تستورد دول مجلس التعاون الخليجى، وربما جميع البلدان ذات الأغلبية المسلمة، الكثير من المواد الغذائية، إذ تجاوزت وارداتها الغذائية 70% من الاستهلاك.
وقالت صحيفة «فاينانشيال تايمز»، إن هذه الدول تعد مستورداً صافياً للغذاء، والغالبية العظمى منه «حلال».
وأنفق المسلمون 1.2 تريليون دولار عام 2013 على الطعام والشراب، أى ما يعادل 17.7% من إجمالى الإنفاق العالمى على الغذاء فى ذلك العام. ومن هذه القيمة تمّ إنفاق تريليون دولار على الغذاء الحلال من قبل المجتمعات الإسلامية فى الدول الـ57 الأعضاء فى منظمة التعاون الإسلامي.
وأشارت الصحيفة إلى وجود ثلاثة عوامل رئيسية تفسر الاعتماد على استيراد المواد الغذائية، أولها المناخ غير المواتي، وثانياً عدم وجود المعرفة والتكنولوجيا اللازمة لزيادة الإنتاجية الغذائية، وأخيراً النمو السريع للسكان بجانب ارتفاع الدخل واعتماد أنماط غربية فى الاستهلاك، ورغم ذلك، توجد فوارق كبيرة.
فوفقاً لأحدث التقديرات من «الحل التجارى العالمى المتكامل» وهى قاعدة بيانات تجارية، كانت الدول الأكثر اعتماداً على استيراد المواد الغذائية عام 2013 هى المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، والجزائر، ومصر.
وسجلت هذه الدول عجزاً فى الميزان التجارى للغذاء بما يقرب من 21 ملياراً و11 ملياراً و10 مليارات و7 مليارات دولار على التوالي.
وعلى الجانب الآخر، نجد دول جنوب شرق آسيا ذات الأغلبية المسلمة مثل إندونيسيا، وماليزيا، مصدّراً صافياً للأغذية، مع وجود فائض فى تجارة الأغذية يقدّر بحوالى 15.57 مليار دولار، و9.50 مليار دولار على التوالى فى عام 2013.
وأوضحت الصحيفة، أن الاعتماد على الواردات فى العديد من الاقتصادات الإسلامية يقود حكوماتها لاتخاذ إجراءات جديدة لتحقيق هدف ذى شقين.
فمن جهة، يقود تطوير القدرات الداخلية اللازمة لتلبية الطلب المحلى المتزايد على الغذاء، وبالتالى يقلل تدريجياً درجة الاعتماد على استيراد الغذاء، ثم المساهمة فى تنويع النسيج الإنتاجي.
ومن جهة أخرى، اغتنام الفرصة الممتازة التى قدمتها طفرة الغذاء بشكل عام، والغذاء الحلال على وجه الخصوص، من أجل توليد الثروة، وتنشيط الاقتصاد.
ومن أجل تحقيق هذه الأهداف، فإن الحكومات فى العديد من هذه البلدان، وخصوصاً تلك الواقعة فى الشرق الأوسط، لجأت إلى صناديق الثروة السيادية الخاصة بها.
وأوضح مثال على ذلك هو جهاز قطر للاستثمار، أو صندوق الثروة السيادية القطري، الذى يدير أصولاً بقيمة 304 مليارات دولار.
وفى عام 2008، أنفق الصندوق مليار دولار من أجل الاستحواذ على ذراع استثمارية متخصصة فى مجال الزراعة وقطاع الثروة الحيوانية وهى شركة «حصاد الغذائية».
ومنذ تأسيس «حصاد الغذائية» نفذت الشركة عمليات كبيرة. وعام 2009 وقعت اتفاقاً بقيمة 68 مليون دولار مع شركة «الصفا للأغذية» فى سلطنة عمان، للاستثمار فى قطاع الدواجن فى جنوب قطر. وكانت لديها القدرة على إنتاج 17 ألف طن سنوياً من الدجاج الحلال و90 مليون بيضة، أو ما يقرب من 20% من احتياجات قطر لهذه الأطعمة.
ومع ذلك، لم تكن شركة «حصاد الغذائية» الصندوق الخليجى الوحيد الذى قرر أن يدخل هذا الجزء الجذاب من السوق، إذ تملك مؤسسة دبى للاستثمارات الحكومية حصة كبيرة فى شركة «روابى الإمارات»، الصانع الرئيسى لمنتجات الدواجن الحلال فى دولة الإمارات العربية المتحدة.
وفى عام 2011 أطلق أحد صناديق الثروة السيادية فى البحرين، وصندوق احتياطى الأجيال القادمة، صندوقاً بقيمة 265 مليون دولار للاستثمار فى شركات الأغذية الحلال داخل البلاد وخارجها.
وقامت هيئة الاستثمار الكويتية عام 2005، جنباً إلى جنب شركة «الغانم» الكويتية للصناعات وشركة الاستثمارات الوطنية، بإنشاء الشركة الكويتية الصينية للاستثمار، وهو صندوق جمع أكثر من 340 مليون دولار فى عام 2013، وكان أحد أهدافه الاستثمار فى مشروعات الدواجن فى آسيا.
وباختصار، فلا أحد على استعداد للتخلى عن هذا السوق الذى يسيل له لعاب المستثمرين، والمتوقع أن تبلغ قيمته 2.5 تريليون دولار سنوياً عام 2019.
ونتيجة توترات الأغذية الزراعية العالمية، سيصبح هذا النوع من الاستثمار شائعاً بشكل متزايد، وسنرى عمالقة الاستثمار يستثمرون فى شركات الأغذية الحلال.