فى يوم 13 يوليو 2016 (منذ شهر تقريباً) تم افتتاح منطقة صناعية فى مدينة هواسا فى أثيوبيا (275 كم جنوب العاصمة أديس أبابا) بهدف خلق 60 ألف فرصة عمل فى خلال 4 سنوات وإضافة 1 مليار دولار صادرات فى قطاع الملابس الجاهزة. المنطقة مساحتها 3 ملايين متر مربع تم تجهيزها وإنشاء المرافق والمبانى بها بواسطة شركة صينية فى سنة واحدة فقط بتكلفة 250 مليون دولار (83 دولارا للمتر المربع كاملة المرافق والمبانى) وتهدف أثيوبيا إلى إضافة 20 مليون متر سنوياً من الأراضى الصناعية وتكرار هذه التجربة فى أماكن أخرى فى أثيوبيا بخطة هدفها أن تكون أثيوبيا دولة صناعية عظمى.
إذا تأخرنا فى تطوير قطاع الغزل والنسيج والملابس الجاهزة ستذهب الشركات العالمية إلى أثيوبيا كما ذهبت إلى فيتنام وبنجلادش ودول أخرى وستفقد مصر الفرصة من جديد.
من مميزات هذا القطاع أنه كثيف العمالة ويضع الدول على بداية المشوار الصناعى، فلكل 1000 متر مبان يتم خلق 200 فرصة عمل. أى فى كل فدان يتم تقريباً خلق 800 فرصة عمل.
المنطقة الصناعية بهواسا بها العديد من الحوافز لجذب المستثمر. أهمها: لا تطلب الدولة من المستثمر شراء الأرض أو توصيل المرافق أو بناء المبانى فالأرض والمرافق والمبنى يتم إعطاؤها بالإيجار بـ24 دولارا للمتر فى السنة. تكلفة العامل تعد من الأرخص فى العالم (حوالى 25-50 دولارا فى الشهر). إعفاء تام من ضريبة الأرباح لمدة 10 سنوات. كما يوجد شباك واحد حقيقى لإنهاء جميع الإجراءات من نفس المكان.
ولكن فى نفس الوقت توجد مشاكل كبيرة: أكبر مشكلة هى صعوبة النقل وعدم وجود ميناء للتصدير. فأثيوبيا دولة مغلقة ولكى تصدر لابد أن يذهب المنتج من خلال واحدة من 3 دول: إريتريا (وبينهما علاقة عداء قوية وحرب انتهت عام 2000)، جيبوتى، أو الصومال (وبداخلها مشاكل واضطرابات). لحل هذه المشكلة تعمل الصين الآن على مساعدة أثيوبيا على تجديد الخط المتهالك بين أديس أبابا إلى جيبوتى.
لماذا تساعد الصين أثيوبيا وكيف يمكن لمصر أن تستفيد؟
الصين تطورت بالصناعة ورئيس أثيوبيا مولاتو تيشومى درس لمدة 15 عاما فى الصين ولذلك فهو يريد نقل النموذج الصينى إلى أفريقيا لكى تكون أثيوبيا دولى صناعية عظمى بحلول عام 2025. فهو مقتنع أن أى تقدم اقتصادى بدون تنمية صناعية هو غير واقعى، بعيد المنال ومن وحى الخيال.
الصين الآن هى الدولة الأولى عالمياً فى صادرات الغزل والنسيج والملابس الجاهزة. فوفقا لبيانات منظمة التجارة العالمية لعام 2015، مصر تصدر 2.7 مليار دولار من الغزل والنسيج والملابس الجاهزة، بينما تحتل فيتنام المركز الخامس (بصادرات 25 مليار دولار) وبنجلادش المركز الرابع (بصادرات 27 مليار دولار) وتركيا المركز الثالث (بصادرات 30 مليار دولار) والهند المركز الثانى (بصادرات 36 مليار دولار)، أما الصين فتتربع على المركز الأول بدون منافس. الصين تصدر بـ299 مليار دولار فى هذا القطاع فقط (8 أضعاف الهند التى تحتل المركز الثانى) ولأن هذه الصناعة تعتمد على تكلفة منخفضة للعمالة فإن الصين تتجه لنقل هذه الصناعة إلى الجانب الغربى (الجزء الفقير فى الصين) أو إلى خارجها عن طريق خطة الاتجاه إلى العالم Go global strategy التى بدأتها الحكومة عام 2010 وبها تعطى العديد من الحوافز لتشجيع الشركات الصينية على الاستثمار خارج الصين.
وهذه هى فرصة مصر.. علينا بجذب أكبر عدد من الشركات الصينية فى هذا المجال للعمل بمصر والتصدير منها إلى كل دول العالم.
مصر لابد أن تتساوى مع بنجلاديش وتركيا وفيتنام وتحقق صادرات على الأقل 30 مليار دولار سنوياً من هذا القطاع. وجذب الشركات الصينية هو الطريق إلى تحقيق هذا الهدف.