تعثر 205 وحدات بسبب عجز المنشآت عن جدولة مديونياتها وغياب مقومات الحماية المدنية
%90 من الحرائق سببها الصناعات الكيماوية
جاد: ما يحدث فى الواقع هو خلق مناخ طارد للاستثمار
صبحى: تكاليف إنشاء احتياطات الأمن الصناعى تبلغ 50 ألف جنيه
ارتفع عدد الوحدات المتعثرة بمجمع الصناعات الصغيرة والمتوسطة بمدينة برج العرب بالإسكندرية إلى 205 وحدات، من أصل 410 وحدات عاملة بالمجمع.
وأرجع مستثمرون انخفاض الطاقة الإنتاجية إلى عدم قدرة المنشآت على جدولة مديونياتها، وتزايد المشكلات ومنها غياب مقومات الحماية المدنية، بسبب تعطل خطوط الإطفاء التابعة لشركة المياه، فضلاً عن صعوبة سداد قيمة الإيجار العادى أو التمليك للوحدات، نظراً لاضطرار صغار المستثمرين للذهاب الى التجمع الخامس للسداد بسبب عدم وجود ممثل لجهاز المشروعات التابع لوزارة الصناعة فى المدينة.
وتبلغ مساحة المجمع نحو 177 ألف متر بقوة 32 عنبراً، تضم 410 وحدات صناعية تبلغ مساحة الواحدة 144 متراً مربعاً، وتقع الوحدات فى مكان حيوى بالمنطقة الصناعية الثانية القريبة من مركز مدينة برج العرب.
أما مدينة برج العرب، فتقع على مساحة 6175 فداناً بمحافظة الإسكندرية، وتضم 7 مناطق صناعية، منها 5 مناطق قائمة بالفعل تضم 1240 مصنعاً، ومنطقتان تحت الإنشاء، ويبلغ حجم استثمارات المدينة 4 مليارات جنيه.
ورصدت «البورصة» خلال جولتها داخل مجمع الصناعات الصغيرة والمتوسطة، الحالة المتردية له، وتحول بعض الوحدات الصناعية الى مخازن، واحتراق أخرى، بخلاف وحدات عششت فيها الفئران، أو أصبحت أماكن لتعاطى المخدرات ومستودعات للقمامة.
بداية التقت «البورصة»، مصطفى طارق جاد صاحب مصنع بلاستيك، والذى وصف مجمع الصناعات بأنه ذو موقع حيوى، ومساحته مناسبة، وتخطيطه جيد، لكن ما يعيبه هو اختلاط الصناعات وغياب الرقابة، وعدم وجود جهة جادة تذلل العقبات التى تعيق الإنتاج.
وقال جاد، إن أبرز المعوقات التى يواجهها المستثمر، هى تنصل الجهات من تبعية المجمع لها، إذ تأتى جميع الردود بأن تبعية المجمع لا تقع ضمن اختصاص أحد سوى الجهاز التنفيذى للمشروعات الصغيرة التابع لوزارة الصناعة والذى يقع مقره بالتجمع الخامس فى منطقة القاهرة الجديدة، ولا يوجد أى تمثيل له فى مدينة برج العرب أو فى محافظة الإسكندرية.
وأقر بأن أخطر الكوارث التى يشهدها المجمع، هى اندلاع الحرائق بسبب وجود وحدات الصناعات الكيماوية التى تستخدم مادة «النتروسليلوز»، والأحماض، وهى مواد سريعة الاشتعال وتتفاعل بسبب حرارة الجو وانتشار اكوام القمامة والمخلفات فى جميع انحاء المجمع.
وأشار إلى ضعف الخدمات وتعطل خطوط الإطفاء الخاصة بالمجمع من جانب شركة المياه، كما أن البنية التحتية للمجمع تحتاج إلى رفع كفاءة الصرف والكهرباء، ورفع تلال القمامة التى تنتشر بالشوارع الداخلية والخارجية، مضيفاً أن 90% من الحرائق التى وقعت فى المجمع سببها وجود الصناعات الكيماوية.
أما الوحدات المحترقة التى لم يعاد انشاؤها، فجرى استغلالها من جانب الخارجين عن القانون والهاربين، وتحولت إلى أوكار لتجارة وتعاطى المخدرات والأعمال المنافية للآداب، دون تحريك ساكن من جانب الجهات المسئولة.
