سيجتمع بعض من أكبر منتجى البترول فى العالم فى العاصمة القطرية الدوحة يوم غد الأحد للتوصل الى اتفاق لتجميد الإنتاج بهدف وضع حد لما يقرب من عامين من تراجع الأسعار، وسوف يشمل الاجتماع أعضاء من منظمة أوبك بما فيها المملكة العربية السعودية – ودول أخرى خارج المنظمة مثل روسيا والمكسيك، وفقًا لما ذكرته صحبفة «فايناشيال تايمز» البريطانية.
ووافقت المملكة العربية السعودية وروسيا وقطر وفنزويلا يوم 16 فبراير الماضى على تجميد الإنتاج عند مستويات يناير، فهل بلدان أخرى ستحذو هذا الحذو؟. كانت النوايا وقف انهيار الأسعار التى وصلت إلى أدنى مستوى لها منذ فى 13 عامًا لأقل من 30 دولاراً للبرميل فى بداية العام الجاري.
وكان هذا الاتفاق المؤقت الذى أظهر الألم الاقتصادى الذى تواجهه هذه البلدان الغنية بالبترول، قد أثار ردود إيجابية من قبل منظمة أوبك والدول غير الاعضاء على حد سواء.
وعلى الرغم من ان ايران العضو فى المنظمة استبعدت الانضمام للتجميد فى الوقت الذى تم فيه تقييد إنتاجها على مدار سنوات من العقوبات الغربية، إلا أنها أعلنت ترحيبها بالمبادرة.
واجتمع الأسبوع الماضى العديد من منتجى أمريكا اللاتينية فى الإكوادور لمناقشة التوصل إلى موقف موحد قبل اجتماع الدوحة، كما تحدث وزيرى البترول الروسى والسعودى الأسبوع الماضى لمحاولة الاتفاق على موقف مشترك.
من الأطراف المنضمة لاجتماع الدوحة؟
بعث وزير الطاقة القطرى، محمد السادة، الذى هو أيضاً رئيس منظمة أوبك، رسائل إلكترونية لأكبر المنتجين فى العالم مشيرًا إلى الحاجة الماسة لتحقيق توازن بالعرض والطلب، وأعلنت أكثر من عشرة دول رسميًا مشاركتها، بما فى ذلك العراق والكويت ونيجيريا وفنزويلا والسعودية وروسيا والمكسيك والبحرين وسلطنة عمان، وأوضحت ليبيا التى تم تقليص إنتاجها جراء الحرب الأهلية والهجمات التى تتعرض لها على أيدى متشددين الدول الإسلامية أنها لن تذهب إلى الدوحة.
ما هى النقاط التى يُحتمل الاتفاق عليها؟
سيكون التوصل إلى تجميد الإنتاج عند مستويات يناير الماضى هى أفضل نتيجة لتلك الدول فى ضوء الكثير من الضغوط، ورغم اتجاه الكثيرين لضخ البترول بسرعة فائقة لتضخيم إيراداتها لدرجة أن المعروض بلغ مستويات قياسية، إلا أن البعض يتوقع أن يشهد الإنتاج انخفاضًا طبيعيًا فى وقت لاحق العام الجاري.
وتضغط دول مثل العراق للتوصل لتجميد الإنتاج عند مستويات يناير الماضي، بينما المملكة العربية السعودية طرحت فكرة تطبيق مستويات أخرى تأخذ فى الإعتبار أيضًا معدلات الإنتاج فى الأشهر القليلة الماضية، وقد بدأت أسواق الطاقة فى إظهار إشارات باستعادة التوازن، مع بداية تراجع إنتاج البترول الصخرى الأمريكى، ولذلك هناك جدال دائر من جانب الوزراء المعنيين بأن التجميد يكفى لدعم الأسعار.
