سمح البنك المركزى للبنوك بإدراج برامج التمويل متناهى الصغر وقاعدة عملائها تحت أنشطة التجزئة المصرفية، تمهيداً لإطلاق تحفيزات للتوسع فى النشاط الفترة المقبلة.
ويستعد عدد من البنوك أبرزها الأهلى ومصر لإعادة هيكلة برامج تمويل المشروعات متناهية الصغر ورصد محفظتها استعداداً لإطلاق برامج جديدة تناسب تلك الشرائح من العملاء بالإضافة إلى إدراجها ضمن محفظة تمويلات الأفراد.
وأوضح مصرفيون، أن المركزى سمح للبنوك التوسع فى تمويل المشروعات المتناهية الصغر من خلال قطاع التجزئة المصرفية والتعامل مع أصحاب المشروعات على أنهم «أفراد».
ويجرى البنك الأهلى المصرى تعديلات شاملة لهيكلة إدارة المشروعات المتناهية الصغر تمهيداً لضمها لقطاع تمويلات الأفراد والبدء فعلياً بداية يوليو المقبل.
كما يعكف بنك مصر على اختبار مدى استيعاب أصحاب تلك المشروعات لمنتجات التمويل الجديدة والتغلب على الصعوبات الخاصة بتعاملاتهم المصرفية تمهيداً لتدشين برامج متخصصة لهذه الشريحة ضمن قطاع تمويلات الأفراد.
يأتى هذا فى الوقت الذى يقود فيه البنك المركزى تحالفاً لإطلاق مبادرة مستقلة للتمويل المتناهى الصغر من خلال الصندوق الاجتماعى للتنمية ووزارات المالية ممثلة فى مصلحة الضرائب والتضامن الاجتماعى والتنمية المحلية ومعظم الوزارات الأخرى، بالإضافة لجميع محافظات مصر البالغ عددها 29 محافظة.
قال كريم سوس رئيس قطاع مخاطر تمويلات الأفراد بالبنك الأهلى المصرى، إن البنك يجرى هيكلة لمحفظة المشروعات المتناهية الصغر وضمها لقطاع تمويلات الأفراد، مشيراً إلى أن البنك يعتزم إتاحة منتجات وبرامج تمويلية لهذه الشريحة، ويتم إدراجها وفقاً لقطاع التجزئة المصرفية لتكون منتجاً قائماً بذاته بين منتجات البنك الأخرى.
وأوضح سوس، أن البنك سيبدأ بتمويل هذه الشريحة من خلال قطاع تمويلات الأفراد بداية يوليو المقبل الذى يمثل بداية العام المالى 2016 – 2017.
وتصل محفظة التمويلات للمشروعات المتناهية الصغر إلى 3 مليارات جنيه تشمل 40 ألف عميل من إجمالى محفظة تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة بالبنك الأهلى المصرى البالغة 23.5 مليار جنيه بنهاية مارس الماضى.
وأشار إلى أن البنك بصدد تخصيص محفظة تجريبية تتراوح بين 50 و70 مليون جنيه قابلة للزيادة لتمويل المشروعات متناهية الصغر بعد اختبار صلاحية المنتج التمويلية وإقبال العملاء عليه.
ويعتزم البنك تمويل هاتين الشريحتين عبر 350 فرعاً تتوزع فى جميع أنحاء الجمهورية بإشراف 5 آلاف موظف من موظفى قطاع التجزئة المصرفية وفقاً لسوس.
وأضاف أن الإقبال على قروض التجزئة لن يتأثر ولكن ستنخفض القيمة الممنوحة للعميل وفقاً للنسبة التى حددها المركزى فى إطار حجم الراتب الذى يتلقاه العميل.
وتوقع سوس تراجع معدلات نمو قطاع الأفراد بنسبة تتراوح بين 5 و%7 خلال العام الجارى، وذلك عقب تخفيض البنوك الحد الائتمانى لعميل التجزئة إلى %35 من إجمالى دخله الشهرى.
كما توقع لجوء البنوك لتمويل شرائح المشروعات المتناهية الصغر وإدراجها ضمن تمويلات قطاع الأفراد خلال الفترة المقبلة.
أوضح أن إدراج هذه الشرائح بقطاع التجزئة المصرفية سيقضى على المصاعب التمويلية التى تواجه هذه الشرائح بسبب عدم الاعتراف بهما رسمياً حتى هذا الوقت من قبل الجهات المعنية بتنظيم منح التمويل.
