بدأت الحكومة التوجه نحو تنمية «الجنوب المنسى»، من خلال إعادة طرح الأراضى بالمجان فى الصعيد، والتعهد بمنح مزيد من الحوافز لجذب الاستثمارات.
واعتبر مستثمرون افتتاح الرئيس عبدالفتاح السيسى، محطة الكهرباء بأسيوط قبل أسبوعين بمثابة الإشارة لبدء الاتجاه نحو تنمية الصعيد.
ويعد «الجنوب المنسى» محوراً للحديث حول التنمية والاستثمار، واستغلال الموارد فى ظل الأيدى العاملة الرخيصة والأراضى الشاسعة والمواد الخام المتوفرة، إلا أن رجال الأعمال لايزالوا بعيدون عن ضخ استثماراتهم فيه، لما يواجهونه من مشكلات كبيرة تتعلق بكثير من الأمور، أبرزها التراخيص الصناعية والأراضى المرفقة، فضلاً عن التمويل والتسويق.
وقبل شهرين أصدر الرئيس عبدالفتاح السيسى قراراً جمهورياً بتحديد مناطق صناعية تخصص أراضيها لمستثمرى النشاط الصناعى مجاناً.
وفقاً للقرار الجديد سيتم منح الأراضى للمستثمرين المستوفين للشروط الفنية والمالية بالمجان فى المناطق التى حددها القرار، وهى محافظات المنيا وأسيوط وسوهاج وقنا وأسوان والوادى الجديد.
ضعف البنية التحتية والمرافق وغياب الحوافز والتراخيص أكبر التحديات
فرص استثمارية بمليارات الجنيهات تنتظر التنفيذ فى أسوان وسوهاج
الصناعات التعدينية والسيراميك والأسمنت أبرز قطاعات الاستثمار بالصعيد
قال مستثمرون إن محافظتى سوهاج وأسوان بهما فرص استثمارية جاهزة لجذب 110 مليارات جنيه.
ذكر سطوحى مصطفى رئيس جمعية مستثمرى أسوان: أن الاستثمار فى الصعيد لكى يزدهر لابد أن يكون له حوافز تجذب المسثتمرين، وأكد أن القوانين والأنظمة الحاكمة للاستثمار فى محافظات مصر يجب أن تختلف فى الصعيد وأن تكون أكثر تيسيراً.
وطالب الحكومة بتقديم حوافز لرجال الأعمال الذين يرغبون فى الاستثمار بالصعيد، لتعويضهم عن نقص الأيدى العاملة المدربة، التى يجب تأهيلها من مدن الجنوب، فضلا عن نقص الخامات المحلية، وبالتالى استيرادها من أو جلبها من مناطق أخرى، بالإضافة إلى تكلفة النقل من وإلى الصعيد إلى المحافظات.
وأضاف أن الحوافز لا بد وأن تشمل الضرائب والتأمينات ودعم الطاقة، فضلا عن مميزات أخرى لإقامة الصناعات بجانب مناطق وجود مدخلاتها الرئيسية، كتحفيز صناعات الأسمنت والسيراميك والصناعات التعدينية.
وعن التراخيص والأراضى الصناعية، أكد أنه كمستثمر بأسوان يسعى منذ 3 سنوات للحصول على رخصة دائمة لمصنعه لكنه لا يستطيع، مؤكدا تفشى البيروقراطية وعدم الخبرة فى الأجهز المعنية والعاملين بها، عن طبيعة الاستثمار والإجراءات المنظمة له، وأن القائمين على تيسير تلك الإجراءات غير مؤهلين للتعامل مع المستثمرين.
وأضاف أن المنطقة الصناعية بأسوان غير صالحة للاستثمار، ورغم من أنها مجانية، فإن أكثرها يتخللها حفر أو مناطق جبلية، مشيرا إلى أن تسوية الأرض سواء بردمها بالخامات المناسبة أو تكسير الحجارة الجبلية يكلف المتر الواحد ما يتراوح بين 400 و600 جنيه، مما يجعلها غير مجانية فى نهاية الأمر.
وأكد أن منطقة الصناعات الفوسفاتية لم تنفذ بعد، وأن هذا يؤخر تصنيع الخام والذى، ما يكلف الدولة خسائر تقدر بنحو 8 آلاف جنيه فى الطن الواحد.
