على الرغم من سعى البنوك للتوسع فى تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة لتتوافق مع تعليمات البنك المركزى بتوجيه 20% من قروضها للقطاع، إلا أن هناك عدد من القطاعات مرتفعة المخاطر التى تدفع البنوك للتحفظ فى إقراضها.
وتعد قطاعات المقاولات والسياحة والبورصة الأكثر مخاطرة من رأى البنوك، بالإضافة إلى إعطاء البنوك الأولوية فى التمويل للمشروعات كثيفة العمالة والصناعية بهدف زيادة الإنتاج المحلى وترشيد الواردات.
وأكد مديرو قطاعات الائتمان بالبنوك، أن عنصر المخاطرة يقف حائلاً أمام البنوك فى توجيه جزء من تمويلاتها لقطاعات المقاولات والسياحة دون وجود أى ضمانات تؤهلها لمنح التمويل، مشيرين إلى أنه لو تمت إتاحة برامج لهذه القطاعات، فإنه من البديهى أن تتشدد فى الضمانات أو تبالغ فى أسعار الفوائد بالقدر الذى يضمن للبنك حقوقه ويغطى التزاماته ويحقق له هامش أرباحاً.
وبرروا طلب ميزانيات معتمدة من مكاتب بعينها لبعض القطاعات بقيام البعض بإحضار ميزانيات وهمية وموقعة من مكاتب وشركات محاسبة ومراجعة، ما يهدد سداد المتعامل أقساط تمويلاته طالما لا يوجد نشاط حقيقى تعكسه هذه الميزانيات.
قال حسام راجح رئيس قطاع مخاطر الائتمان بأحد البنوك الأجنبية، إن البنوك لا تتحفظ فى تمويل هذه القطاعات التى تشمل قطاع البورصة والمقاولات والسياحة بشكل عام، لكن الأمر يختلف من مشروع لآخر، وتعتمد أسعار الفائدة وحجم التمويل ومدته على نوع النشاط، وما إذا كانت الشركة حديثة أم لها تاريخ فى السوق.
أوضح راجح، أن الشركات القوية التى تمتلك كشوف حساب واضحة وميزانيات مدققة تمنح تسهيلات من دون عقبات تذكر وبأسعار مقبولة، أما تلك الجديدة التى يتشبع بها السوق، فلا يمكن المجازفة بتمويلها من دون ضمانات، لأنها تفتح نشاطها بسهولة كبيرة وتغلقه بالسهولة نفسها، وهو ما يعرض البنوك إلى مخاطر عدم السداد، وما يستلزم ذلك من تجنيب مخصصات تؤثر فى الأرباح.
ذكر راجح، أن قطاعات المقاولات والسياحة والبورصة تمثل مناطق محظورة فى التمويل لدى بعض البنوك، خاصة المصارف الأجنبية، متوقعاً أن يتم رفع الحظر والتحفظ عن هذه القطاعات عقب عودة الهدوء السياسى والاقتصادى للبلاد ممثلاً فى عودة السياحة وتعظيم المردود منها من خلال موارد النقد الأجنبى ووجود تدفقات نقدية لقطاع المقاولات.
يشار إلى حرص البنك المركزى المصرى على توجيه البنوك المحلية بضرورة المشاركة فى مبادرة المشروعات الصغيرة التى أعلن عنها طارق عامر، محافظ البنك المركزى، سابقًا، والتى تستهدف توجيه 200 مليار جنيه خلال الـ4 سنوات المقبلة للقطاع فى إطار خطة الدولة لإنعاش الاقتصاد وتشغيل الشباب.
قال عادل طه رئيس قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة ببنك الاستثمار العربى، إن المنشآت الصغيرة والمتوسطة لقطاعات المقاولات والبورصة والسياحة تواجه تحديات فى الحصول على التمويل من البنوك التجارية فى مختلف دول العالم وليس فى مصر وحدها، بسبب أن تلك المنشآت تحتاج للائتمان طويل الأجل الذى تفضل البنوك عدم اللجوء إليه، تخوفاً من تعرض هذه المنشآت للتعثر وعدم قدرتها على الالتزام بالسداد فى المواعيد المحددة.
أوضح طه، أن هذه القطاعات تواجه تحديات عدة أبرزها غياب دراسة الجدوى الاقتصادية وعدم القدرة على التخطيط المالى والإدارى.
أضاف أن ارتفاع درجة المخاطر المصرفية المرتبطة بتمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة، وعدم قدرة هذه المنشآت على توفير الضمانات التقليدية اللازمة للحصول على التمويل، تعتبر هى الأخرى تحديات إضافية قد تساهم فى إحجام البنوك التجارية عن توفير التمويل اللازم لبعض المنشآت الصغيرة والمتوسطة.
وبرغم إطلاق البنك المركزى مبادرة قائمة بذاتها لقطاع الزراعة والصناعة، إلا انه لم يتطرق الى قطاعات بعينها تحفيزاً للبنوك على ضخ مزيد من التمويلات لجميع القطاعات التى تسهم فى النهوض بالاقتصاد، وبرغم أن المركزى قام خلال الفترة الماضية بإطلاق مبادرة لقطاع السياحة، إلا أنها لم تؤتى بثمارها بعد فى ظل تراجع موارد السياحة بحسب طه.