بدأت البنوك إعادة النظر فى سياساتها لتوظيف السيولة عقب رفع الفائدة على أدوات البنك المركزى 2.5% منذ بداية العام، ما رفع العائد على الاستثمار فى أدوات الدين. وتظهر الأرقام أن البنوك الخاصة كانت قد قلصت استثماراتها فى أدوات الدين الحكومى خلال العام الماضى، إلا أن ارتفاع الفائدة فى السوق لمستويات مكلفة يجعل الاستثمار فى أدوات الدين الحكومى خيارا جذابا لدى تلك البنوك، حتى تستطيع رفع الفائدة على مدخراتها للحفاظ على قواعد العملاء من المنافسة.
وخفض عدد من البنوك الخاصة استثماراتها فى أدوات الدين الحكومى خلال العام الماضى لتتراجع بمعدلات تتراوح من 3 إلى 42%.
وتراجع إجمالى استثمارات البنوك الخاصة فى أذون الخزانة القائمة خلال النصف الأول من العام المالى الجارى بنحو 1.6 مليار جنيه لتبلغ 169.3 مليار جنيه بنهاية ديسمبر الماضى مقابل 185.7 مليار جنيه بنهاية يونيو 2015 وفقاً لتقارير البنك المركزى الشهرية.
ويرى مسئولو خزانة أن رفع الفائدة من قبل البنك المركزى الشهر الماضى سيدفع البنوك إلى التخلى عن خطتها لتقليص استثماراتها فى ادوات الدين والعودة مجدداً للاستثمار فى أذون وسندات الخزانة فى ظل انخفاض مخاطرها.
ورفع البنك المركزى أسعار الفائدة الأساسية على الجنيه الشهر الماضى بواقع 100 نقطة أساس للإيداع والإقراض لليلة واحدة «الكوريدور» فى اجتماع لجنة السياسة النقدية، واصبحت الفائدة على الإيداع لدى البنك لليلة واحدة 11.75% وعلى الاقتراض منه 12.75%.
وأضافوا أن السوق يشهد حالة من التراخى فى الطلب على القروض الاستثمارية فى ظل ارتفاع العوائد على معدلات الاقراض.
قالت سهر الدماطى نائب العضو المنتدب لبنك الامارات دبى الوطنى إن اتجاه البنوك إلى زيادة توظيفاتها فى ادوات الدين الحكومية الفترة المقبلة، يرجع إلى ندرة فرص التوظيف امامها.
وأضافت الدماطى أن قرار رفع الفائدة من قبل البنك المركزى يجذب سيولة جديدة بالجهاز المصرفى، مما يضع المزيد من الاعباء على البنوك، مشيرة إلى أن البنوك لديها تكلفة اموال لابد من تغطيتها.
أوضحت أن انخفاض الفرص التمويلية هى الدافع الرئيسى لتوجيه البنوك جزءا من محافظها لأذون الخزانة والسندات الحكومية، وأن هناك بنوكا بدأت فعليا الفترة الماضية تقليص حجم توظيفاتها فى ادوات الدين الحكومية.
وتوقعت الدماطى أن ارتفاع معدلات السيولة بالبنوك فى ظل اتجاه البنوك إلى رفع الفائدة على ودائعها سواء طويلة او قصيرة الاجل، قد تضغط على البنوك لزيادة توظيفاتها فى ادوات الدين الحكومية والتى بلغت حوالى 14 إلى 15%.
وترى رانيا حسن رئيس قطاع الخزانة ببنك القاهرة أن البنوك تسعى دائما إلى تحجيم توظيفاتها بأدوات الدين الحكومية على الرغم من ارتفاع معدلات العائد عليها، وأن الافضل للبنوك توظيف فائض السيولة لديها فى القروض.
أضافت حسن أن انخفاض الفرص التمويلية امام البنوك العامين الماضيين، ادى إلى زيادة توظيفات البنوك بالأذون والسندات الحكومية، لتغطية تكلفة الاموال، مشيرة إلى أن معدل التوظيف يبلغ حوإلى 41% وبالتالى البنوك تمتلك سيولة كبيرة، تزيد من فرص البنوك من توجيه جزء من فائضها لادوات الدين الحكومية.
أضافت أن عوائد توظيفات البنوك فى أذون السندات الحكومية تمثل الحصة الأكبر من دخل البنوك من العائد، نظرا لارتفاع استثمارات البنوك بها خاصة الخمسة أعوام الماضية للتغلب على الركود الائتمانى ودعم الموازنة العامة للدولة.
أشارت إلى أن العائد من ادوات الدين الحكومية مغر، متوقعة أن تشهد الفترة المقبلة اتجاه بعض البنوك إلى زيادة توظيفاتها بالاذون والسندات، فى ظل ندرة الفرص التمويلية امام البنوك.
وقال أحمد الخولى رئيس قطاع الخزانة ببنك التعمير والاسكان، إن اتجاه البنوك للاستثمار فى ادوات الدين يرجع إلى فوائض السيولة لدى بنوك القطاع المصرفي.
وأضاف أن رفع الفائدة من قبل البنك المركزى سيجلب سيولة للقطاع المصرفى مما سيضغط على البنوك لتوظيف تلك الأموال لتقليل ضغطها على ارباح البنوك خلال الفترة المقبلة.
وذكر الخولى أن أدوات الدين تعد المكان الأقل مخاطر والمتوسط الربحية لتوظيف فائض السيولة فى الوقت الراهن، متوقعاً زيادة استثمار البنوك فى أدوات الدين الحكومى خلال الفترة المقبلة.
وأشار إلى أن الهدف الاساسى للبنوك هو تقديم القروض والتمويلات التى تدعم النشاط الاقتصادى الاساسي، إلا أن ادوات الدين الحكومى تعُد دعما للاقتصاد الحكومي.
ويتوقع مسئول خزانة بأحد البنوك الحكومية زيادة الاستثمارات فى ادوات الدين الحكومية خلال الفترة بنسب كبيرة فى ظل توقعات بانخفاض معدلات الاقراض للنشاط الاقتصادي.
وأضاف أن البنوك الحكومية تستثمر فى أدوات الدين الحكومى من باب مسئولياتها وتابعيتها للدولة، وأنها لابد وأن تقدم الدعم المالى للحكومة عن طريق أذون وسندات الخزانة.