من النقد الأجنبى خاصة صغار العملاء، ومدى مرونة البنك فى تلبية طلبات عملائه من النقد الأجنبى عن طريق فتح مراكز العملة فى الحدود المصرح بها.
ورصد مصرفيون ومحللون ماليون 5 بنود لرسم خريطة القطاع المصرفى خلال العام الجارى وفقا للمؤشرات السابقة وخطط البنوك التوسعية المستقبلية.
هل يشهد القطاع المصرفى عمليات استحواذ جديدة؟
على الرغم من حدوث 3 عمليات استحواذ بالقطاع المصرفى المصرى خلال العامين الماضيين فإن توقعات تجددها انخفضت خلال العام الجارى لاستمرار انخفاض التقيمات الدفترية للبنوك، فى حين اقتصرت التوقعات على عمليات استحواذ جزئى خاصة لمحافظ التجزئة المصرفية على غرار صفقة استحواذ التجارى الدولى على محفظة تمويلات الأفراد بسيتى بنك بعد إعلان الأخير تخارجة الجزئى من مصر.
واستحوذ بنك قطر الوطنى الأهلى على سوسيتيه جنرال الفرنسى فى مارس 2013 بقيمة 16.6 مليار جنيه، كما استحوذ بنك الإمارات دبى الوطنى فى نفس العام على بنك بى ان بى باريبا الفرنسى بقيمة 500 مليون جنيه وأقتصر عام 2016 على استحواذ الأهلى الكويتى على بنك بيريوس اليونانى بقيمة 150 مليون دولار.
واستبعد ياسر إسماعيل حسن، العضو المنتدب لبنك الكويت الوطنى حدوث عمليات استحواذ جديدة داخل القطاع المصرفى خلال العام الجارى نتيجة غياب شهية المستثمرين الأجانب تجاه مصر الفترة الأخيرة، لافتا إلى أن القطاع المصرفى مرآة للاقتصاد.
ويرى إسماعيل أن معدلات نمو القطاع المصرفى مستقرة، وتدور فى وتيرة واحدة، وهو ما يحد من جاذبية القطاع الفترة المقبلة.
فى حين قال محمد الشريف، الرئيس التنفيذى لشركة لوجيك مانجمنت للاستشارات Logic Management إن الجهاز المصرفى ما زال جاذباً لحدوث عمليات استحواذ جديدة حتى ولو كانت جزئية مثلها بقطاع التجزئة لارتفاع فرص نمو ذلك القطاع مقارنة بغيره للزيادة المستمرة فى أعداد الأفراد لا سيما وأن عدد المتعاملين مع البنوك لا يتجاوز 12% من إجمالى المواطنين المؤهلين للتعامل مع البنوك.
أكد أن عملية الاستحواذ على بنك مصرى تستند إلى عاملين مهمين، هما البنية التحتية وعدد فروع البنك المستحوذ عليه محليا.
قال رامى العرابى، محلل اقتصادى فى مباشر إن الجهاز المصرفى من القطاعات الجاذبة للاستثمار الأجنبى ولعمليات الاستحواذات فى 2016 فى قطاع التجزئة المصرفية بشكل خاص.
أوضح أن فرص نمو قطاع التجزئة يتمثل 10% فقط من السكان فى مصر داخل القطاع المصرفى ما يعنى فرصا أكبر لرفع معدلات الشمول المالى وإتاحة الخدمات والمنتجات المصرفية لعدد أكبر الفترات المقبلة.
واستبعد العرابى وجود صفقات استحواذ من قبل بنوك خليجية على بنوك مصرية أو حتى فى محافظ التجزئة أو تمويل الشركات نتيجة المشاكل التى تواجهها معظم دول الخليج اقتصاديا عقب استمرار تراجع اسعار النفط عالميا، والتى أثرت سلبا على حجم ميزانياتها العامة.
وقالت مؤسسة “فيتش” للتصنيف الائتمانى، نهاية العام الماضى فى تقرير لها إن انخفاض أسعار النفط سيواصل الضغط على التصنيفات السيادية للدول المصدرة للنفط فى 2016.
من جانبه، قال عمرو حسنين، الخبير الاقتصادى ورئيس مجلس إدارة شركة الشرق الأوسط للتصنيف الائتمانى إنه من الوارد أن يشهد الاقتصاد المصرى بكل قطاعاته ومنها الجهاز المصرفى مزيد من صفقات الاستحواذ خلال 2016 نظرا لاستغلال فرصة تراجع تقييمات البنوك.
وأشار إلى انخفاض أسعار العملة المحلية واستمرار ارتفاع أسعار الدولار عالميا أهم أسباب أنخفاض القيمة الدفترية للمؤسسات المالية بمصر خلال العامين الماضيين.
وقالت سهر الدماطى، نائب العضو المنتدب لبنك الإمارات دبى الوطنى أنه لا توجد فرص واضحة للاستحواذ على بنوك خلال العام الجارى، مشيرة إلى أن القطاع المصرفى ما زال جاذبا للمستثمرين لارتفاع فرص نموه.