واوضح جاد، أن ابرز مشكلات المجمع، تتلخص فى تلال القمامة، وضعف البنية التحتية، وعشوائية توزيع أسلاك الكهرباء، فبعض الأسلاك مكشوف، مع وضع عوازل بطريقة بدائية، إذ تقع اعطال بالجملة خصوصاً فى فصل الشتاء، مما يؤدى الى حدوث تلامس كهربائى للوحدات المنشأة بالجمالون.
وكشف أن الشتاء الماضى، تكبد فيه المستثمرون خسائر فادحة، تمثلت فى غرق بعض الوحدات وغمرها بمياه الأمطار والصرف الصحى، وتعطل كامل للإنتاج.
وأكد أن الجهاز التنفيذى للمشروعات الصغيرة، ألزم صغار المستثمرين عند التعاقد لشراء وحدة أو تأجيرها بنظام الايجار التمليكى، بدفع 8 آلاف جنيه لسداد قيمة فواتير المياه والكهرباء، ومع ذلك فقد أرسلت شركة المياه والصرف الصحى لجنة فنية لغلق حنفيات الحريق.
وأضاف جاد: «المجمع يحتوى على خطوط إطفاء، لكنها تقع خارج الوحدات بالشوارع، وأغلقتها شركة المياه، كما طالبت الشركة صغار المستثمرين بعدم استخدامها، ومن يريد خط اطفاء يطلب تنفيذ خط اطفاء لوحدته، ويشترى مواسير قطر 4 بوصات، بجانب تنفيذ خزان مطافئ سعة 5 أمتار مكعبة من المياه بتكلفة تصل الى 25 الف جنيه، وهو ما يضر بصغار المستثمرين ويحملهم نفقات إضافية».
واكد أن بداية المجمع كانت لتشجيع الشباب على الاستثمار، مشيراً الى أن ما يحدث فى الواقع هو خلق مناخ طارد للاستثمار.
واوضح جاد، أن هناك 3 أنظمة للحصول على الوحدة الصناعية بمجمع الصناعات، أولها الإيجار العادى، وهو أن يسدد المستثمر 450 جنيهاً ترتفع بنسبة 10% كل 3 سنوات.
وثانيها هو نظام الإيجار التمليكى، والذى يسدد بمقتضاه المستثمر 650 جنيهاً شهرياً لمدة 30 عاماً ثم تنتقل ملكية الوحدة له، أما النظام الثالث فهو التمليك الفورى، إذ يصل سعر الوحدة الى 130 ألف جنيه.
وأشار جاد، الى أن طاقة المجمع الانتاجية كبيرة، ونشاط مصنعه الذى يقع ضمن الصناعات البلاستيكية يستهلك 30 طناً من خام البلاستيك شهرياً، وذلك لإنتاج الأوانى المنزلية، كما أن مصانع تشكيل المعادن يتراوح انتاجها بين 200 و300 طن شهرياً من خامات الحديد وإعادة التدوير.
واضاف أن الجهاز التنفيذى للمشروعات غير ممثل فى المجمع سوى بمكتب الأمن فقط، مشيراً الى أنه طالب الجهاز بتكليف موظف بالتواجد فى المجمع لتحصيل الإيجار، وكان يوجد حساب فى احد البنوك يتم ايداع قيمة ايجار الوحدات به، لكن الجهاز بادر بإغلاق الحساب، ما يضطرهم للسفر الى التجمع الخامس لسداد قيمة الايجار.
وطالب جاد، بالاسراع فى نقل تبعية المجمع الى جهاز مدينة برج العرب، مشيراً الى أن الجهاز التنفيذى لا يعلم شيئاً عن المجمع، عكس جهاز المدينة الذى يعلم كثيراً عن معوقات الاستثمار فى برج العرب وفى المجمع على وجه الخصوص.
وقال سمير صبحى مستثمر بمجمع الصناعات، إن المجمع يحتوى على 410 وحدات صناعية، مساحة الواحدة 144 متراً، مشيراً الى أنه بسبب غياب الرقابة، لم يلتزم أحد بالتقسيمات والتخطيطات المدرجة بخرائط المجمع.
