ترى جانيت يلين، رئيس الاحتياطى الفيدرالي، وغيرها من المسئولين الأمريكيين، أنه ينبغى رفع سعر الفائدة مع استمرار نمو فرص العمل والتى تحول دون ارتفاع معدل التضخم.
وتوحى الانتعاشة القوية التى أظهرتها بيانات الوظائف الأمريكية عن شهر يناير الماضى، بما فى ذلك نمو الأجور بوتيرة متزايدة، بأن لجنة صنع السياسة فى بنك الاحتياطى الفيدرالى لا يزال بإمكانها رفع أسعار الفائدة فى أقرب وقت خلال اجتماعها فى مارس القادم.
وقالت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية، إن التباين بين أداء المؤشرات الاقتصادية ما بين تحسن صحة سوق العمل وضعف المؤشرات الأخرى يشكل تحدياً أمام الاحتياطى الفيدرالى لرفع الفائدة.
وربما يراهن الاحتياطى الفيدرالى على عدة معطيات، لرفع الفائدة، من بينها أن التضخم لا يزال منخفضاً، وأن تأثير تباطؤ النمو العالمى والمشاكل الاقتصادية والتقلبات العالمية غير واضحة على الاقتصاد الأمريكي.
ولكن إذا مضى الاحتياطى الفيدرالى قدماً تجاه تلك الخطوة، فإنه يمكن أن يقوض الاقتصاد، خاصة أن الأمور على ما يرام بالنسبة للغالبية العظمى من الأمريكيين.
ووجه جاريد بيرنشتاين، الخبير الاقتصادى فى مركز الميزانية وأولويات السياسة وشغل فى السابق منصب كبير المستشارين الاقتصاديين لنائب الرئيس الأمريكى جو بايدن، رسالة للاحتياطى الفيدرالى تفيد بضرورة رعاية التسارع الذى طال انتظاره فى الأجور، وأضاف: «إذا كنا نريد من الناس العمل على الاستفادة من هذا التوسع، فإن آخر شيء للقيام به هو كبح هذا التوسع، خصوصاً فى ظل غياب الضغوط التضخمية».
وأوضحت جانيت يلين، أن الاحتياطى الفيدرالى يخطط لرفع أسعار الفائدة تدريجياً، والحد من محفزاته السابقة، لأن الاقتصاد لم يعد بحاجة الى أى مساعدة على حد قولها.
وسوف تتحدث يلين علناً، للمرة الأولى منذ رفع أسعار الفائدة فى ديمسبر الماضي، يوم الأربعاء القادم لتوضيح موقفها أمام لجنة الخدمات المالية فى مجلس النواب الأمريكي.
وفى الشهرين اللذين أعقبا تلك الزيادة، تدهورت التوقعات الاقتصادية، وتأزمت الأوضاع المالية واكتسب الدولار بعض القوة، ما ألقى بثقله على المصدرين الأمريكيين، فضلاً عن تأخير أى انتعاش فى معدل التضخم.
ومع ذلك، عكس تقرير الوظائف عن يناير الماضي، نقاط قوة كبيرة فى أجزاء أخرى من الاقتصاد، ومن المرجح بشكل خاص أن يجذب النمو القوى للأجور انتباه الاحتياطى الفيدرالي، خاصة أن هذا الأمر يشير إلى أن أرباب العمل مضطرون للتنافس على العمال من خلال رفع أجورهم فى النهاية. فعلى سبيل المثال أعلنت، وول مارت، أكبر شركة خاصة أمريكية للبيع بالتجزئة، أنها تخطط لزيادة معدلات الأجور عن ساعة العمل الواحدة لمعظم الموظفين فى وقت لاحق من الشهر الجاري.
وأكدت الصحيفة، أن الاحتياطى الفيدرالى أقل عرضة للقلق بشأن تباطؤ وتيرة خلق فرص العمل فى يناير الماضى؛ نتيجة تباطؤ النمو السكاني، واستمرار بقاء نسبة البطالة عند 4.9%.
ولعل أحد الأسباب التى يركز عليها الاحتياطى الفيدرالى هو نمو الوظائف لأنها قد تكون انعكاساً أكثر دقة لقوة الاقتصاد، وعلى الرغم من أن الربع الرابع من عام 2015، على سبيل المثال، قدرت الحكومة أن الاقتصاد خلق 279 ألف وظيفة شهرياً، فإنه لم تتم زيادة الإنتاج سوى بمعدل 7% فقط.
وكتب جيسون فورمان، رئيس مجلس الرئيس للمستشارين الاقتصاديين بالبيت الأبيض، فى تحليل له يوم الجمعة الماضي، أن الإحصاءات المتعلقة بالإنتاجية ربما تعكس بعض الأخطاء التقييمية، مشيراً إلى أن «هذا يوضح أهمية التركيز على مجموعة واسعة من المؤشرات، خاصة أن بيانات سوق العمل تميل إلى أن تكون أقل إزعاجاً، فى تقييم صحة الاقتصاد».
وفى الوقت الذى أيد فيه كل من رئيس الاحتياطى الفيدرالى فى مدينة كانساس سيتي، استير جورج، ورئيسة الاحتياطى الفيدرالى فى كليفلاند «لوريتا ميستر» رفع أسعار الفائدة، خرج وليام دادلى جيم، رئيس البنك الاحتياطى الفيدرالى فى نيويورك والمستشار المقرب من يلين ليؤكد، فى مقابلة مع ماركت نيوز إنترناشيونال الأسبوع الجارى أنه يشعر بالقلق حول الآثار الاقتصادية التى تنتاب الأسواق المتوترة فى الوقت الراهن.
وأضاف «اذا ظلت الأوضاع المالية كما هى حتى اجتماع مارس القادم، سيكون علينا أن نأخذ هذا الأمر فى الاعتبار عند تمرير قرار السياسة النقدية».
وقال إيل برينارد، عضو مجلس محافظى بنك الاحتياطى الفيدرالى لصحيفة وول ستريت جورنال الأسبوع الماضي، إن الضغوط العالمية ستؤثر على النمو المحلى والتطورات الأخيرة تؤكد ضرورة الحذر قبيل رفع أسعار الفائدة.
وقال مايكل جابين، كبير الاقتصاديين الأمريكيين فى «باركليز كابيتال»، يوم الجمعة الماضى، إنه يتوقع حالياً رفع الاحتياطى الفيدرالى لأسعار الفائدة مرتين، بدلاً من ثلاث مرات، لتبدأ فى يونيو، بدلاً من مارس القادم.
وقال كبير الاقتصاديين الأمريكيين لدى «جى بى مورجان تشيس» إن استمرار انخفاض معدلات التضخم ربما يعنى أن صناع السياسة النقدية بالاحتياطى الفيدرالى سينتابهم بعض التردد فى رفع أسعار الفائدة خلال الاجتماع المقبل، ونحن ما زلنا نعتقد أن الفيدرالى سينتظر رفع الفائدة بسبب المخاوف المتعلقة بتوقعات التضخم.