«الإبراشي»: الموافقات الأمنية مطبقة فى الدول الشيوعية فقط.. و«العادلي»: تمثل «صندوق الأسود» للمستثمرين
«طلعت»: أطالب بعمل قائمة سوداء بالشركات والأشخاص المتعاملين كنوع من الرقابة لإلغاء الموافقات الأمنية
أبدى عدد من القانونيين والمحاسبين الماليين، استياءهم من توقف صفقة استحواذ بلتون، المملوكة لرجل الأعمال نجيب ساويرس على بنك استثمار “سى أى كابيتال”، لاعتبارات الأمن القومي، خاصة أنها صفقة استحواذ داخلية، معروف أطرافها الرئيسية للجهات الأمنية، حسب قولهم.
وقال أشرف الإبراشي، الشريك الرئيسى بمكتب الإبراشى للاستشارات القانونية والمحاماة، إن تدخل الجهات الأمنية فى الصفقات والاستحواذات الداخلية، تعد السابقة الأولى من نوعها، وستؤثر سلباً على مناخ الاستثمار الذى يعانى حالياً.
وأوضح «الإبراشي»، أن السوق المصرى يعانى الفترة الحالية تراجع الاستثمارات الأجنبية المباشرة، بسبب صعوبات تدبير العملة وزيادة أسعارها، وأن السوق لا يتحمل أى عقبات جديدة، مشيراً إلى أن الموافقات الأمنية تستغرق فترة تصل إلى 9 أشهر، ما يعرقل خطط الحكومة لجذب الاستثمارات.
وأضاف: «الدول الشيوعية تمثل الموافقات الأمنية لديها جزءاً جوهرياً كروسيا، بينما الدول الأوروبية والديمقراطية لا يوجد لديها مثل هذه التعقيدات».
وأشار إلى أن المستثمر لا يتعامل مع الجهات الأمنية بشكل مباشر، وأنه يتقدم بأوراقه للجهات المختصة، كالهيئة العامة للاستثمار، وهى تتولى مخاطبة الجهات الأمنية للحصول على موافقتها.
وذكر أن بعض الصفقات الكبرى يتدخل الأمن فى شأنها بدافع الدواعى الأمنية، واستشهد بصفقة استحواذ «Q Investment» القطرية على المجموعة المالية هيرميس، التى رفضت لأسباب أمنية.
وانتقد «الإبراشى» فكرة الحصول على موافقات أمنية لإجراء صفة استحواذ بين شركتين داخليتين فى السوق، واعتبر ذلك أمراً مستحدثاً وجديداً على السوق، مضيفاً «الأمر يطبق على المستثمر الأجنبى فقط».
وقال محمد طلعت، الشريك الرئيسى بمكتب حلمى وحمزة «بيكرآند ماكينزي» مصر للاستشارات القانونية والمحاماة، إن الموافقات الأمنية تعرقل عمليات الاستثمار، خاصة أنها تتم فى كثير من الأحيان بعد إنشاء السجل التجارى، والبدء فى النشاط الاستثماري.
وأضاف طلعت: «يوجد لدينا حالة بالقطاع العقارى لإحدى الجنسيات العربية تم إيقاف نشاطها بعد تدخل الأمن، بعد عمل سجل تجارى للتداول وشراء الأراضى لإقامة المشروع».
وأشار إلى أن تلاعبات الشركات لن يستطيع أحد إيقافها، خاصة مع انتشار أنظمة جديدة لتأسيس الشركات تعرف بـ«اليتيمة»، وهو تلك الشركات غير المعلوم مساهموها من الأساس، والمنتشرة بمناطق الملاذات الضريبية.
واقترح «طلعت» إعداد قائمة سوداء للمتعاملين من قبل الشركات والأشخاص الذين لديهم سابقة تعامل غير جيدة كنوع من أحكام الرقابة، وإلغاء الموافقات الأمنية.
