واحد من أهم نماذج العمل الصاعدة فى العالم، نموذج إستفاد من طفرة وفشل وعودة الحياة للتجارة الإلكترونية بين 1997 و2010، ليحقق معادلة التخلص من الشركات الوسيطة والدمج بين التواصل الإلكترونى والتواصل الحقيقى المادى، التكنولوجيا تخلق السوق و لكن المحتوى قرار حر لكل المشاركين فى السوق هو Sharing Economy.
الفكرة بإختصار أن مئات الملايين من البشر يستخدمون وسائل التواصل الإجتماعى ويمتلكون تليفونات ذكية بها إنترنت، فما يمنع هؤلاء البشر من التجارة وتبادل المنافع بينهم و بين بعض؟ فشركة ابل مثلا تبيع تليفون ذكى متطور يقبل علية الناس ولكنها ايضا خلقت i-store حيث يستطيع كل تليفون من ابل أن يرتبط بهذا السوق ويعرف نفسة ببطاقة إئتمان (Credit Card) ورقم التليفون، ثم تتيح ابل لملايين الشركات أن تطور الالعاب و تطبيقات تباع و يشتريها مالكو التليفونات، فخرج لأول مرة فى تاريخ البشر سوق بة مليار إنسان يتيح لمطور مصرى ان يطور برنامج يشترية مستخدم فى الصين، فيحقق المطور عائد وتحقق ابل نسبة من سعر البيع ويستفيد المشترى من خبرات كان يستحيل أن يتواصل معها من قبل إلا بسعر مرتفع جدا.
فكرة التليفون المحمول الذى تحملة معك فى كل وقت وهو تليفون متصل بالإنترنت وموصول مع الكريدت كارد خلقت ثورة فى عالم التجارة، هذا التواصل النقدى الإلكترونى بين مئات الملايين من البشر خلق عالم جديد من الفرص، فرص سمحت للفرد أن يعرض خدماتة على فرد اخر بطريقة تقلل جدا فرص النصب.
فبإمكانك الأن مثلا كمهندس مصرى أن تسجل على موقع مخصوص أنك بارع فى الرسومات الهندسية، فيأتى لك طالب لخدمتك من السويد يطلب رسومات محددة، فترسمها وترسلها لة والموقع يضمن لك الدفع، هنا هذا الموقع تحول لسوق ضخم يربط أناس ربما كان يستحيل أن يتعرفو على بعضهم بدون التكنولوجيا، الموقع يضمن المدفوعات مقابل عمولة، كلما إشتهر الموقع وسجل فية مقدمو خدمات وطالبو خدمات كلما تحسنت وظيفة الموقع فى الربط بين الناس وضمان الدفع.
هذة المواقع تتيح للمشترى تقييم البائع وتتيح للبائع تقيم المشترى، بمعنى هذا المهندس المصرى لو المشترى السويدى أعطاة تقييم 5 من خمسة ثم فعلها مشترى امريكى فكندى وهكذا، سيصبح تقييم المهندس المصرى مرتفع وأى مشترى جديد سيقبل علية بسهولة، هنا التكنولوجيا اصبحت بديل عن word of mouth فلا تحتاج أن تسأل عن مهندس قبل توظيفة بل تستطيع ان ترى تقييم كل من تعامل معة خلال سنوات ماضية وماذا يقولون عنة.
فكرة الوصول إلى تقييم فرد لفرد مقابل تعامل بينهم هى ايضا فكرة غير مسبوقة، لأن الواقع المادى محدود فيستحيل مثلا أن تسأل كل من تعامل مع المهندس الذى إخترتة لرسومات مصنعك، لكن عبر هذة الأسواق الألكترونية تستطيع فعل ذلك، نقطة التقييم كانت من النقاط التى أدركتها شركة أمازون فى اواخر التسعينات، حيث كان يتاح لكل مشترى كتاب أن يكتب رأية وتقيمة للكتاب ويظهر هذا الراى لكل من يصل لرابط الكتاب على امازون، كلما كانت التعليقات كثيرة وإيجابية عن الكتاب كلما زادت مبيعات الكتاب والعكس صحيح، حيث البشر يشعرون أن التقييم الصادر من شخص لا يعرفهم ولا يعرفونة سيكون غالبا تقييم محايد وبعيد عن الكذب، أيضا كلما زادت التقيمات كلما قلت قيمة أى تقييم غير محايد فى التاثير على الناس.
