بقلم: جوردون جرايليش
التكنولوجيا سيكون لها تأثير ملحوظ فى تحديث الحكومات الإفريقية
البنك الأفريقى للتنمية أعلن عن صندوق بقيمة 5مليارات دولار لتوفير 50 مليون فرصة عمل للشباب
احتلت تكنولوجيا المعلومات والاتصالات أحد المحاور الهامة والرئيسية فى منتدى الاقتصاد العالمى حول أفريقيا والذى اختُتمت فعالياته مؤخراً فى رواندا، وهو ما أكد أهمية احتياج القارة السمراء إلى تبنى التكنولوجيا الحديثة ودمج التحول الرقمى فى جميع قطاعاتها بقدر احتياجها لبناء الطرق والسدود ومحطات الطاقة، رغم أنها لا تزال فى حاجة إلى المزيد من التنمية.
ولقد كان الأمر مثيراً لاهتمام الكثيرين عندما طُرحت أسئلة مثل «كيف يمكننا تنويع اقتصادياتنا؟» و«كيف يمكننا تحسين كفاءة الأعمال؟» أو «كيف نعد الأجيال الشابة للحصول على وظائف؟» واتفق المشاركون، ومن بينهم السياسيون، والخبراء، والمنظمات الاستثمارية، والقطاع الخاص على نفس الإجابة؛ ألا وهى أن الحل يكمن فى «الثورة الصناعية الثالثة» أو ثورة التحول الرقمى.
فى ظل وصول تعداد الطبقة المتوسطة والعليا بأفريقيا إلى 350 مليون نسمة، والمتوقع أن تزيد إلى 430 مليونا بحلول عام 2020، داخل القارة التى سيصل تعدادها إلى 1.3 مليار بحلول هذا الوقت، اتفق القطاعان الخاص والعام على أن التكنولوجيا سيكون لها تأثير ملحوظ فى تحديث الحكومات الأفريقية، مما سيخلق ما اسميه بحكومات الجيل القادم.
ومن الأمور المشجعة حقاً أن هذه الثورة قد بدأت بالفعل فى المكاتب والبيوت الصغيرة فى كافة أنحاء أفريقيا التى تبنت تكنولوجيا الاتصالات المتنقلة، وبفضل شبكة كينيا الرائدة إم بيسا M-Pesa، تقود أفريقيا ثورة التحويلات المالية عبر الهواتف المحمولة، ولقد كان لذلك تأثير ملحوظ على القارة فى توسيع نطاق الشمولية المالية.
ولكن تكنولوجيا الهواتف المحمولة وحدها لا تكفي.
يجب أن تكون الخطوة المنطقية التالية هى استغلال التكنولوجيا فى الصناعة والتحول الزراعى والاجتماعى؛ حيث يدخل العالم حالياً فى عصر من أكثر عصور التكنولوجيا تشويقاً وإمتاعاً.
فقد أصبحت الأشياء اليومية جزءاً من نظام متكامل من الأجهزة الصغيرة والتى تغير من شكل الحياة التى نعيشها؛ حيث تظهر فرص لا نهائية فى الشبكات الكهربائية، والمدن، والزراعة الذكية، مما يؤسس خدمات حكومية آمنة ويطور صناعة تكنولوجية تنافسية حيوية على المستوى العالمي.
وإلى جانب اتصال المزيد من الأشخاص بالإنترنت، سيسمح الاتصال بالإنترنت وإضافة التكنولوجيا الذكية فى أفريقيا للحكومات بتوفير فرص تعزز الإنتاجية، وتقديم الخدمات أكثر جودة، وتدعم صنع القرارات فى الزمن الحقيقى، وتحل المشكلات المجتمعية الملحة، وتقدم خبرات مبتكرة للمستخدمين.
ويمكن لهذه الفرص أيضاً أن تدعم إجمالى الناتج المحلي، وتوفر فرص عمل جديدة، وتعزز الاقتصاديات.
لقد تفاءلت كثيراً باستشعار الإرادة السياسية لاستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لتحقيق النمو الاقتصادى والاجتماعى فى أفريقيا، وعلى سبيل المثال، شهدت كينيا نمواً حقيقياً فى قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والتى تمثل الآن 138 مليار شلن من إجمالى الناتج المحلى، وبالإضافة إلى ذلك، ارتفعت كفاءة منافذ الخدمات العامة فى كينيا، مراكز هودوما Huduma، والتى تستند إلى نظام الحكومة الإلكترونية، حتى أنها كانت سبباً فى حصول كينيا على جائزة الأمم المتحدة.
