تقرير دولى: 81% من الإجراءات المعادية لحرية التجارة فى دول مجموعة العشرين
قال تقرير لمركز السياسات الاقتصادية فى لندن منشور على بوابة فوكس ايه يو التابعة له ان معدلات هبوط نمو التجارة العالمية اجتذبت الكثير من التعليقات من قبل المحللين والمسئولين.
ويعطى مصطلح «التباطؤ» الانطباع بأن التجارة العالمية تفقد زخمها، ولكنها تنمو رغم ذلك بناء على نمو حجم الصادرات الصينية فى الربع الاول من العام الجارى مما يبعث على التفاؤل بالنسبة للبعض إزاء مستقبل التجارة العالمية، لكن هل هناك مبرر فعلى لهذا التفاؤل؟
يمكن الاعتماد على تحليل البيانات الصادرة من المؤسسات الدولية فقد أظهرت التقرير الأخيرة أن ثلاثة منتجات مرتبطة بالبترول تمثل ما يزيد قليلا على نصف من معدل تراجع قيمة التجارة العالمية فى الفترة من أكتوبر 2014- الى يونيو 2015 إلى جانب ارتفاع قيمة الدولار الأمريكي، وتغير ديناميكية التجارة العالمية فشكلت جميعا عاملا قويا لانخفاض قيمة التجارة العالمية فى عام 2015.
أضاف أنه لا يمكن اعتبار انخفاض أسعار السلع الأساسية هو العامل الاساسى فى انخفاض قيمة التجارة العالمية فى عام 2015 ففى الواقع استعادت المواد الخام التجارية جزئيا نشاطها فى الاشهر الثلاثة الاخيرة من 2015 على العكس من النصف من الاول من العام الماضى الذى سجل تراجعا كبيرا للسلع الاساسية وللسلع الاستهلاكية ايضا.
وتشير البيانات الى ان العام الماضى شهد تراجع التجارة لـ 28 مجموعة من المنتجات شكلت كل مجموعة منها 0.5% أو أكثر من الانخفاض فى قيمة التجارة العالمية، وقد ارتفع العدد هذا العام الى 38 مجموعة.
وبحسب تقرير بوابة فوكس فإن تراجع حجم تجارة المنتجات كافة فى عام 2015 لا يعود فقط الى التأثير العابر للحدود لتقييم العملة، حيث ارتفع سعر الدولار امام سلة العملات الدولية بالاضافة الى تراجع سعر لسلع الأساسية ولكن يمكن ربط هذه العوامل بمزيج من السياسات التى تواجه المنتجات فى الأسواق العالمية مع تغيير دينامكيات التجارة العالمية.
وأوضح التقرير ان موجة من التدابير الحكومية ترتكز على الاجراءات الحمائية كانت وراء عرقلة دورة التجارة العالمية، حيث ارتفعت نسبة هذه الممارسات 50% فى 2015 بالمقارنة بـ2016.
وفى الفترة من 2010 الى 2015 شهد العالم ما بين 50 و100 اجراء حمائى جرى تطبيقها فى الاربعة اشهر الاولى من كل عام وفى عام 2016 فاق عدد هذه الاجراءات بلغ 150 اجراء. ومن المفارقات ان الدول الاعضاء فى مجموعة الـ20 الكبرى مسئولة وحدها عن 81% من التدابير الحمائية التى تم تنفيذها فى عام 2015.
قبل دخول التجارة العالمية فى مرحلة الركود استخدمت غرامات الإغراق، والدعم للسلع وخلال الركود كانت هناك عمليات إنقاذ شوهت التجارة من خلال المساعدات المالية المباشرة ومع السقوط فى حفرة الركود تم استخدام قيد آخر لحرية التجارة لكن بدرجة اقل وهو فرض رسوم على الورادات بضغوط من المستثمرين المحليين فى كثير من الأحيان.
وضرب التقرير مثلا بقطاع الصلب ففى العام الماضى كانت التدخلات فى قطاع الصلب ملحوظة جدا وتحت الأضواء من قبل المراقبين وتظهر البيانات أن الحمائية فى هذا القطاع ارتفعت بحدة منذ عام 2010 فبينما ينصب الكثير من الاهتمام على التعريفات الجمركية التى تستهدف الصلب هناك واقع آخر بعيدا عن الاضواء يتمثل فى الحوافز الحكومية لتشجيع صادرات الصلب وهى مشكلة نظامية أكبر بكثير.
وبخلاف الصلب احد ابرز منتجات التداول العالمى هناك فى الظل انتشار هادئ من الأشكال القديمة والجديدة لفرض شروط نسبة المكون المحلى فى المنتجات المصدرة رغم حظر مثل هذه الإجراءات منذ أكثر من 20 عاما ضمن اتفاق منظمة التجارة العالمية.
ومع ذلك، فإن عودة هذه الظواهر تعطى فرصة لاستخلاص الدروس الرئيسية من خلال تحليل بيانات التجارة السلبية وتاثيرها على الاستثمار الأجنبى المباشر، وتأثير الدعم التى تجبر الشركات على وقف التصدير والبيع محليا.
وتواجه الشركات المتعددة الجنسيات تحدى التكيف مع الواقع الجديد فى الأسواق التى باتت مجزءة بفعل الاجراءات الحمائية أكثر من أى وقت مضى.
وقال جيفرى ايملت الرئيس التنفيذى لشركة جنرال إلكتريك مؤخرا إن استراتيجية التوطين لا يمكن أن تتوقف بسبب السياسة الحمائية وقد أعلنت العديد من الشركات خططا لتوطين الإنتاج اى تكييفه مع طبيعة السوق المستهلك. وبما أن القادة السياسيين لا يمكنهم كبح جماح الحمائية فان رجال الأعمال الواقعيين يلجأون الى التكيف مع الواقع الجديد فى كثير من الأحيان عن طريق استبدال الاستثمار الأجنبى المباشر بالتجارة.
يجب ان يشعر صناع القرار بالقلق ازاء توقف نمو التجارة العالمية أو ما يمكن تسميته زيادة حادة فى نشاط إفقار الجار وهو ما يتطلب البحث فى كاقة العوامل المتداخلة التى لا يسع هذا التقرير سردها ضمن عوامل تؤثر على تدفقات التجارة العالمية.
ولا يملك القادة ترف المحللين الذين ينتظرون ظهور البيانات لتحليلها قبل اتخاذ موقف بل يتطلب الامر تدخلا استباقيا من صناع القرار فى القطاعين العام والخاص.
وفى حال التراخى فانه من المتوقع ان نصل بنمو التجارة الى نسبة «صفر» % اذا كانت محصلة نتائج سياسات التجارة صفر ايضا بما يعنى عدم تشجيع تداول البضائع عبر حدود الأسواق الوطنية.
فى عالم حيث التجارة العالمية لا تنمو بمعدلات أكثر مما هى عليه حاليا قد يعتقد مسئولو الحكومات ان الاستحواذ على حصة اكبر فى سوق الصادرات لمستثمريها لا يكون إلا بالضغط على المصدرين الآخرين وحصارهم مما يزيد النزعة الحمائية مرة أخرى.
وفى النهاية فان المحصلة الاخيرة للمجتمع الدولى هو نشوب سباق مواز للاستحواذ على المواهب والاستثمار الأجنبى المباشر، ومحاور البحث والتطوير، والملكية الفكرية وبالتالى خلق نمط جديد من التجارة العالمية فى القرن الـ21 بخلاف القرن الماضي.