القدرة على تقييم عمل أخرين لا تعرفهم ولا يعرفونك كانت من اسباب سيطرة وسائل التواصل الإجتماعى على طريقة حياة الأجيال الأحدث، تكتب إنطباعك ورأيك عن موضوع ما فيدخل الناس يمدحونك أو ينقدوك وتبدأ ثقافة “الايك” و”الشير”، ثقافة غير مركزية على الإطلاق فكل إنسان يقول ما يريد ومئات الملايين من البشر قد يعبرون عن رايهم فيما يقول، هذة المنظومة غير المركزية كلما توسعت كلما شجعت أخرين على المشاركة فيها، فكما يقال اصبح الفيسبوك أكبر موقع علية مقالات وأفكار ونقاشات ولكنة لم ينتج بنفسة هذة الأفكار والنقاشات Largest Content site without owning or producing such content
هذا التفاعل بين تليفون محمول ذكى وكريدت كارد وحرية فى التعليق والنقد والتقييم وملايين البشر يستخدمون نفس وسائل التواصل الإجتماعى خلق ما يسمى Sharing Economy حيث أستطيع أن أتشارك مع الأخرين فيما أملك وأحقق عائد لى وراحة لهم، فسيارتك التى تملكها 24 ساعة فى اليوم تستخدمها فقط 7 ساعات فى اليوم وبيتك بة 4 غرف بينما تحتاج منهم إلى 2 فقط بعدما كبر أولادك وإستقلو بحياتهم، هنا تجد تطبيق تحملة على التليفون يتيح لك أن تتواصل مع الاف البشر يريدون توصيلة او إيجارغرفة لمدة ايام، أنت تختار من ستؤجر الغرفة لة ومن ستعطية التوصيلة فى الوقت الذى يناسبك، من يستخدمك فى توصيلة يقيمك وأنت تقيمة، الدفع مضمون عن طريق الكريدت كارد التى يحصل عليها التطبيق مسبقا، الفكرة ببساطة أنة فى تفاعل ملايين البشر فدوما هناك من لدية سيارة ووقت متاح و دوما هناك من يريد توصيلة ولكنهم لا يعرفون كيف يصلون لبعضهم البعض، لكن تليفونك الذكى يعرف مكانك ومكان من يريد التوصيلة والتطبيق يوصلكم ببعضكم البعض لتتم التوصيلة ويحدث التفاعل التجارى بين فرد و فرد.
الإقتصاد التشاركى خلق نفس السؤال الذى طرحتة التجارة الإلكترونية بداية الألفينات، هو سؤال هل ينتهى دور الشركات الوسيطة أم يتغير شكلها؟ فإذا كان ملايين البشر يستطيعون التعامل مع ملايين البشر فماذا يمنع الشركات أن تتعامل مع ملايين البشر بشكل مباشر؟
مؤخرا رئيس شركة هاير الصينية ” أكبر وأنجح شركات منتجات منزلية فى العالم” أعلن أنهم حاليا يفكرون فى التواصل مع العميل بشكل مباشر حتى يكون للعميل رأى فى التصميم النهائى لكل منتجاتهم.
هل الشركات الوسيطة التى تخزن منتج مصنعك وتعطى للموزعين وصغار التجار إئتمان من الممكن التخلص منها والتواصل مباشرة مع العميل والتاجر الصغير؟ من الممكن لو إستعطت التواصل مع عدد كبير من العملاء بحيث تعرف متى واين يحتاجون منتجك وهنا يظهر دور الوسيط المالى غير البنكى، حيث الإقتصاد التشاركى يعتمد كثيرا على الكريدت كارد فماذا لو أن عدد من يمتلكون الكريدت كارد محدود؟ تظهر شركات المدفوعات غير المالية التى تعطى إئتمان للعميل وهى شركات قد تكون ممولة من ايضا ألاف المساهمين الصغار، فكأن منتج شركتك يشترية عميل فرد أو تاجر فرد صغير بشكل مباشر والعميل المشترى يمولة فرد أخر بفائض مدخراتة وفى المنتصف وسيط مالى غير بنكى، ربما يفسر هذا لماذا بيعت أحد الشركات المصرية الرائدة فى مجال المدفوعات الألكترونية بقيمة تقارب المليار جنية بعد 5 سنوات من تأسيسها فقط و تنتعش مثل هذة الشركات فى أفريقيا وأمريكا الاتينية.
الإقتصاد التشاركى يحمل جذرو متشابهة بعض الشئ مع افكار التعاونيات والـتأمين التكافلى ولكنة اصبح متاحا فقط عن طريق تطور المدفوعات والتليفونات ومنصات تطبيقات توصل الناس ببعضهم البعض.
طبعا هذا التطور خلق تحديات تشريعية كثيرة، حيث التشريع والترخيص الحكومى يتعامل مع شركة تعطى ترخيص فماذا لو تحول كل فرد إلى شركة فى ذاتة؟ ماذا لو تحول كل فرد إلى صحفى ينتج مضمون يراة الاف البشر؟ ماذا لم تحولت كل غرفة خالية فى بيت اى إنسان إلى غرفة فندق تؤجر؟ ماذا لو تحول فائض طعام البيت إلى طعام يباع؟ هل تبيع دواء لا تحتاجة فى بيتك لمريض يريد شرائة؟ ماذا لو تحول كل تاجر صغير إلى بنك صغير؟ عدد لا نهائى من الإحتمالات التى تبدأ بماذا لو …..
مالك سلطان: خبير في الاستثمار المباشر وترويج وتأهيل الشركات