أسهم “الأغذية” تُعاني من “الأنيميا” رغم كثرة منتجاتها على الموائد

“رشاد” : تراجع نسب الطرح العام والاعتماد على الاستثمارات طويلة الأجل للمؤسسات السبب

“فريد” : اتجهنا إلى تجزئة أسهم “المنصورة للدواجن” لتعزيز السيولة
مستثرون : تحكمنا توجيهات السماسرة.. و”لطفي” : سهولة تصفية المراكز تحسم اختيارات الأسهم

على الرغم من الإقبال المرتفع على منتجات القطاعات الاستهلاكية مثل الأغذية والصحة فى الحياة اليومية للمصريين، فإن واقع تلك المنتجات فى البورصة المصرية يختلف، فسريعاً ما تمرض التداولات على غالبية أسهم شركات القطاع الاستهلاكى على مر السنوات.

تستعد البورصة المصرية لاستقبال مزيد من شركات القطاع الاستهلاكى خلال الفترات القريبة المقبلة، بداية من طرح شركة “عبور لاند”، المتخصصة فى منتجات الجبن، يليها “يونيون إير” التى يتركز نشاطها على أجهزة استهلاكية، فهل تلقى نفس الإقبال الضعيف من المستثمرين الأفراد بعد أداء “دومتي” التى تراجعت من 316.1 مليون جنيه فى أول شهر تداول، إلى 66.38 مليون جنيه الشهر الماضى.

تراجعت أيضاً تنفيذات “كليوباترا” من 74.9 مليون جنيه فى الأسبوع الأول لبدء التداول عليها فى مطلع الشهر الحالي، إلى أن وصلت 600 ألف جنيه أسبوعياً.

وأجرت “البورصة” دراسة إحصائية على 8 شركات تعمل فى قطاع الأغذية الاستهلاكى فى البورصة المصرية، أظهرت استحواذها على 2 – 3% فقط من تنفيذات السوق فى المتوسط خلال السنة الأخيرة، على الرغم من ارتفاع نسبة الأسهم حرة التداول فى أغلب تلك الشركات، وأدائها المالى والفنى الجيد.

وتفشل كل المحاولات التى تقوم بها شركات الأغذية فى البورصة لرفع نسبة التداول عليها، التى كان آخرها شركة الصناعات الغذائية العربية “دومتي”، إذ شهدت زخماً فى تداولاتها فى الشهر الأول لها فى السوق أبريل الماضى، لكن متوسط تداولاتها الشهرى تراجع بعدها بنحو 79% إلى 66.38 مليون جنيه حالياً، وعلى الرغم من ارتفاع نسبة الأسهم حرة التداول التى تصل إلى 49% من أسهم الشركة، فإنها لم تُضف جديداً للسوق المتعطش لمنتجات جديدة تجذب السيولة.

وفى حين يبلغ عدد شركات الدواجن المقيدة فى البورصة 5 شركات، إلا أن متوسط تنفيذاتها الشهرية يتراوح بين 400 الف جنيه و9 ملايين جنيه بنسبة لا تتعدى 1% من إجمالى تنفيذات السوق، على الرغم من النسب المرتفعة للأسهم حرة التداول فى هياكل ملكية تلك الشركات، ولاسيما «القاهرة للدواجن»، التى تصل الى 47.2%، و88.7% لشركة “المنصورة للدواجن”، كما تلقى منتجات تلك الشركات طلباً مرتفعاً ومستداماً من قبل المواطنين، من المفترض أن يدعمها لجذب استثمارات البورصة.

وقال إيهاب رشاد، الرئيس التنفيذى لشركة «مباشر إنترناشيونال» لتداول الأوراق المالية، إن أحد أبرز أسباب شح التداولات فى شركات القطاع الغذائي، هو ارتفاع نسبة التواجد المؤسسى فى غالبية هياكل ملكية الشركات، وهى طبيعة تتوارثها شركات القطاع على مدار العقود الأخيرة، فبداية من شركات الدواجن مثل «القاهرة» و«المصرية» التى تستحوذ جهات ومؤسسات كبرى وأفراد كبار السن واستراتيجيون، على حصص فيها تعتمد فقط على الكوبون السنوى دون النظر إلى المكاسب الرأسمالية التى تؤدى إلى تنشيط تداولات، ومن ثم لا تشهد تلك الأسهم تنفيذات تٌذكر.

وتابع: نفس السيناريو يتكرر حالياً مع الطروحات الجديدة فى شركات القطاع الغذائي، أو الاستهلاكى إذ يتم تخصيص 85% من الأسهم المتاحة فى الطرح للشريحة الخاصة والتى تمتلكها مؤسسات وجهات كبري، لا تعتاد على التداولات اليومية بل تضع أموالها فى الشركة كاستثمار طويل الأجل، ما ينعكس على شح التعاملات فى السوق المصرى التى لا تتجاوز 50 مليون دولار.