قال مسئول بقطاع التجزئة المصرفية ببنك مصر، إن إدراج تمويل شريحة المتناهى الصغر عبر تمويلات الأفراد أمر قد يكون وارداً فى بنك مصر خلال الفترة المقبلة، مشيراً إلى أن الأمر سيخضع للدراسة من قبل البنك لتعزيز خططه التوسعية فى قطاع تمويلات الأفراد والحفاظ على حصته السوقية بين البنوك الأخرى إزاء قرارات المركزى الأخيرة.
أضاف المسئول، أن ثقافة وطبيعة شريحة عملاء المتناهى الصغر من جانب آخر تتطلب تعاملات متخصصة ويكون هناك موظفون مدربون عليها، حيث إن أغلبيتهم يفتقدون ثقافة التعاملات المصرفية ويفضلون التعامل مع الجمعيات الأهلية وشركات التمويل المتخصصة لقدرتها على التواصل معهم.
وأوضح المسئول أن التمويل متناهى الصغر قطاع واسع ويتطلب مجهوداً كبيراً من البنوك فى ضوء أن هناك العديد من الشركات والمؤسسات والجمعيات الأهلية نجحت أكثر من البنوك لقدرتها على التواصل مع تلك الشريحة من العملاء.
وينفرد بنكا القاهرة وأبوظبى الإسلامى بتقديم برامج متخصصة للاقراض المتناهى الصغر من خلال إدارات وقطاعات قائمة بذاتها، فى الوقت الذى تحجم فيه بقية البنوك عن تمويل هذه النوعية من المشروعات.
لفت المسئول إلى أن القطاع محفوف بالمخاطر على الرغم من صغر حجم التمويلات التى يتيحها للعملاء، ولكن البنوك غالباً ما تتحفظ فى تلك التمويلات لذا فالتمويل من خلال قطاع التجزئة يقلل عنصر المخاطرة.
قال أحمد فؤاد نائب رئيس قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة بأحد البنوك العامة، إن ضم هذه الشريحة لقطاع تمويلات الأفراد مطبق فى معظم دول العالم، مشيراً إلى أنها استراتيجية جيدة تستطيع من خلالها البنوك استيعاب شرائح سوقية أكثر.
أوضح فؤاد أن شريحة المتناهى الصغر لاتزال تعانى من صعوبات فى التمويل بسبب عدم إدراجها ضمن منظومة رسمية رغم تعهد الجهات المعنية بتقديم عدة حوافز لهم بالتنسيق مع مصلحة الضرائب والتأمينات، مؤكدا أن منح تمويلات لهم من خلال برامج متخصصة يعزز فرصتهم فى الحصول على التسهيلات الائتمانية.
وأضاف أن محافظ البنوك للتمويلات المتناهية الصغر منفصلة عن النسبة التى أقرها البنك المركزى المصرى للبنوك بألا تقل تمويلاتها للمشروعات الصغيرة والمتوسطة عن %20 من إجمالى محفظة القروض والتسهيلات الائتمانية، مشيرا الى أن تعريف المركزى الموحد لم يشمل المشروعات المتناهية الصغر.
ذكر أن التمويلات الممنوحة حتى 25 ألف جنيه لهذه الشريحة لا تشترط فيها البنوك سجلا تجاريا أو بطاقة ضريبية لأنها تدرج بذلك تحت القطاع غير الرسمى، أما التمويلات التى تزيد على هذه القيمة فتضع البنوك السجل التجارى والبطاقة الضريبية شرطاً أساسياً لضخ تمويلات.
قال أحمد حسين، مدير إدارة بقطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة بأحد البنوك، إن معايير بازل أوصت من خلال بنودها بإدخال جزء من شرائح المشروعات الصغيرة والمتوسطة بمحافظ تمويلات الأفراد كمعيار لحجم الخطر الخاص بها.
وأوضح حسن أن أسس منح الائتمان للمشروعات تتطلب أن يتم منح المشروع كمشروع قائم بذاته وليس فرداً لأن النظرة مختلفة تماما بسبب اختلاف التوجهات التمويلية التى تحكم هذه المنتجات، مشيراً إلى أن بعض أصحاب المشروعات يعانون أو يجدون صعوبة فى الحصول على تمويل لمشروعهم من البنوك قد يجدون وسيلة أسهل للحصول على تمويل كأفراد.