ترددت أصداء خروج بريطانيا عبر أوروبا والعالم، ويمكن رؤية التأثير الفورى فى التوقعات الجديدة لنمو الناتج المحلى الإجمالي.
وأجرت شركة «فوكس إيكينوميكس» للأنباء والمؤشرات والتوقعات الاقتصادية، أحدث الدراسات المسحية على 21 مؤسسة عالمية، توقعت تراجع نمو الناتج المحلى الإجمالى البريطانى بقدر كبير العام الجارى والعام المقبل على خلفية انخفاض المعنويات فى بيئة الأعمال، والعملة الضعيفة للغاية، وتدهور آفاق سوق العمل.
وخفض المحللون الاقتصاديون الذين شاركوا فى أحدث دراسات «فوكس إيكينوميكس» بشأن الاقتصاد البريطانى توقعاتهم للنمو فى 2016 إلى 1.4%، بمقدار 0.5% عن توقعاتهم قبل الاستفتاء الشهر الماضي، كما قلص المحللون تنبؤاتهم لعام 2017 نظراً إلي أن تداعيات الخروج سوف تستمر.
وأجمع المشاركون فى الدراسة المسحية، أن الاقتصاد البريطانى سوف ينمو بنسبة 0.3% فى 2017، وبذلك خفضوا توقعاتهم بنسبة 1.8% عن توقعاتهم الشهر الماضى بتوسع الاقتصاد بنسبة 2.1%.
ويناقش الكثيرون مخاطر الخروج غير المتوقع لبريطانبا من الاتحاد الأوروبي، وهناك اتفاق بين المحللين بأن عملية الانفصال سينتج عنها عدم يقين اقتصادى كبير، ومن بين المؤسسات صاحبة أكثر التوقعات تشاؤماً شركة «كيه بى سي» الأيرلندية للخدمات المصرفية والتأمين، وبنك «كريدى سويس»، اللذان توقعا انكماش الاقتصاد بنسبة 1.5% و0.5% لعام 2016 و2017 على التوالي.
وقالت مجموعة «فرونتيار ستراتيجي»، إنها خفضت توقعاتها لنمو الناتج المحلى الإجمالى لعام 2017 إلى 0.5% بعدما كانت تتوقع الشهر الماضى أن يتوسع الاقتصاد البريطانى بنسبة 2.2% فى ذلك العام.
وقال مارك ماكنامي، كبير المحللين فى «فرونتيار ستراتيجي»: «لقد خفضنا توقعاتنا للجنيه الإسترليني، والتضخم، والناتج المحلى الإجمالي، وكذلك جميع مكونات الناتج المحلى الإجمالي، وتستند مراجعات توقعاتنا إلى افتراض استمرار التقلبات السياسية – خاصة تلك الناتجة عن استفتاء اسكتلندا – بجانب تخفيضات أسعار الفائدة من قبل البنك المركزى البريطاني، وأيضاً التراجع الكبير فى الاستثمار نتيجة استمرار عدم اليقين فى السوق».
ويحلل مايكل أولاى ميلهوج، محلل لدى بنك «دانسكي»، الذى توقع أن ينمو الاقتصاد البريطانى بنسبة 1% العام الجارى وأن ينكمش بنسبة 0.4% فى عام 2017، عواقب خروج بريطانيا من سوق العمل قائلا:
«نتوقع أن تنزلق المملكة المتحدة إلى حالة من الركود خلال النصف الثانى من العام الجاري، ما يرجح ارتفاع معدلات البطالة، ومن المرجح أن تتضرر المملكة جراء تراجع الاستثمارات بسبب ارتفاع حالة عدم اليقين حيال مستقبل البيئة الاقتصادية للشركات البريطانية، ومن المرجح، أيضاً، تباطؤ نمو الاستهلاك الخاص، وتعتمد العواقب على المدى الطويل على علاقة الاتحاد الأوروبى والمملكة المتحدة فى المستقبل والتى تعد أكثر صعوبة لتقديرها، وعلى المدى القصير، نتوقع أن تظل تقلبات الجنيه الاسترلينى مرتفعة، ونتوقع أن يستقر اليورو مقابل الجنيه الاسترلينى فى نطاق 0.85 و0.90 يورو للجنيه، والتوقعات على المدى المتوسط والطويل غامضة جداً، وتشير التدفقات والنمو والسياسة النقدية إلى مزيد من الضعف فى الجنيه الاسترليني.
ولا تزال بعض المؤسسات الاقتصادية تعمل على مراجعة توقعات الناتج المحلى الإجمالى لبريطانيا، ولكن الاتجاه الهبوطى واضح. ويرى سيمون كيربي، رئيس قسم التوقعات لدى المعهد القومى للبحوث الاجتماعية والاقتصادية، أن تأثير خروج بريطانيا قد يدفع الناتج المحلى الإجمالى للنمو بنسبة تتراوح ما بين -2.2% و-6.3% على المدى الطويل، وقال: «من المرجح أن تستمر حالة عدم اليقين المرتفعة والعزوف عن المخاطرة فى المملكة المتحدة وأوروبا خلال مرحلة التحول وربما أبعد من ذلك، ومن غير الواضح حالياً ما إذا كانت الحكومة ستتجه نحو الانضمام للمنطقة الاقتصادية الأوروبية أو الانتقال إلى وضع منظمة التجارة الدولية، وكلا الوضعين له تداعيات مختلفة بالنسبة للتأثير السلبى على المدى الطويل على الاقتصاد البريطاني».
وربما يستغرق الأمر سنوات حتى يُمكن تحليل التأثير الكامل لخروج بريطانيا، ولكن تقلبات السوق ستظل على الأرجح مرتفعة نظراً إلى أن الفترة المطولة من الفراغ السياسى لن تزيد إلا من حالة عدم اليقين، وهو ما سيؤثر على العملة وتوقعات الاستثمار.