وأضاف رشاد، أن تواجد الشركات فى البورصة بات وسيلة استفادة من سهولة التخارج من الاستثمارات بصورة سريعة، مثل تخارج صندوق أكتيس من شركة إيديتا للصناعات الغذائية.

وعلى الرغم من أن كافة البيانات الحكومية أظهرت عجزاً بنسبة تتجاوز 50% بين الطلب على منتجات شركات الدواجن، وبين العرض المتاح من الإنتاج المحلي، ما يعنى أن الطريق مفتوح أمام هذه الشركات للتوسع، فإنه فى أوساط سوق المال لا يظهر تأثير تلك التصريحات على أسهم الدواجن، وكأن شيئاً لم يكن.

وقال محفوظ فريد، العضو المنتدب لشركة المنصورة للدواجن، إن الشركة تستهدف من تجزئة القيمة الاسمية للسهم من 10 جنيهات إلى 4 جنيهات رفع معدلات السيولة المتدفقة فى السهم، حتى يتمكن صغار المتعاملين الأفراد من اقتناء السهم بسهولة، خاصة أنه يتمتع بأداء مالى مستقر وتوزيعات أرباح بصفة دورية، لكن مساعى الشركة جاءت دون جدوى.

ففى حين انتهت الشركة من تجزئة السهم وتم تداوله فى مارس 2016، هو الشهر الذى شهد ارتفاعاً فى قيم تعاملات السهم لتصل إلى 17.4 مليون جنيه، مقابل 3.3 مليون جنيه قبل التجزئة، فإن السهم سرعان ما عاوده الركود مرة أخرى وهبطت تنفيذاته إلى مستويات أقل مما كانت عليه قبل التجزئة وسجلت 2.1 مليون جنيه الشهر الماضي.

أما حالة شركة «إيديتا»، فتختلف نسبياً فبعد الصعود المدوى للسهم عقب طرحه فى البورصة بنسبة قاربت الـ100%، اتجهت الشركة إلى زيادة رأس المال المُصدر من 72.54 مليون جنيه إلى 145.1 مليون جنيه، عبر أسهم مجانية، ومن ثم ترتفع نسبة أسهم الشركة المتاحة فى السوق التى كانت تتعلق بها الآمال لرفع نسبة السيولة المتاحة فى الورقة المالية، الا أن المتعاملين خالفوا التوقعات، لتنخفض السيولة المتاحة على السهم 83% من 13.4 مليون جنيه قبل التقسيم بثلاثة أسابيع الى 2.3 مليون جنيه متوسط الثلاثة أسابيع التى تلت تداول الأسهم المجانية.

من جهته، قال محمد لطفى، رئيس قطاع السمسرة فى شركة «أسطول» لتداول الأوراق المالية، إن اتجاه اى مستثمر لبناء مركز مالى فى سهم معين يرتبط بمحدد رئيسى هو سهولة الدخول والخروج من السهم، مضيفاً أن الأسهم التى لا تتمتع بتنفيذات مرتفعة لن يقدم السمسار على توجيه العميل للشراء بها، حتى لا يتحمل مشاق الخروج من السهم بخسائر رأسمالية، ونظراً إلى ركود تداولات أسهم الأغذية لا ينصح السماسرة باقتنائها، ما يزيد من ضعف الإقبال على تلك الأسهم.
وَأضاف أن توجهات كل سمسار تحسم هياكل الأسهم المكونة للمحافظ، التى يختارها فى المقام الأول على أساس السيولة، حيث يتجه فيها المتعاملون إلى الأسهم النشطة التى تتدفق عليها الأخبار والأحداث الجوهرية، إذ تلعب دوراً رئيسياً فى تحريك السهم، على عكس الشركات التى تعانى السكون فى أحداثها الجوهرية.

واستطلعت “البورصة” آراء مجموعة من المستثمرين الأفراد فى البورصة المصرية، وقال أيمن زيدان، أحد المستثمرين: «تحكٌمنا توجيهات السمسار فى اختيار الأسهم، مش عاوزين نخسر ولا نفضل قاعدين فى الورقة كتير».

وعلى صعيد الأداء المالى لقطاع الأغذية فقد حققت 8 شركات نمواً فى الأرباح بنسبة 60.6% خلال عام 2015، مقارنة بأرباحها خلال 2014، حيث بلغت صافى أرباح تلك الشركات 1.09 مليار جنيه، مقابل 681.9 مليون جنيه خلال 2014.

وجاءت شركة دومتى فى الصدارة، بنسبة نمو 356%، حيث ارتفع صافى أرباحها إلى 128.7 مليون جنيه خلال 2015، مقابل 28.2 مليون جنيه خلال 2014، كما حققت شركة ايديتا للصناعات الغذائية 370.9 مليون جنيه أرباح، مقابل 283.3مليون جنيه عن 2014 بنسبة نمو 30.9%.

ونمت أرباح شركة جهينة للصناعات الغذائية بنسبة 64.6% مسجلة 279.9 مليون جنيه خلال 2015، مقابل 170.1 مليون جنيه خلال 2014.