وقال سطوحى: إن أسوان محافظة واعدة بإمكانات هائلة، وتستطيع استيعاب استثمارات بأكثر من 60 مليار جنيه لتنميتها فى الصناعة والزراعة والسياحة، وغيرها من المجالات.
من جانبه قال محمود الشندويلى، رئيس جمعية مستثمرى سوهاج إن الصعيد «منطقة بكر» أهملت على مدار الأعوام الماضية.
وأشار إلى أن مناطق الوجه القبلى يمتلك من المواد الخام ما يكفى لإنتاج الأسمنت والسيراميك وغيرها من الصناعات، والتى يمكن تصديرها من ميناء سفاجا حال تطويره وتأهيله لعمليات لذلك.
وأكد الشندويلى أن محافظة سوهاج وحدها يمكن أن تستقبل استثمارات تقدر بنحو 50 مليار جنيه، إذا إعدت دراسات عن المناطق المؤهلة وكيفية تمويلها وتسويقها، وأن المشروعات يمكن أن تكون تعدينية، أو زراعية، فضلا عن صناعات الأسمدة والسيراميك والأسمنت.
وأشار إلى التراخيص أكبر المشكلات التى تواجه المستثمرين، فقد بات من المستحيل أن يحصل مستثمر على تراخيص دائمة لمصانعه، وأن التراخيص الوحيدة التى تمنح مؤقتة لسنتين بحد أقصى، مطالبا بتشريعات جديدة تحفز على الاستثمار، كما شدد على ضرورة ترفيق الأراضى الصناعية وتفعيل مبادرات الدولة لتحفيز تنمية الصعيد».
وأشار إلى أن الإعفاءات الضريبية والاهتمام بالبنية التحتيتة من أهم ما يجذب المستثمرين إلى أى منطقة صناعية.
وحول مدى جاذبية الصعيد للاستثمارات، أكد علاء السقطى، رئيس جمعية مستثمرى الصناعات الصغيرة والمتوسطة باتحاد المستثمرين، إن الوجه القبلى غير جاذب للاستثمار حاليا.
ولفت إلى أن هناك عددا من المشكلات التى يجب حلها، أهمها توفير الأراضى وتسهيل الإجراءات، والبنية التحتية.
وأضاف أن الإعفاءات الضريبية ليست بالحافز الكبير الذى قد يجذب المستثمرين بقدر التسهيلات وسرعة الحصول على التراخيص، مؤكدًا أن أى رجل أعمال على استعداد لسداد الضرائب إذا أدر أرباحا من مشروعه.
وأشار إلى عدم أهمية وجود مؤسسات خاصة لتمويل المشروعات بالصعيد، وأن التمويل البنكى متاح ومتيسر، إلا أن الإجراءات المعقدة للحصول على التراخيص هى المشكلة الحقيقية.
من جانبه أكد عادل فهمى، عضو جمعية مستثمرى سوهاج، أن المشكلة الرئيسية غياب الهدف الحقيقى من تنمية الصعيد، وأن الحكومات الحالية أو السابقة لم تمتلك هدفا حقيقيا تجنيه من وراء تنمية الوجه القبلى.
وأضاف أن العمل الحقيقى يجب أن يخطط لهدف ما، ومن ثم تبدأ الخطوة التالية من خلال التخطيط والتنفيذ والمتابعة، مطالبا الدولة بوضح الأهداف والعمل على تحقيقها.
%60 زيادة متوقعة للاستثمارات بالصعيد بعد قرار تخصيص الأراضى بالمجان
تنتظر محافظات الصعيد إصدار مجلس الوزراء للضوابط الفنية والمالية الخاصة بالمتقدمين للحصول على أراض بالمجان فى المناطق الصناعية التى اختصها قرار رئيس الجمهورية بإعادة طرح الأراضى على المستثمرين بالمجان، وسط توقعات مديرو الاستثمار بالصعيد بزيادة الإقبال على الاستثمار بمحافظاتهم بنسبة %60.
وقال فولى كامل موسى، مدير الاستثمار بمحافظة المنيا، إن محافظات الصعيد من أكثر المواقع جذباً للاستثمار المحلى والأجنبى.