وقال عمرو حمدى، المسئول عن قطاع تأسيس الشركات بمكتب «خضير ونور» للاستشارات القانونية والمحاماه «التميمى مصر»، إن رفض الشركات بسبب الموافقات الأمنية يستحوذ عليه الجنسيات الصينية والروسية والفلسطينية والسورية والعراقية والليبية؛ بسبب اعتبارات الأمن القومى بينما الجنسيات الأخرى كالأمريكية والإنجليزية والفرنسية والإسبانية والألمانية لديها سهولة فى الحصول على الموافقات الأمنية.
وتابع «حمدى»، أن المشكلة الكبرى تتمثل فى رفض الجهات الأمنية بعد القيام بتأسيس الشركة بفترة من الوقت، وقد يكون لأحد المساهمين الذى يمثل عقبة أو فرد من أعضاء مجلس الادارة، لافتاً إلى وجود عدم موافقة لإحدى الجنسيات الفلسطينية عند إنشاء شركة خاصة؛ بسبب الاستعلام الأمنى، وتم إعطاؤه فرصة للتخارج ومهلة أخرى لمغادرة البلاد.
وأوضح أن حالات الرفض الأمنى لعملاء مكتبه لا تمثل نسبة عالية، ولا تتعدى شركتين أو ثلاثاً فى الغالب، من أصل 150 إلى 200 شركة، تم تأسيسها على مدار الـ5 سنوات الماضية.
واقترح «حمدى» أن يتم إصدار الموافقات الأمنية لأشخاص عبر تقديمهم صوراً من جوازات السفر الخارجية على أن يتم التواصل بشكل سريع، والرد خلال مدة لا تتجاوز 5 أيام كنوع من الثقة للمستثمر، بينما للشركات عن طريق تقديم شهادة بتأسيس الشركة فى الدولة الأخرى، على أن يجرى سهولة فى التبليغ بشكل مستندى، وليس شفهياً بناءً على أن التعليمات الشفهية تمثل حرجاً لدينا عند إبلاغ المستثمرين.
وقال إنه يوجد لدينا حالة شهيرة لمساهمين بإحدى الشركات الكبرى التى تتعامل بالسوق المصرى منذ سنوات طويلة، يمتلكان سهمين لكل منهما بمجلس الإدارة، وعند قيامنا بإجراء توسع للشركة، والحصول على موافقة أمنية، تم رفض هذين المساهمين بحجة الدواعى الأمنية على الرغم من عملهما بالسوق المصرى منذ فترة طويلة، وتم وقف التعامل على سجل الشركة من قبل الهيئة العامة للاستثمار لحين تخارج المساهمين.
وقال عبدالله العادلي، رئيس قطاع الضرائب بشركة «برايس ووتر هاوس كوبرز مصر» للاستشارات المالية والمراجعة، إن الموافقات الأمنية تمثل «الصندوق الأسود» للمستثمرين، خاصة فى ظل عدم وجود منهجية للرفض أو توضيح للإجراءات المتبعة، لإعطاء فرصة للمستثمر للدفاع عن حقه حال عدم الموافقة.
وأضاف «العادلى»، أن مثل هذه الموافقات تمثل حاجزاً مؤثراً فى المناخ الاستثماري، لأنها «لا تتم بشكل شفاف وفى بعض الأحيان دون إبداء أسباب، علاوة على تأخر صدور الموافقات لمدد طويلة تتعدى 3 اشهر وأكثر فى الكثير من الحالات».
يذكر أن صفقة استحواذ البنك الأهلى الكويتى على بنك بيريوس، تأخر تنفيذها؛ بسبب مطالبة هيئة الاستثمار بالحصول على الموافقات الأمنية عن فرعيه المتواجدين فى مدينة سيناء.
وقال العادلي: «لا يوجد استعلام أمنى على الشركات المصرية فى السوق عند إجراء عمليات بيع، وما يتم حالياً يمثل حالة غير متعارف عليها».