“السويدي”: خسائر الشركات وراء عدم قدرتها على القيد
“رشاد”: استئثار الكيانات العائلية بالملكية والربحية يلهيها عن مزايا البورصة
“عبد العزيز”: أسهم “الأغذية” محدودة رغم دعم الطلب المتزايد لقيمتها السوقية
لا يمكن لأحد أن يرى نفسه فى مرآة لم يقف أمامها، فكيف للبورصة المصرية أن تعكس أداء اقتصاد لا تعرف منه سوى 224 شركة مقيدة، حقيقة ظل الجميع يتجاهلها فى الوقت الذى شهدت فيه البورصة تراجعات حادة، ولكن فضلت الحكومة تفجير الحقيقة المؤلمة بأن البورصة ليست مرآة للاقتصاد لتدفع عن نفسها شهادة زور، ثم بادرت بالإعلان عن قيد محتمل لبعض شركاتها الناجحة من 151 شركة تمتلكها.
ولم يكن القطاع الخاص الذى تزيد شركاته على 100 ألف شركة، ليجبره أحد على القيد فى البورصة إلا حسابات التكلفة والعائد، ولكن ما الذى جعل الأمر غير مجدٍ للشركات رغم أهميته القصوى للاقتصاد.
قال محمد السويدى، رئيس اتحاد الصناعات، إن الشركات المصرية حققت تراجعا فى الأداء المالى والتشغيلى بعد 2011، ما يجعلها غير مؤهلة لاستيفاء شروط القيد فى البورصة المصرية، التى تنص على ضرورة تحقيق الشركة أرباحاً عن سنتين ماليتين سابقة عن تاريخ تقديم طلب القيد.
وأشار إلى أن الشركات قبل 2011، كانت بدأت التعافى من أثار الأزمة العالمية عام 2008، إلا أن الأحداث التى مرت بها الصناعة خلال السنوات الأخيرة ساهمت فى عرقلة خطط النمو للكثير من الشركات، بالإضافة إلى حالة الركود التى يعانى منها السوق.
وقال محمود سليمان، رئيس لجنة الاستثمار فى “اتحاد الصناعات”، إن انخفاض عدد الشركات الصناعية المطروحة فى البورصة بسبب القانون الذى لم يضع حوافر لها، كما أن الوضع الاقتصادى لا يساعد الشركات على الطرح فى البورصة.
بينما كان لأرباب الصناعة رأى آخر، وقال إيهاب رشاد العضو المنتدب لشركة “مباشر إنترناشونال” لتداول الأوراق المالية إن هناك الكثير من الشركات الأكثر ربحية داخل الاقتصاد ولكن أصحابها يُفَضّلون الاستئثار بكامل ملكيتها، بعيداً عن البورصة ومتطلباتها العديدة وتكاليفها المرتفعة.
ورغم شروط القيد ذكر رشاد أن هناك عوائد كبرى غابت عن الشركات التى تتجاهل البورصة، مثل إضفاء الثقة على العلامة التجارية للشركات، مع خلق إطار تنظيمى قوى يضمن نمواً مستداماً دون الاعتماد فقط على المؤسسين.
بالاضافة إلى فوائد التقييم المستمر والشفافية والثقة والتعددية التى تؤهل الشركات إلى النمو خارج إطار الدولة والتحول لكيانات متعددة الجنسية.
عن الوضع الراهن للقطاعات الممثلة فى البورصة قال كريم عبدالعزيز مدير صناديق الأسهم بشركة “الأهلى لإدارة صناديق الاستثمار، إن قطاع الأغذية والمشروبات الحاضر الغائب فى البورصة، وتمثله شركتان فقط “جهينة” وإيديتا للصناعات الغذائية، رغم أن معظم مديرى الأصول حول العالم يستهدفون بشكل أكبر القطاعات الاستهلاكية.
وأضاف أن هذه القطاعات لديها مستقبل واعد فى ظل اعتماد 34% فقط من المصريين على المنتجات المعلبة ما يمثل فرصة قوية لنمو هذه الشركات، بما ينعكس بشكل استباقى على أداء وقيم أسهم تلك الشركات.
ووفقاً لبيانات البورصة المصرية، فإن عدد الشركات المقيدة يبلغ 224 شركة ويتداول منها نحو 170 شركة عبر 18 قطاعاً مختلفاً، على رأسها القطاع المصرفى أكثر القطاعات تمثيلاً فى البورصة من خلال 14 بنكاً مقيداً من أصل 39 بنكاً عاملة فى السوق، أبرزها البنك التجارى الدولي، وبنك قطر الوطنى، إلا أن العديد من البنوك الكبرى غير مدرجة فى البورصة، منها البنك الاهلى، وبنك مصر، وبنك القاهرة، والإسكندرية.
بينما تعد العقارات الأكبر من حيث عدد الشركات المقيدة بنحو 30 شركة، وأقل القطاعات “المرافق” ممثلا فى شركة غاز مصر.
ويمثل قطاع التعليم فى البورصة شركتين فقط للاستثمار فى القطاع التعليمى من اجمالى 224 شركة مقيدة، هما القاهرة للخدمات التعليمية، والمصرية لنظم التعليم الحديثة.
واستنكر الدكتور وليد يوسف، رئيس مجلس إدارة “المصرية لنظم التعليم”، انخفاض عدد شركات الخدمات التعليمية فى البورصة المصرية على عكس العديد من أسواق العالم.
وقال إن “المصرية للتعليم” تخطط للاستفادة من الدور التمويلى للبورصة فى مشروع إنشاء مبنى جديد لتدريس المنهج الأمريكى على مساحة ألف متر مربع.
وفى قطاع الصناعات الغذائية تم قيد شركة “دومتى” مؤخراً برأسمال 50 مليون جنيه، فضلاً عن “ايديتا” التى طرحت العام الماضى بـ880 مليون جنيه، إلا أن العديد من كبرى الشركات لا تزال غائبة عن البورصة.
ويمثل القطاع الصحى بنحو 14 شركة، ولا يوجد من قطاع المنتجات المنزلية سوى سوى الشركة العامة لمنتجات الخزف والصينى.
وأخيراً لم تكتفِ الحكومة بالسعى نحو قيد شركات تابعة لها، ولكن تعديلات قانون الاستثمار الموحد، ألزمت كل الشركات المساهمة حفظ أسهمها مركزياً لدى شركة مصر للمقاصة والإيداع والقيد المركزى، وتعتبر تلك المادة من المحفزات غير المباشرة لصناعة الأوراق المالية، حيث إن الحفظ المركزى للأوراق المالية أحد الخطوات الرئيسة للقيد فى البورصة، بما يسهل الطريق أمام الشركات الراغبة مستقبلاً فى القيد.