وأضافت الدماطى أن البنك الأم بالإمارات يراقب عن قرب فرص جديدة للاستحواذ خاصة الجزئى من خلال شراء محافظ التجزئة المصرفية مدللة على ذلك بمنافسة بنك الإمارات دبى الوطنى من قبل على شراء محفظة سيتى بنك للتجزئة المصرفية.
أشارت الدماطى إلى أن البنوك حققت أرباحا خلال العامين الماضيين، لذا تستبعد عرض بنوك للتخارج من السوق المصرى حاليا، على الرغم من وجود بنوك عالمية قلصت انشطتها بمصر مثل بنك إتش إس بى سى، ولكن هذه سياسيات خاصة بهم تم تطبيقها فى كل فروع العالم وغير مرتبطة بالأوضاع الداخلية بمصر.
ترجيحات باستمرار نمو الطلب على القروض الدولارية
توقع مصرفيون استمرار الطلب على القروض الدولارية خلال العام المقبل، نظراً لاستكمال تنفيذ المشروعات التى تم الإعلان عنها العام الماضى.
وبلغت إجمالى القروض الأجنبية 57.122 مليار جنيه خلال التسعة شهور الأولى من العام الجارى، لتصل إلى 250.378 مقابل 193.25 مليار جنيه بنهاية 2014 وفقاً لأحدث بيانات البنك المركزي.
قال تامر صادق، رئيس قطاع الدعم التسويقى وتطوير الأعمال ببنك مصر إن الفترة المقبلة ستشهد طلباً على الاقتراض بالعملة الدولارية لتمويل المشروعات العملاقة، التى تحتاج لمعدات وآلات يتم استيرادها من الخارج.
وأوضح صادق أن البنوك لديها سيولة دولارية تؤهلها لتمويل كل القطاعات بشرط وجود دراسة جدوى تحفز البنوك على التمويل دون مخاطرة.
تابع صادق أن البنوك قامت خلال الفترة الماضية برفع العائد على الشهادات الدولارية بهدف تشجيع الادخار متوسط وطويل الاجل لمقابلة الطلب على التمويل بالدولار فى المشروعات الجديدة والتى اسفر عنها المؤتمر الاقتصادى ويتوقع أن يتم البدء فى تنفيذها قريباً.
لفت صادق إلى أن الاقتراض لتمويل المشروعات الاستثمارية أوالتوسع فى المشروعات القائمة يكون متوسطا أو طويل الأجل.
أكد صادق أن السيولة الدولارية بالبنوك تشهد زيادة متوالية بعد نجاح قرارات المركزى فى القضاء على السوق الموازية، وهو ما انعكس بشكل كبير فى تقليص الفجوة إلى اقصى وتراجع كبير فى قائمة الانتظار لتصل إلى ادنى مستوى لها حالياً.
وقال مسئول فى بنك الكويت الوطنى – مصر إنه يتوقع استمرار ارتفاع الطلبات من قبل العملاء على الأقتراض بالعملة الأجنبية فى 2016.
أضاف لـ”البورصة”: أن التوسع فى ضخ استثمارات جديدة خاصة فى مشروعات الطاقة الجديدة والمتجددة يضغط على طلبات الدولار.
أوضح أن البنوك ستلجأ للتوسع فى المشاركة بالقروض المشتركة مع بنوك ومؤسسات مالية أجنبية وعالمية أخرى لتغطية العجز فى تمويلات المكون الأجنبى، وتقوم البنوك المحلية بتغطية شرائح القروض بالعملة الأجنبية.
قال حسام راجح، رئيس قطاع مخاطر الائتمان بأحد البنوك الأجنبية أن 2016 سيشهد مزيداً من الطلب على التمويلات الدولارية، وهو ما سيدفع البنوك لترتيب عدد من التمويلات المشتركة بالدولار، معتبراً أن عودة الاستقرار تدريجياً ونمو التدفقات المرتقبة لمختلف القطاعات حفز الشركات على طلب الائتمان مرة أخرى.
أشار راجح إلى أن نقص الموارد الدولارية المتاحة فى السوق المحلية، دفع البنوك لدراسة إطلاق منتجات لجذب سيولة دولارية جديدة تدعم موقفها المالى، مشيراً إلى أن بعض البنوك لجأت إلى استحداث أوعية ادخارية جديدة بالدولار لتلبية احتياجات العملاء الذين يأخذون طابعا خاصا، فيما قام البعض الآخر بتجديد خصائص ومزايا منتجات متاحة لديها أو تجديد آجالها الزمنية ومن متوسطة لطويلة الأجل.
ومنحت البنوك العام الماضى أكبر صفقات تمويل لقطاع البترول أحدثها بقيمة 10 مليارات جنيه من خلال تحالفاً مصرفياً يضم 10 بنوك، ويقوده البنك الأهلى المصرى الذى وافق على ضمانة وزارة الكهرباء لتدبير تمويل بقيمة 10 مليارات جنيه لصالح الهيئة العامة للبترول، وذلك عقب رفض وزارة المالية منح الضمانة للقرض.