هل هناك أى نقاط خلاف؟
أرسلت المملكة العربية السعودية إشارات متضاربة حول امتثالها لأى اتفاق، فقد قال مندوب بارز فى «أوبك» الشهر الماضى، إن مشاركة المملكة لن تتوقف على إنضمام إيران لإجتماع الدوحة، وقال مندوبون خليجيون ومحللون لأسواق الطاقة، إن السعودية جمدت بالفعل انتاجها عند مستويات يناير فى الأشهر اللاحقة، لاسيما فى ظل تنامى الخاوف المحلية حول انهيار الأسعار العالمية، ولكن ولى ولى العهد الأمير، محمد بن سلمان، صرح قبل عدة أسابيع، بأن السعودية لن تشارك فى أى اتفاق إلا إذا شاركت إيران أيضًا فيه، وقد أثير بعض الجدل عن تقديم إيران بعض التنازلات، وفى النهاية أعلنت طهران انها لن تشارك فى محادثات الدوحة حتى تستعيد حصتها السوقية المفقودة.
هل الاتفاق سيساعد فى إعادة التوازن إلى سوق البترول؟
قالت وكالة الطاقة الدولية الأسبوع الماضى، إن التجميد، فى ضوء وصول العديد من المنتجين لمستويات قياسية من ضخ البترول، سيكون له تأثير محدود على الفائض الراهن، وقال إدوارد مورس، رئيس قسم أبحاث السلع فى بنك سيتى جروب: «لا يوجد هناك أى خطوات ملموسة تم إنجازها أو أى إجراءات تنذر بالاتجاه إلى خفض الإنتاج»، وقال محللون أيضًا: «من غير المرجح أن يكون هناك أى عقوبات فى حال عدم الامتثال لاتفاق التجميد».
ماذا سيكون تأثير الاتفاق على أسعار البترول؟
عززت المناقشات حول التوصل إلى اتفاق محتمل لتجميد الإنتاج، منذ فبراير الماضي، أسعار البترول، ويدرك وزراء «أوبك» الحاجة إلى وجود جبهة موحدة بعدما أدى آخر اجتماع رسمى للمنظمة فى ديسمبر الماضى إلى مزيد من عمليات البيع ذات الأسعار المنخفضة.
وقال محللون لدى «وود ماكنزى» لاستشارات الطاقة، إن الإتجاه الصعودى للأسعار العالمية سيكون محدودًا فى ضوء التوقعات السابقة بتجميد الإنتاج، ولكن البيانات التى تتسم بالمصداقية إضافة إلى الوعود بتلبية الالتزامات يمكن أن تمنع الأسعار من الانخفاض إلى ما دون 30 دولاراً للبرميل، وبات واضحاً أهمية الجبهة الموحدة التى تقودها كل من المملكة العربية السعودية وروسيا لاسيما فى ظل قلقهما من استمرار تراجع الأسعار لفترات طويلة، وهذا كان تغيير كبير عن أواخر عام 2014 عندما رفضت روسيا الجلوس إلى طاولة المفاوضات وتبعتها السعودية فى وقت لاحق عندها صرحت أنها لا تهتم إذا انخفضت الأسعار إلى 20 دولاراً للبرميل.
وقال كارستن فريتش المحلل لدى كومرتس بنك: «يُفترض أن تكون هناك محاولات لإظهار الرغبة فى التعاون الظاهرى الشفهى فقط، على الرغم من أنه يبقى أن نرى ما إذا كان السوق سيكون على استعداد لتقبل هذا»، فقد حذر محللون من أنه إذا لم يكن هناك اتفاق، فإن السوق قد يتعرض لموجة بيع ذات أسعار متدنية يوم الاثنين القادم.
هل من المرجح التوصل إلى خفض مستويات الإنتاج؟
قال بعض المندوبين، إن التجميد يمكن أن يكون نقطة انطلاق لمناقشات مقبلة على اتفاقيات التوريد، ولكن فى الوقت الراهن لاتزال هناك حالة من إنعدام الثقة بين الدول المنتجة وهناك توقعات بعدم الامتثال لأى اتفاق، وقال مندوب فى «أوبك»: «التخفيضات ليست على جدول أعمال الاجتماع الحالى»، كما استبعد على النعيمى، وزير البترول السعودي، مراراً فكرة خفض الإنتاج، ولا يخفى أنه صرح لصحيفة الحياة السعودية يوم الأربعاء الماضى قائلاً: «انسوا هذه الفكرة كليًا».