انتعشت أسعار البترول قليلاً، ولكن ما زال المنتجون يعانون تراجع أسعار الخام فى العام الماضي.
وأعلن رئيس “بيميكس”، شركة البترول المملوكة للدولة فى المكسيك، الأسبوع الماضى، أن الشركة تواجه أزمة سيولة، فى الوقت الذى تقوم فيه شركة البترول الحكومية الماليزية بتسريح العمال.
ويتزامن ذلك مع حصول “بتروبراس”، شركة البترول العملاقة المتعثرة فى البرازيل، على قرض بقيمة 10 مليارات دولار من بنك التنمية الصينى لمساعدتها على سداد السندات المستحقة.
وذكرت مجلة “ذا إيكونوميست”، أن المشكلة فى هذه الشركات تؤكد المخاوف الكبيرة حول عبء ديون الشركات فى الأسواق الناشئة.
وزاد القلق بشكل خاص للشركات مع ارتفاع تكاليف خدمة الديون بالدولار التى اقترضتها الشركات عندما كان الدولار أضعف بكثير مما هو عليه الآن.
إن سداد قروض الدولار على المدى القصير مع الأرباح وسط تراجع العملات أظهر بوضوح أزمات الأسواق الناشئة فى الماضي. ولكن القلق حول دور الإقراض بالدولار فى الفترة الحالية أمر مختلف.
ونقلت المجلة، أن أرقام الديون كانت مذهلة، حيث ارتفعت ديون الشركات فى الأسواق الناشئة من حوالى 60% من الناتج المحلى الإجمالى فى عام 2008 إلى أكثر من 100% فى عام 2015 وفقاً لبنك التسويات الدولية.
وأوضح البنك، أن الأماكن التى تشهد تطوراً سريعاً فى الدين تواجه فى كثير من الأحيان تباطؤاً حاداً فى الناتج المحلى الإجمالي.
وهناك تطور إضافى يتمثل فى أن شركات الأسواق الناشئة الكبيرة كانت قادرة على الاقتراض بحرية بالدولار لفترة من الوقت.
وبحلول منتصف العام الماضي، وصل إجمالى القروض بالدولار للمقترضين فى القطاعات غير المصرفية فى الأسواق الناشئة، بما فى ذلك الشركات والحكومة، إجمالى 3.3 تريليون دولار.
وفى الواقع حتى وقت قريب، زاد الاقراض بالدولار للمقترضين خارج أمريكا بسرعة أكبر بكثير من المقترضين فى داخلها. وكانت الزيادة الأكبر لجميع الشركات فى الأسواق الناشئة.
وأوضح خايمى كاروانا، رئيس بنك التسويات الدولية، أن دورة السيولة العالمية التى تعنى، انحسار الاقتراض بالدولار خارج أمريكا، تساعد على تفسير التباطؤ فى اقتصادات الأسواق الناشئة، وارتفاع قيمة الدولار، وتخمة البترول المفاجئة.
فعندما كان الدولار ضعيفاً، وكان هناك وفرة فى السيولة العالمية بفضل شراء سندات الخزانة من جانب مجلس الاحتياطى الاتحادى أو ما يسمى برنامج “التيسير الكمي” كانت الشركات خارج أمريكا سعيدة للاقتراض بالدولار، لأن ذلك كان أرخص من الاقتراض بالعملة المحلية.
ودفعت تدفقات رأس المال الداخلة إلى ارتفاع أسعار الأصول المحلية، بما فى ذلك العملات، ما يجعل الدين بالدولار يبدو وكأنه بأسعار معقولة.
وما دام كان الدولار ضعيفاً، فإنه يبقى على الاقتراض الرخيص، مع ارتفاع أسعار الأصول ونمو الناتج المحلى الإجمالى بقوة.
ولكن انقلبت المقاييس عندما بدأ الارتفاع فى قيمة الدولار، حيث يرتبط صعوده بتغيير فى السياسة النقدية الأمريكية الذى بدأ فى مايو عام 2013.
وكان أثر هذا التحول الطفيف فى قيمة الدولار ملحوظاً، ولا سيما مقابل عملات الأسواق الناشئة.
وفى الوقت الذى تتسارع فيه الشركات لسداد الديون بالدولار، هوت أسعار الأصول فى الأسواق الناشئة.
ولجأت الشركات مرة أخرى إلى خفض حجم الاستثمارات والعمالة. حيث تعثّر الناتج المحلى الإجمالى، وهو الأمر الذى دفع عملات الأسواق الناشئة إلى القاع.
ومنذ أن توسعت شركات البترول فى الاقتراض بالدولار، كانت النتيجة زيادة فى المعروض، وضخ المنتجون البترول الخام بكامل طاقتهم لكسب الدولار وسداد ديونهم.
وشهدت عملات بعض الدول الغنية التى تصدر المواد الخام، بما فى ذلك أستراليا، وكندا، والنرويج، تراجعاً مقابل الدولار.
إن هبوط إيرادات التصدير نتيجة التراجع الكبير فى أسعار البترول، والسلع ربما يكون قد لعب دوراً مماثلاً فى تراجع العملات الأخرى.
ويعتقد بعض المحللين، أن مشكلة ديون الدولار كانت نابعة من أصل النسبة، وهناك دول مثل تشيلي، وتركيا، ترتفع ديونها بالدولار بصورة كبيرة.
لكن متوسط حصة الدولار من ديون الشركات فى الأسواق الناشئة يتوقف عند 10% فقط من إجمالى ديونها.
وتمثل الشركات الصينية أكثر من ربع إجمالى القروض بالدولار البالغة قيمتها 3.3 تريليون دولار إلى الأسواق الناشئة.
وأفاد جان دهن، مدير صندوق فى مؤسسة “أشمور جروب” بأنه منذ أغسطس الماضى، عندما ارتفعت المخاوف من خفض قيمة اليوان، تم تبديل القروض بالدولار إلى اليوان.