بقلم/ أمير هاندجانى
مر عام منذ أن توصلت إيران والولايات المتحدة و5 قوى عالمية، لاتفاق تاريخى للحد من برنامج إيران النووى.
وفى مقابل القيود على برنامجها، رفعت الامم المتحدة جميع العقوبات المتعلقة بالبرنامج ضد إيران، وأنهى الاتحاد الأوروبى العديد من العقوبات على قطاعى البنوك والطاقة الإيرانيين.
ومع ذلك، لا يزال الاقتصاد الإيرانى يعانى.
وبالنسبة لإيران كان الاتفاق بمثابة خطوة أولى تجاه التعافى الاقتصادى بعد سنوات من العقوبات المعوقة.
وبدلا من ذلك، وبسبب العقوبات الاقتصادية الأمريكية، تجد إيران نفسها فى موقف محرج تضطر فيه للاعتماد على الولايات المتحدة للضغط على الدول الأخرى والمؤسسات غير الأمريكية للقيام بأعمال معها.
وأصبحت النخبة السياسية فى إيران قلقة، ويشعر المتشددون أن حكومة حسن روحانى الإصلاحية تعرضت للخداع لقبول تنازلات على البرنامج النووى مقابل القليل.
كما يشعر مؤيدو روحانى الذين اعتقدوا أن الاتفاق النووى سيقود عهدا جديدا من الرخاء الاقتصادي، بخيبة الأمل.
وفى ظل اقتراب الانتخابات الرئاسية العام المقبل، ستكون الحكمة من الاتفاق النووى، والمزيد من التعاملات مع الغرب فى مقدمة ووسط اهتمامات الناخبين الإيرانيين.
وبخلاف بعض الانجازات فى قطاع الطاقة، لا توجد كثير من العلامات على أن الإيرانيين حصلوا على الفوائد الاقتصادية المتوقعة من الإتفاق. ورغم أن إيران أعلنت عن عقود بمليارات الدولارات مع «بوينج» و«إيرباص»، لا يزال من غير الواضح كيف سيتم تمويل هذه الصفقات. وهنا تقبع العقبة الأكبر للاتفاق النووى وهى «البنوك والتمويل».
ورغم أن الاتفاق النووى أدى إلى رفع اوروبا والأمم المتحدة، العقوبات على قطاعى البنوك والطاقة، لا تزال العقوبات الأمريكية أحادية الجانب قائمة.. وهذه العقوبات تحظر على المواطنين والشركات الأمريكية القيام بأى شكل من أشكال الأعمال مع إيران. ومع ذلك، تتأثر الشركات خارج الولايات المتحدة أيضا.
ولا يُسمح للبنوك الإيرانية والأجنبية التى تتمم الصفقات بالتعامل بالدولار الأمريكى. ولا تريد الشركات الأوروبية الآسيوية التى ترغب فى الاستثمار فى إيران، أن تواجه العقوبات الأمريكية القائمة، التى تمتد إلى مؤسسات وأشخاص ذوى العلاقات مع الحرس الثورى الإيرانى الذى يسيطر ـ وفق بعض التقديرات ـ بشكل مباشر وغير مباشر على 40% من الاقتصاد الإيرانى.
ودون استثمارت اجنبية مباشرة وبنوك عالمية راغبة فى تمويل المشروعات فى إيران، فلن يخدع الحديث عن ثمرات الاتفاق النووى، الشعب الإيرانى.
وتعد البنوك والتمويل شرايين التجارة والاستثمار العالميين.
وحاول وزير الخارجية الأمريكى، جون كيرى، تقديم ضمانات بأن الولايات المتحدة لن تتدخل فى التجارة المشروعة بين إيران وبقية العالم، ولكن لم تلقَ تطميناته آذانا صاغية.
ولا تزال البنوك الأوروبية مترددة.
وعلى مدار العقد الماضى، دفعت «بى إن بى باريبا»، و«إتش إس بى سى»، و«دويتشيه»، مليارات الدولارات كغرامات على نشاطاتهم المتعلقة بإيران.
ومن وجهة نظر إيران، إذا لم تتخذ الولايات المتحدة مزيدا من الخطوات الحقيقية لجعل البنوك الأوروبية تشعر بالثقة فى التجارة مع إيران، فسيبدأ الشعب الإيرانى النظر للاتفاق النووى على أنه أحادى الجانب.
وإذا بدا مثل هذا الحديث فى الانتشار، فستتغير النظرة للولايات المتحدة والإتفاق النووي، وسيصبح التقارب الاوسع بين إيران والغرب مستحيلا.
وبالطبع، ليست جميع جوانب الاقتصاد الإيرانى تعانى. فقبل رفع العقوبات فى يناير، كانت إيران تجد صعوبة فى بيع بترولها للعملاء التقليديين، مثل الاتحاد الأوروبى وآسيا، لأنهم كانوا يرفضون شراءه أو يطالبون بخصومات كبيرة.
كما كانت لدى إيران صعوبة كبيرة فى التصرف بأموال هذه المبيعات، لأنها كانت معزولة عن النظام المصرفى الدولى.
وبعد رفع العقوبات، ارتفعت صادرات إيران من الخام، وضاعفت طهران صادراتها منذ العام الماضى. وعاد ببطء عملائها القدامى فى أوروبا وآسيا، وعادت حصة الدولة من صادرات البترول إلى مستويات ما قبل العقوبات.
ورغم مرور عام على الاتفاق النووى، يبقى كثير من الغموض.
ومع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأمريكية، يميل الخطاب المتعلق بإيران إلى السلبية، وتناقش المرشحة الرئاسية، هيلارى كلينتون، تصعيد العقوبات والضغوط على إيران بسبب نشاطها فى برنامج الصواريخ، فى حين يتحدث منافسها الجمهورى، دونالد ترامب، عن إلغاء الاتفاق النووى بالمرة.. ومثل هذه التصريحات تثير الغضب فى إيران.
وربما يعد هذا أكثر الجوانب تحديا للاتفاق.
وإذا لم تقم حكومة اوباما بالمزيد كى ترى إيران أنها تحصل على فوائد من الصفقة التى أبرمتها، فسينتهى الأمر بالاتفاق متسببا فى أضرار أكثر من منافع.
إعداد/ رحمة عبدالعزيز
المصدر/ وكالة أنباء «رويترز»
