انهيار أسعار البترول يهدد بتراجع الزخم العالمى للطاقة النظيفة
هبوط الاستثمار فى مشارع الطاقة النظيفة 23% فى النصف الأول
هذه أيام غريبة فى قطاع الطاقة حيث تظهر عناوين اخبارية مذهلة عن القطاع كانت تبدو مستحيلة قبل سنوات قليلة.
فقد أعلنت فى مايو الماضى هيئة كهرباء ومياه دبى انها تلقت عروضا لتطوير مشاريع طاقة شمسية من شأنها إيصال الكهرباء بتكلفة ثلاثة سنتات لكل كيلو وات/ساعة. ويؤسس هذا المشروع لمستوى منخفض جديد فى جميع أنحاء العالم لتغطية تكاليف التعاقد على توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية وتوصيلها إلى الشبكة وبأسعار أقل بكثير من معيار الإمارة نفسها وبلدان أخرى تدفع سعرا اعلى عادة للحصول على الكهرباء من محطات تعمل بالفحم.
فى المملكة المتحدة التى تشتهر عاصمته لندن باسم مدينة الضباب حيث الطقس الغائم ساهمت الألواح الشمسية فى توفير المزيد من الطاقة إلى الشبكة العامة أكثر من مساهمة المحطات التى تعمل بالفحم فى شهر مايو المنقضى.
وفى مدينة لوس انجليس الامريكية المتعطشة للطاقة شغلت شركة الكهرباء أكبر بطارية فى العالم لها قدرة على توفير الطاقة لمئات الآلاف من المنازل فى أوقات ارتفاع الطلب، لتحل محل المحطات التى تعمل بالغاز.
وقالت شركة ترينا للطاقة الشمسية وهى شركة صينية تعد أكبر مصنع للألواح الشمسية فى العالم إنها بدأت فى بيع منتجاتها فى 20 سوقا جديدة فى العام الماضى تنتشر فى نطاق واسع من العالم يمتد من بولندا الى موريشيوس ونيبال الى أوروجواى.
لكن شركات انتاج الطاقة التقليدية لا تيأس حيث تم تخفيض تكاليف الإنتاج فى حقول البترول الصخرى الأمريكى بنسبة تصل إلى 40% فى العامين الماضيين، وفقا لمؤسسة وود ماكنزى للأبحاث. وبدأت شحنات من الغاز الطبيعى المسال تتجه من الولايات المتحدة إلى الخليج، مما يجعل الفائض فى أمريكا الشمالية متاحة للأسواق دبى والكويت على الرغم من أن هذه الدول تمتلك أكبر منطقة منتجة للبترول والغاز فى العالم.
وتوحى تلك القصص بان هناك تغييرات هامة جارية فى نظام الطاقة العالمى تقوض المسلمات المعروفة عن هذا القطاع فمن الواضح أن العالم يتحول نحو الطاقة المتجددة كنسبة من إجمالى الاستهلاك ليبتعد عن البترول والغاز والفحم أكثر وأكثر.
وحتى داخل أسواق الوقود الأحفورى نفسه حدثت تغيرات فبعض مصادر الطاقة مثل الغاز أصبحت مفضلة على غيرها مثل الفحم لكن الاسئلة المثارة حاليا تتعلق بمدى وسرعة هذه التغيرات والى مدى يمكن أن تذهب.
قال سبنسر دايل، كبير الاقتصاديين فى شركة بريتيش بتروليوم ان بيانات رسمية ظهرت مؤخرا حول معدل الاعتماد على مصادر وتقنيات الطاقة الحالية اكدت الحاجة الى وقت طويل نسبيا لحدوث تغير ملموس. فعلى سبيل المثال مثل الاعتماد على الغاز 1% فقط من احتياجات الطاقة الأولية فى العالم. وبعد خمسة عقود من الزمن ارتفع هذا الرقم إلى 8%.
ورغم أن الطاقة المتجددة تشهد نموا سريعا فإنها قادمة من بعيد جدا فالطاقة المتجددة الحديثة التى تعتمد على الوقود الحيوى وطاقة الرياح والطاقة الشمسية مع استثناء الطاقة المائية أو الكتلة الحيوية التقليدية تمثل فقط 2.5% من الطاقة الأولية فى العالم العام الماضي، وفقا لشركة بريتيش بتروليوم.
لكن هذا البطء النسبى فى التحول نحو الطاقة المتجددة قد يتغير وفقا لعوامل جديدة غير معلومة حاليا حيث يعج التاريخ بطفرات مماثلة كما حدث مع الطاقة النووية التى شهدت طفرة فى الفترة بين الحظر البترولى العربى ضد الولايات المتحدة والغرب ابان حرب أكتوبر 1973 مرورا بحادث التسريب النووى من المفاعل الروسى تشيرنوبيل عام 1986. ويمكن ان تكون احد هذه العوامل الجهود والسياسات الحكومية للتصدى لخطر التغير المناخى التى تتصاعد بوتيرة كبيرة فى السنوات الاخيرة توجت بتوقيع 195 دولة على اتفاق باريس لمواجهة خطر التلوث.
لكن المهم الحفاظ على الزخم العالمى الداعم للطاقة النظيفة وللاسف فنمو مصادر الطاقة المتجددة ومصادر الطاقة منخفضة الكربون الأخرى لا يسير فى خط مستقيم فالاستثمار فى الطاقة المتجددة تعثر هذا العام بعد أن سجل رقما قياسيا فى عام 2015، وفقا لبلومبرج لتمويل الطاقة الجديدة فى النصف الأول من عام 2016 هبط بنسبة 23% بالمقارنة بالفترة المماثلة من العام الماضي.