وأضاف أن المجمع يحتوى على صناعات عديدة، منها المواد الكيماوية والمنظفات، والصناعات الهندسية والبلاستيك، والنجارة والكارتون، وتشكيل المعادن، وصناعة السفن واليخوت، وصناعات غذائية، ومستلزمات طبية، بالإضافة الى بعض الورش.
وكشف أن غياب الرقابة، يتيح للمستثمر الحصول على اى وحدة، ثم تغيير نشاطها على هواة دون إذن مسبق من الجهات المختصة، ما تسبب فى وجود الصناعات الكيماوية والخطرة بجانب الصناعات الأخرى فى شكل عشوائى بالغ السوء، فضلاً عن اتجاه بعض المستثمرين الى تأجير الوحدات التى حصلوا عليها من الدولة الى آخرين من الباطن، مما ساهم فى نمو ظاهرة تغيير النشاط الذى يستهدف الربح دون الالتزام بمعايير الأمن الصناعى.
واضاف أنه حينما تشتعل الحرائق فى إحدى الوحدات، يجرى الاتصال بقوات الدفاع المدنى، والتى دائماً ما تصل عقب التهام النيران للوحدة بأكملها.
وأشار صبحى، الى أن عقد شراء وحدات المجمع، مدون به ان الوحدة تتوافر بها شروط الأمن الصناعى، وهو ما ينافى الواقع الصعب الذى يعيشه صغار المستثمرين، مضيفاً أن تكاليف انشاء احتياطات الأمن الصناعى تبلغ تكلفتها 50 ألف جنيه، وهو ما يعد عبئاً كبيراً على صغار المستثمرين.
وقال أمير واصف، عضو جمعية مستثمرى برج العرب الصناعية، إن أخطر ما يواجه المجمع هو قطع المياه عن خطوط الإطفاء، مما قد يتسبب فى وقوع حرائق قد تطول الاستثمارات الكبيرة خارجه.
واضاف أن اعضاء جمعية مستثمرى برج العرب، أبلغوا هيئة التنمية الصناعية عن بعض الاخطار التى قد تلحق باستثمارات المنطقة الصناعية الثانية المحيطة بالمجمع، مطالباً الحكومة بألا تملك وألا تدير، وإنما تحكم المشروعات فقط وتذلل العقبات من اجل خلق مناخ مناسب وجاذب للاستثمار.
وقال هانى المنشاوى نائب رئيس مجلس الأمناء، عضو جمعية مستثمرى برج العرب، إن الطاقة الإنتاجية لمجمع الصناعات الصغيرة لا تتعدى 15% حال تشغيله بكامل طاقته، لكنه بوضعه الحالى لا يتجاوز 7% من حجم انتاج الصناعة ببرج العرب.
وأضاف: «المجمع يعد قنبلة موقوتة بالنسبة للشركات المحيطة به»، مشيراً الى أن ما يعانيه المجمع من سوء تخطيط أضر بسمعة الاستثمار فى برج العرب.
وكشف معاناة المجمع من طفح الصرف الصحى والصناعى فى الشوارع، وتراكم أكوام القمامة فى شكل بالغ السوء، مما ادى الى تضرر المنطقة بشكلٍ عام.
واشار إلى أن غياب الرقابة دفع المستثمرين للجوء الى التأجير من الباطن، وبالتالى تغييرخريطة الأنشطة واختلاطها، مضيفاً أن بعض المواد الغذائية المصنعة داخل الوحدات الصناعية بالمجمع، قد يحدث انتقال ميكروبى لها نتيجة الظروف والمناخ المصنعة فيه، وهو ما يكشف بعداً آخر لحجم الكوارث فى المجمع.
من جانبه، قال المهندس احمد الدسوقى رئيس جهاز مدينة برج العرب، إن المجمع لا يتبع جهاز المدينة، ولا سلطة للجهاز على المجمع سوى الحدود الخارجية له فقط، إذ يختلف عن باقى المناطق الصناعية بالمدينة التى ينفذ لها الجهاز أعمال الصيانة، ويرفع كفاءتها بشكل دورى.
وأضاف أن المجمع عبارة عن مجموعة وحدات صغيرة تم تقسيمها وبيعها عن طريق الهيئة العامة للاستثمار، بغرض تنشيط الصناعات الصغيرة.
واشار الى أن صيانة المجمع ورفع كفاءته، مسئولية الجهاز التنفيذى للمشروعات التابع لوزارة الصناعة.