الشرقاوى يركز كل الصلاحيات التنفيذية فى يد رئيس الشركة ويتجاهل تعيين نواب تنفيذيين له
الوزير طلب تفويضاً من الجمعية العمومية لتغيير الأوضاع رغم أن القانون ينص على التصويت السرى
منير: الشركة لا يمكن أن تحافظ على حصتها السوقية فى ظل النمط الإدارى الحالى ومنافسة القطاع الخاص
عبداللطيف: قواعد المراجعة الداخلية للشركة يتم تسويفها ورئيس مجلس الإدارة يحجب معلومات مهمة عن الأعضاء
أصدر وزير قطاع الأعمال العام أشرف الشرقاوى قرارا بإعادة تشكيل مجلس إدارة الشركة القابضة للتأمين مؤخرا، ليأتى خاليا من أى إدارة تنفيذية، وليركز كل الصلاحيات فى يد رئيس مجلس الإدارة الحالى الدكتور محمد يوسف الذى يترأس مجلسا من غير التنفيذيين.
وجاءت هذه الخطوة بمثابة مفاجأة من الوزير بعد حصوله على تفويض طلبه من الجمعية العمومية فى اجتماعها الأخير قبل شهرين لإصلاح الأوضاع فى الشركة بعد الانتقادات التى وجهت لرئيس مجلس الإدارة فى الاجتماع.
وينص القانون رقم 202 الذى ينظم عمل شركات قطاع الأعمال ومن بينها الشركة القابضة للتأمين على تعيين نائبين تنفيذيين لرئيس مجلس الإدارة، وهو ما لم يتضمنه قرار الشرقاوى الذى كرس جميع الصلاحيات فى يد شخص واحد فقط هو رئيس الشركة.
وكانت الجمعية العمومية للشركة قد شهدت توجيه انتقادات حادة لرئيس الشركة من قبل أعضاء فى مجلس الإدارة، وهو ما دعا الشرقاوى لطلب تفويض من الجمعية لإجراء تغيير «جذرى» فى الشركة.
ورفض نائبا رئيس الشركة القابضة السابقين الاستمرار فى عملهما تحت رئاسة يوسف، وهما عادل منير الذى استقال فى 2015 وباسل الحينى الذى أبلغ وزير قطاع الأعمال عبر مستشاريه رفضه الاستمرار فى منصبه فى حال التجديد ليوسف.
ومن بين الانتقادات التى تعرض لها رئيس الشركة فى الجمعية العمومية تجاوزه لمجلس الإدارة فى كثير من الأحيان وتجاهله قواعد الحوكمة فى إدارة الشركة وهو ما عرض الشركة لكثير من المشاكل.
وحصلت «البورصة» على تقرير ترك الأعمال لنائب رئيس مجلس الإدارة السابق عادل منير والذى كال فيه الاتهامات لرئيس الشركة بتجاوز صلاحياته وإساءة الإدارة، وطلبت الجريدة من رئيس مجلس الإدارة محمد يوسف التعليق أو الرد على أسئلة مكتوبة جرى تسليمها لمكتبه، لكنه لم يرد عليها.
وانتقد د. عادل منير الأمين العام للاتحاد الأفرآسيوى للتأمين والنائب السابق لرئيس مجلس إدارة مصر القابضة للتأمين لشئون العمليات والتأمين سيطرة الإدارة العليا وانفراد رؤساء مجالس إدارات الشركات التابعة بالقرار بعيدا عن الإدارات المختصة بشركاتهم وتقييمها.
وقال منير لـ«البورصة» إن ملاحظاته على أداء الشركة القابضة وشركاتها التابعة والتى تسربت لوزير الاستثمار أشرف سالمان حينها ومنها للجهات الرقابية جاءت فى بيان استقالته أول أكتوبر 2015.
ولفت منير إلى خطة القابضة للتأمين لزيادة الحصص السوقية لشركاتها التابعة بنحو 10% عنها منذ 4 سنوات تراجعت على مستوى الشركتين ـ مصر للتأمين ومصر لتأمينات الحياة ـ مؤخرا.
وأضاف، أنه فى ظل النمط الإدارى الحالى ومنافسة شركات القطاع الخاص لا يمكن بأى حال من الأحوال أن تحافظ الشركات التابعة للقابضة للتأمين على حصصها السوقية.
وتابع، «الإدارة الحالية فى غياب الحوكمة لا تراعى متغيرات السوق والمنافسة».
وكشف منير فى تقرير تسليم الأعمال الذى قدمه للعرض على مجلس ادارة القابضة، وحصلت «البورصة» على نسخة منه عن عدد من الملاحظات على أداء القابضة وشركاتها التابعة منها الإدارة الفردية وخلق بيئة عمل غير مؤسسية، وتعمد إخفاء البيانات بالتنسيق مع رئيس شركة مصر للتأمين، والاعتداء على الهيكل التنظيمى المعتمد من مجلس إدارة القابضة بخلاف تقديم تقارير أمنية ورقابية للجهات الرقابية ووزارة الاستثمار عن نواب الشركة.
واقترح منير فى استقالته حينها أن تعمل القابضة للتأمين على تطبيق نظام الحوكمة بشركاتها التابعة وتأسيس لجنة لإدارة الأخطار المؤسسية وتفعيل لجنة الاستثمار، فضلا عن منح سلطات حقيقية لنواب رئيس القابضة ونواب الشركات التابعة فى ممارسة عملهم.
وقال محمود عبداللطيف، الرئيس السابق لبنك الإسكندرية وعضو مجلس إدارة شركة مصر القابضة للتأمين فى تصريحات نشرتها «البورصة» إنه كشف فى اجتماع الجمعية العمومية للشركة برئاسة الدكتور أشرف الشرقاوى وزير قطاع الأعمال عن القصور الشديد -على حد وصفه- فى أداء رئيس شركة مصر القابضة للتأمين.