وشهدت حكومة رواندا من ناحية أخرى زيادة %20 من أموال الضرائب على القيمة المضافة منذ عام 2014 حتى 2015 بعد استحداث الأجهزة المالية الإلكترونية، بينما وفرت الحكومة النيجيرية أكثر من مليار دولار من خلال استحداث البطاقات التعريفية الرقمية لموظفى الحكومة.
مع استمرار الحكومات فى استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، ستتمكن من جمع الكثير من البيانات، والتى تعتبر «النفط الجديد» فى العالم الحديث. وستكون الخطوة الكبرى التالية هى تحليل الحكومات لهذه البيانات، والتى ستساعد بعد ذلك فى اكتشاف الاتجاهات الجديدة، وزيادة الكفاءات، وتقليل التكاليف، وستفتح فرصاً جديدة للأعمال فى مجالات النقل، وتوفير الطاقة، والزراعة، والرفاهية الاجتماعية، أو حتى توفير الأمن.
ويوجد لدى القطاع الخاص الاستعداد لمساعدة الحكومات على رقمنة العمليات، حيث توجد بالفعل جهود لتحقيق ذلك. وعلى سبيل المثال تبرم أفريقيا الذكية، والبنك الأفريقى للتنمية، ومؤسسة إنتل برنامج عمل حكومى رقمي، ويشكل ذلك إطار عمل من شأنه أن يوفر المشورة والخطوات المنهجية للحكومات لاستغلال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وبناء بنية تحتية رقمية ستساعدها فى تحويل طريقة عملها وتغيير نمط الخدمات المقدمة لمواطنيها.
ومن خلال برنامج العمل، لا يوجد مجال للتخمين أو الافتراض، حيث سيساعد هذا المخطط الحكومات على تطوير سياسة قومية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات تتماشى مع الأولويات الوطنية للدولة، وتوفر خطة قابلة للقياس لتمكن الجميع من المشاركة فى الاقتصاد الرقمى وجنى فوائده.
وتعد أفضل نقطة انطلاق هى التشغيل الأوتوماتيكى للحكومات الداخلية سواءً لخدماتها الخارجية أو عملياتها الداخلية. ويأتى تطوير نظام هويات إلكترونية على المستوى الوطنى فى المرتبة الثانية، حيث من شأنه أن يوفر أساساً لتأمين الهويات، والحفاظ على الخصوصية، وتفعيل الخدمات الإلكترونية الموثوق بها.
ويعتبر تطوير بوابة حكومية تفاعلية مع واجهة برنامج تطبيق مفتوح API من بين الضروريات الأخرى الملحة، ومن ثم يمكن للحكومة أن تشارك القطاع الخاص لتطوير خدمات إضافية آمنة من خلال برنامج تطبيق مفتوح API.
ويمكن للحكومة بعد ذلك تطوير مجتمعات غير نقدية من خلال الدفع الرقمى لتقليل تكلفة الأعمال وزيادة الإيرادات من خلال وضوح كافة المعاملات المالية، ولقد نجحت حكومة مقاطعة نيروبى فى كينيا فى رقمنة مدفوعات مواقف السيارات والتراخيص. ولم يزد هذا من الأموال المحصلة فحسب، ولكنه حد أيضاً من التفاعل المادى بين الأشخاص والذى يشجع على الفساد.
وأخيراً وليس آخراً، هناك ضرورة لتطوير خدمات حكومية إلكترونية مثل الضرائب، والتراخيص والتسجيلات، ومواقف السيارات، وخدمات المدن الذكية، والتوقيعات الرقمية، وغيرها، حيث ستوفر بوابة الحكومة الإلكترونية بيانات وخدمات عالية الجودة وآنية ودقيقة على نحو آمن يتسم بالشفافية والمساءلة.
ومن ثم، كان بديهياً أن يركز الاجتماع العام السنوى للبنك الأفريقى للتنمية والذى عقد مؤخراً فى لوساكا على إلقاء الضوء على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وفى الواقع، وضع كل من البنك الأفريقى للتنمية والبنك الدولى فى أفريقيا على رأس أولوياتهما تحقيق النجاح فى التحول من خلال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات كمحفز للنمو الاقتصادى وتحقيق الاستدامة والمساواة، وأسس المصرفان صناديق خاصة للاستثمار فى التحول الرقمى فى أفريقيا.
فقد أعلن البنك الأفريقى للتنمية عن صندوق بقيمة 5 مليارات دولار يركز على توفير 50 مليون فرص عمل للشباب فى أفريقيا من خلال تطوير مهاراتهم وخلق فرص عمل لهم فى مجالات الزراعة والصناعة وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
ومع الإرادة السياسية الحالية وتوافر المساعى الحسنة، أثق فى قدرتنا على تحويل أفريقيا إلى قارة ذكية من خلال تسخير إمكانات ثورة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
نائب رئيس مجموعة «إنتل»
العالمية للتسويق والمبيعات