تراجعت أسعار البترول الخام فى جميع أنحاء العالم، لتصل إلى 35 دولارًا للبرميل، ومن المرجح أن تستفيد منه مصر باعتبارها أحد كبار المستوردين للبترول، ولكنه سيؤثر على حجم الاستثمارات الأجنبية فى أكبر بلد عربى من حيث عدد السكان، وخاصة تلك القادمة من دول الخليج الغنية بالبترول، وفقًا لما قاله مجموعة خبراء الطاقة والاقتصاديين المصريين لوكالة “شينخوا” الصينية.
وقال الخبير الاقتصادى وخبير الطاقة الدولى، إبراهيم زهران، إن “تراجع أسعار البترول أمر جيد لمصر، فى الوقت الذى تستورد فيه البترول الخام ومنتجاته الأخرى، لذا، فإن انخفاض الأسعار يعزز الموازنة العامة المصرية ويحفظ للحكومة المزيد من الأموال”.
وأوضح زهران أن مصر كانت تنفق 600 مليون دولار شهريًا لاستيراد المشتقات البترولية قبل التراجع الراهن للأسعار، مشيرا إلى أن الأسعار الحالية توفر للبلاد حوالى 300 مليون دولار شهريًا وذلك دون تغير فى كمية الواردات.
وقال خبير الطاقة للوكالة: “قد تتأثر الاستثمارات القادمة من دول الخليج إلى مصر فى ضوء تأثرها بتراجع أسعار البترول، إذ تعانى هذه الدول المصدرة للبترول عجزًا فى موازناتها الهائلة فى الوقت الراهن وهو ما قد يؤدى بها إلى الحد من استثماراتها الخارجية”، موضحًا أن المملكة العربية السعودية بدأت تلجأ إلى القروض لدعم موازناتها العامة.
وتجدر الإشارة إلى أن مصر بها أكبر حقل للغاز الطبيعى فى منطقة البحر المتوسط، والذى تم اكتشافه مؤخرًا، حيث من المتوقع أن يحوى 30 تريليون قدم مكعب من الغاز، وقد وصفت شركة اينى الايطالية، التى اكتشفته، بالعام الماضى بأنه “اكتشاف تاريخى”.
ويعتقد بعض الخبراء أن انخفاض أسعار البترول قد يؤثر أيضًا على استثمارات شركات التعدين الأجنبية لأنها قد تلجأ إلى تقليل أنشطتها، ليس فقط فى مصر، بسبب أن الأسعار غير مشجعة الحالية مقارنة بتكاليف الاستكشاف.
ووصل سعر برميل خام غرب تكساس الوسيط، الأمريكى، يوم أمس الثلاثاء 35.7 دولار، بينما بلغ سعر خام برنت 37.69 دولار، ومن جانبها قالت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) أن سعر سلة خاماتها بلغ 33.33 دولار للبرميل. وذلك بعدما كانت الأسعار تتجاوز 100 دولار للبرميل فى عام 2014.
وقال رشاد عبده، رئيس المنتدى المصرى للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، وأستاذ الاقتصاد بجامعة القاهرة: “انخفاض أسعار البترول سيجعل شركات التنقيب مترددة فى زيادة استثماراتها فى هذا القطاع سواء فى مصر أو فى أى مكان آخر فى العالم”.
وقال لـ “شينخوا” إن تكلفة الاستثمار فى قطاع البترول مرتفعة للغاية فى حين أن الإيرادات مقارنة بحجم التكاليف منخفضة نسبيًا فى الوقت الراهن.
أما بالنسبة لتأثير أسعار البترول الحالية على الموازنة العامة فى مصر، أشار عبده إلى أن الأمر برمته “إيجابى”، ويرى الفرق بين السعر السابق الذى وصل 40 دولارا للبرميل والسعر الحالى وهو 36 دولار “لا يمثل نقلة كبيرة”، على حد قوله.
دعمت دول الخليج، بما فيها المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والكويت، على مدى السنوات القليلة الماضية، مصر بمليارات الدولارات للحفاظ على الاستقرار فى البلاد وسط الاضطرابات السياسية.
وبدوره قال إيهاب الدسوقى، رئيس قسم الاقتصاد بأكاديمية السادات ومقرها القاهرة: “انخفاض أسعار البترول سيقلص عائدات دول الخليج، وستتأثر المساعدات الاقتصادية الخليجية لمصر إلى حد كبير وفقًا لذلك الأمر”.
وأوضح الخبير الاقتصادى أن انخفاض أسعار البترول الحالية لا تزال تصب فى صالح مصر، حيث خفضت فاتورة مصر من استيراد المواد البترولية، ولكنه لا يعتقد مثل غيره من الخبراء أن هذا الأمر سيؤثر على الاستثمارات الخليجية فى مصر.
ووصف الدسوقى تأثيرات انخفاض أسعار البترول بـ”غير الخطيرة” عندما يتعلق الأمر بالاستثمارات الخليجية، بحجة أن هذه الدول لديها فوائض مالية متراكمة و”صناديق سيادية” مخصصة للاستثمارات الخارجية.