وأضاف: «بعد انتقاد الوزير بعض أوجه الأداء لمجلس إدارة الشركة، وجهت انتقادا شديدا لأداء رئيس الشركة، الذى لا يعرض على مجلس الإدارة أى موضوعات تخص العمل أو رؤى أو أفكار، فقط خلافات وممارسات إدارية سيئة جداً، ويقاوم محاولات المجلس إرساء قواعد الحوكمة والمؤسسية، على حد قوله.
وأشار إلى أنه استقال من عضوية مجلس إدارة الشركة اعتراضا على الأوضاع القائمة فى ظل تعذر استمراره فى عضوية المجلس الذى يشهد انقساما.
وقال عبد اللطيف: إن قواعد المراجعة الداخلية للشركة يتم تسويفها من جانب رئيس مجلس الإدارة الذى قام بحجب معلومات مهمة وضرورية عن أعضاء المجلس.
وضرب عبد اللطيف مثلا على حجب رئيس الشركة للمعلومات عن أعضاء مجلس الإدارة بالحكم الصادر لمصلحة البنك الأهلى بالحجز على أرصدة شركة مصر القابضة للتأمين فى دعواه ضد شركة غاز شرق المتوسط التى كان يساهم فيها رجل الأعمال حسين سالم.
وقال «قعدنا فى المجلس 18 شهرا ولم نعلم شيئا عن القضية إلا بعد صدور الحكم فيها».
وكانت الدائرة الرابعة جنح مستأنف، بمحكمة القاهرة الاقتصادية، أصدرت حكماً نهاية مارس الماضى، يلزم شركة غاز شرق المتوسط، وشركة مصر للتأمين بدفع 174 مليون دولار للبنك الأهلى.
وضمت الدعوى شركة مصر التأمين بعد أن رفضت السداد نيابة عن غاز شرق المتوسط والتى توقف نشاطها وأكدت أن الأصول المضمونة من شركة التأمين، هى نفسها ضمانة البنك للموافقة على صرف القرض، وقدم البنك الأوراق والعقود، التى تثبت قيمة المديونية، وما يُعادل 166 مليون دولار فوائد.
وقال عبد اللطيف: كانت هناك طرق أخرى لحل الأزمة قبل الحكم خاصة أن عقد التأمين لم يشمل تغطية التعثر فى سداد الدين، ولكن يغطى أخطار السرقة والحريق والانقطاع المؤقت للأعمال.
وقال شخص على علم بتطورات الأوضاع فى الشركة القابضة إن طلب الوزير تفويض من الجمعية العمومية غير قانونى لأنه عكس الإجراءات التى ينص عليها القانون.
أضاف: الوزير قال أثناء الجمعية العمومية أن مهمة الجمعية ليست تقييم أداء مجلس الادارة، وهذه مخالفة صريحة للمادة 9 من القانون التى تعطى الجمعية سلطة الموافقة على استمرار رئيس وأعضاء مجلس الادارة لمدة تالية أو عزلهم، كما أنها تنص على التصويت على ذلك بطريق الاقتراع السرى، عكس ما فعله الوزير بالحصول على تفويض من أعضاء الجمعية لتشكيل المجلس والذى اعتبره المسئول مخالفة صريحة لنص القانون.
وقال إن هناك الكثير من الجهات الحكومية التى تفتقر الى التشريعات المنضبطة مما قد يتيح للمسئول أن يتخذ قرارات منفردة لا تراعى قواعد الحوكمة وهذا وضع طبيعى فى غياب ضوابط تشريعية، لكن هذا لا ينطبق على قانون 203 لتنظيم قطاع الأعمال العام. فرغم أن هذا القانون صدر من 25 سنة (سنة 1991) الا أنه احتوى مبادئ حوكمة واضحة وصريحة فى إدارة هذا القطاع وهو تعظيم قيمة أصول الدولة والعائد منها. لهذا عندما يتجاهل وزير قطاع الأعمال العام قواعد الحوكمة فهو يفعل ذلك بالمخالفة للقواعد التشريعية الموجودة بالفعل.
وقال إن القانون نص فى المادة 3 على أن أعضاء مجلس ادارة الشركات القابضة من ذوى الخبرة حرصا على استقلاليتهم وعدم تمثيلهم لأى جهة، واعتبرهم أول خط دفاع للمالك وهو الدولة فى إدارة أصولها. كما نصت المادة على منح اختصاصات غير محدودة للمجلس باعتباره أعلى سلطة فى الشركة، لهذا يكون غريباً أن يتجاهل الوزير المختص بعملية ادارة أصول الدولة آراء وملاحظات أعضاء مجلس الادارة ويلغى مهمتهم التى نص عليها القانون.
أضاف أن مجلس ادارة الشركة القابضة للتأمين هو الوحيد من مجالس ادارة الشركات القابضة الذى لم يجتمع به الوزير بعد توليه منصبه؛ ولم يستجب لمحاولات بعض أعضاء مجلس الادارة الاجتماع به قبل اجتماع الجمعية العامة وأصر على عدم إعطاء الفرصة لأحد الأعضاء للحديث خلال اجتماع الجمعية، ولم يلتفت لما صرح به محمود عبداللطيف وسمعه الجميع وتناقلته الصحف.
ورفض الوزير الرد على جميع الاتصالات التى أجرتها الجريدة للتعليق على الموضوع لمعرفة وجهة نظر الحكومة فى الإجراءات التى قامت بها مؤخرا.