ويتكون التحالف المرتب للقرض من بنوك “الأهلى، مصر، القاهرة، العربى الأفريقى، قطر الوطنى، التجارى الدولى، عودة، الأهلى المتحد، العربى، أبوظبى الوطنى”.
قال طاهر الخولى، مدير القروض المشتركة بالبنك الأهلى إن زيادة الطلب على القروض الدولارية خلال عام 2016، مرهون بحجم المشروعات المتاحة أمام البنوك، والتى تتطلب تدبير سيولة دولارية لتمويلها.
أضاف أن هناك قواعد ملتزمة البنوك بتطبيقها لمنح الشركات قروض دولارية، ولم تتوقف البنوك خلال عام 2015، عن تدبير أى سيولة دولارية لأى شركة خاصة شركات الطاقة والبترول.
أشار الخولى إلى أن البنوك دبرت السيولة الدولارية المطلوبة لقطاعات الطاقة خلال العام الماضى، وتدرس تمويلات جديدة لقطاعات مختلفة، متوقعا ان تستحوذ شركات الطاقة الجديدة والمتجدد على شريحة كبرى من التمويلات الدولارية خلال عام 2016.
وتوقع محمود السقا، رئيس قطاع الأئتمان بالبنك العربى الأفريقى الدولى ان تواصل البنوك معدلات ضخ القروض الدولارية خلال عام 2016، بنفس معدلات العام السابق، مشيرا إلى أن ضوابط البنك المركزى الأخيرة بشأن ترشيد الاستيراد تساهم فى توفير سيولة دولارية للبنوك يتم توجيها لتمويل المشروعات الكبرى.
%20 متوسط نمو القطاع المصرفى المستهدف خلال 2016
وتواجه البنوك تحديات كبرى فى تحقيق معدلات نمو ملحوظة سواء على مستوى الربحية بشكل عام أو المحافظ الائتمانية، وذلك عقب التعليمات المشددة التى أصدرها المركزى مطلع العام الجارى لإعادة هيكلة توظيفات البنوك، وأبرزها تحقيق الحد الإئتمانى لعملاء الأفراد إلى 35% من إجمالى الدخل الشهرى، فضلاً عن إلزام البنوك بتدشين إدارات جيدة خاصة بتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة والمتناهية الصغر وهو ما يحمل البنوك أعباء تشغيل جديدة خلال العام الجارى.
توقع أحمد إسماعيل، الرئيس التنفيذى لبنك أبوظبى الوطنى مصر أن يتراوح متوسط النمو للجهاز المصرفى 20% خلال العام الجارى.
اضاف لـ”البورصة”: إن الجهاز المصرفى بمصر من القطاعات القوية فى الاقتصاد المصرى، واستطاعت ان تجتاز صعاباً كثيرة خلال الأربع سنوات، مشيرا إلى نتائج اعمال البنوك والأرباح المحققة تعكس مدى صلابة مراكزها المالية.
اوضح اسماعيل أن فرع البنك بمصر من افضل الفروع المنتشرة على مستوى العالم، وان معدل نمو البنك فى تمويلات الأفراد العام الماضى بلغ 20%.
وتوقعت سهر الدماطى نائب العضو المنتدب لبنك الإمارات دبى الوطنى ان يحقق القطاع المصرفى معدلات نمو قوية على مستوى الأرباح قريبة من معدلات العام الماضى، التى تجاوزت 40% فى بعض البنوك.
فى حين توقع ياسر إسماعيل، حسن العضو المنتدب لبنك الكويت الوطنى – مصر ألا تتجاوز معدلات نمو القطاع المصرفى 10% خلال العام الجارى
“عام التمويل” شعار استراتيجيات البنوك التوسعية فى 2016
تستهدف بعض البنوك الانسحاب التدريجى من الاستثمارات المباشرة التى التركيز على العمليات المصرفية التجارية التى تتمثل فى التمويل ومختلف أشكاله مقابل انتفى الغرض منها.
قال منير الزاهد، رئيس مجلس إدارة بنك القاهرة إن البنك يسعى للتركيز على العمليات المصرفية التجارية خلال العام الجارى، مشيرا إلى أن هناك فرصة كبيرة للنمو أمام البنك فى هذا النشاط.
وأضاف الزاهد أن الاستثمار المباشر نشاط تكميلى، وليس الهدف الأساسى من العمل المصرفى، لافتاً إلى أن البنك يدرس جميع الفرص الجيدة حال توافرها.
ويرى مصرفيون أن اتجاه البنوك التجارية فى مصر للتخارج من الاستثمارات المباشرة فى المشروعات، ناتج عن توجه عام لديهم للاهتمام بالأدوات والعمليات التجارية المصرفية خلال 2016، وقالوا إن الاستثمارات المباشرة لا تمثل الدور الأساسى للبنوك العاملة فى القطاع المصرفى، وأن العمليات التجارية المصرفية هى أساس القطاع المصرفى.
وتعد حوافز البنك المركزى بشان التوسع فى تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة والمتناهية الصغر بالإضافة إلى ضوابط إعادة هيكلة توظيفات السيولة بالبنوك أحد أهم الدوافع لتوسعات البنوك فى التمويل لمختلف الشرائح خلال العام الجارى.