وأضاف: أرسلت جميع محافظات الصعيد مذكرات خاصة ومخاطبات لرئاسة الجمهورية منذ إلغاء تخصيص الأرض بالمجان، والذى أثر سلباً على جذب استثمارات جديدة وتشجيع رجال الأعمال على ضخ أموال بالصعيد.
من جانبه، قال مدحت حسانين، رئيس المنطقة الصناعية بالمنيا، إن المنيا هى الوحيدة التى يشملها قرار رئيس الجمهورية بإعادة تخصيص الأرض بالمجان، وتحوى مساحات شاغرة لمختلف التخصصات والقطاعات الصناعية.
وأوضح أن المنطقة يوجد بها 41 قطعة على مساحة 350 ألف متر مربع، وتتراوح مساحة الواحدة من 2000 إلى 10 آلاف متر تخصص لجميع القطاعات والمجالات الصناعية.
وقال رأفت كامل موسى، مدير الاستثمار بمحافظة اسيوط، إن معدل الاستثمار بمحافظات الصعيد سيرتفع لنحو %60 بعد صدور القرار، والذى يساعد على تشجيع المستثمر المحلى والأجنبى بالمحافظة.
وأضاف أن الدولة يجب أن تنطر بعين الاعتبار إلى ضرورة تقديم حوافز أخرى لتشجيع الاستثمار بالصعيد مثل الإعفاءات الضريبة لـ10 سنوات لمن يستثمر بالمناطق الصناعية.
وأوضح أن المحافظة يوجد بها نحو 367 فداناً ضمن توسعات المنطقة الصناعية فى عرب العوامر بمركز أبنوب للاستخدام الصناعى، و10 آلاف متر مربع مخصصة لصناعة الملابس الجاهزة.
وقال نوبى السيد، مدير الإستثمار بالأقصر، إن قرار رئيس الجمهورية اختص منطقة البغدادى الصناعية فقط بالمحافظة لتخصيص أراضيها بالمجان للمستثمرين، وان المحافظة تنتظر الضوابط المالية والفنية للمتقدين للحصول على الأرض التى سيصدرها مجلس الوزراء.
وأضاف أن القرار سيؤثر على زيادة الاستثمار بنسبة تتراوح بين 55 و%65 بمجافظات الصعيد، سواء مستثمر محلى أو أجنبى.
وأشار إلى أن هناك 200 فدان مرفقة يمكن طرحها على المستثمرين بالمجان مقسمة إلى مناطق صناعية.
رئيس مجلس تنمية الصعيد باتحاد المستثمرين:
330 مصنعاً متعثراً بأسيوط بسبب صعوبة التمويل وتسويق المنتجات
البنوك أصبحت أكثر قدرة على التعامل مع المستثمرين وخاصة «الصغيرة والمتوسطة»
ارتفع عدد المصانع المتعثرة بمحافظة أسيوط إلى 330 مصنعاً من إجمالى 825 مصنعاً عاملاً بالمحافظة، بما نسبته %40، نتيجة صعوبات التمويل وتسويق المنتجات.
وقال على حمزة، رئيس جمعية مستثمرى أسيوط، رئيس مجلس تنمية الصعيد باتحاد جمعيات المستثمرين، إن المنطقة الصناعية بأسيوط تضم استثمارات بقيمة تصل إلى 1.8 مليار جنيه.
وأضاف «حمزة»، لـ«البورصة»، أن مستثمرى الصعيد يعانون عدة مشكلات، أبرزها، اعتمادهم على مدخلات إنتاج من مدن الدلتا، وارتفاع تكلفة النقل.
وأوضح أن جمعية مستثمرى أسيوط ومجلس تنمية الصعيد يعملان على تذليل هذه العقبات وحلها، من خلال التنسيق بين جهود المستثمرين والحكومة.
وقال إن مجلس تنمية الصعيد يعطى الأولوية لمساعدة المشروعات المتعثرة بالتزامن مع إنشاء مشروعات جديدة قادرة على عدم التعثر مستقبلاً.
وذكر أن الصعيد لن يكون جاذباً للمشروعات والاستثمارات الكبيرة، إلا إذا تم حل المشكلات التى تواجهه، وأبرزها الانتهاء من تطوير البنية التحتية لبعض المناطق الصناعية بالصعيد وزيادة رقعتها، بجانب تطوير ميناء سفاجا وجعله نافذة للتصدير والاستيراد، لما له من أهمية كبيرة تفتح أسواق الصعيد على الصعيدين العربى والأفريقى بشكل مباشر.
وطالب الدولة بتوفير امتيازات لراغبى الاستثمار بالصعيد، أبرزها التسهيلات الائتمانية، ودعم المعارض، فضلاً عن التخلص من الازدواج الضريبى على الأبنية الصناعية ومنتجاتها، وتخفيض الضرائب لفترة محددة، وتسهيل الحصول على الرخص الدائمة أو المؤقتة القابلة للتجديد.
وأشار «حمزة» إلى وجود أراضٍ صناعية مرفقة بمساحات كبيرة بمحافظة أسيوط، حيث يتوافر بها 6 مدن صناعية بها مساحات فارغة يمكن أن تكفى لزيادة عدد المصانع إلى الضعف على الأقل.
وذكر أن المجمعين الصناعيين المخصصين لصناعة الإلكترونيات، وقطع غيارات السيارات، التى أعلنت هيئة التنمية الصناعية فى وقت سابق عن إنشائهما بالصعيد لم يتم البدء فى تنفيذهما على الأرض حتى الآن، وأكد أن المجمعين سيوفران وظائف وفرص عمل كثيرة للشباب، وطالب الحكومة بالإسراع فى تنفيذهما.
وأشار إلى أن الصعيد يحتاج إلى الكثير من الاستثمارات، خاصة أنه يتوافر به القوى العاملة اللازمة والمساحات المتاحة للاستغلال الصناعى والزراعي، فضلاً عن المميزات النوعية لكل محافظة عن الأخرى.
وقال «حمزة»، إن البنوك كانت تخشى المخاطرة بأموالها فى المشروعات الاقتصادية والصناعية، ما دفعها للتوقف عن مساندة أى مشروع صناعى على الإطلاق، لكنها أصبحت حالياً أكثر قدرة على التعامل مع المستثمرين خاصة الصغار منهم.
وأكد أن تولى طارق عامر محافظاً للبنك المركزى وتغييره لسياساته النقدية، وتحفيزه لمساندة المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وتخصيص مبلغ 200 مليار جنيه لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، جعلت من القطاع البنكى أكثر ثقة فى تمويل المشروعات الاقتصادية بشكل عام وخاصة الصغيرة والمتوسطة.
وطالب «حمزة» بضرورة تفعيل مبادرة تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة على وجه السرعة، وحل مشكلات الضمانات التى تطلبها البنوك من صغار المستثمرين والتى تجعل المبادرة مجرد حبر على ورق، وكذا حل مشكلات التراخيص المؤقتة وإدخالها كإحدى ضمانات البنوك.
وشدد على ضرورة ألا يقتصر دور البنوك على تمويل المشروعات فقط، بل تقديم الخدمات غير المالية المتمثلة فى الدعم الفنى وتسهيل خدمات استيراد مدخلات الإنتاج وتصدير المنتجات مستقبلاً، فضلاً عن وجود جهة تابعة للبنك تقوم بمراقبة المشروع وتحفيزه، ودراسة كافة مستجداته.
وأشار إلى أهمية قيام البنوك بحسن اختيار الشباب المؤهلين للقيام بمشروعات، وأن تكون التمويلات لهم بهدف استيراد مدخلات الإنتاج وليس إنشاء المشروع من الأساس، موضحاً «إذا ساهم البنك فى بداية المشروع بالقروض للشباب فإن وتيرة تراكم المديونات ستكون أسرع من مراحل تشغيل المشروع، الأمر الذى سيؤدى به إلى الفشل لا محالة، على عكس ما إذا كان التمويل لتوفير مدخلات الانتاج، الأمر الذى سيسرع من خطوات الإنتاج، وبالتالى إنجاح المشروع».
وقال «حمزة»، إن تمويل المشروعات من مبادرة «المركزي» أو من جهة أخرى ليس أمراً كافياً، مشيرة إلى ضرورة أن تقوم الدولة بتدريب الشباب والإعداد الجيد لهم لتأهيلهم لسوق العمل.
“البورصة” تستطلع رأى 35 رجل أعمال ومدير استثمار عن التحديات والحوافز والفرص