التعيين فى الإدارة العليا يرضى المسئولين الأمنيين ويتحكم بالدولة
تشكيل الحرس الوطنى للتصدى للثورة الشعبية أو محاولات الانقلاب
تشديد رقابة مواقع التواصل الاجتماعى عبر قانون مكافحة الإرهاب
وسط مخاطر سياسية داخلية كبيرة تمر إدارة بوتين بمرحلة تغيير هادئة لكنها ملموسة قبيل انتخابات مجلس الدوما (البرلمان) 18 سبتمبر الجارى. وأعلن الرئيس الروسى عن تشكيل الحرس الوطنى وهى قوات شرطة شبه عسكرية جديدة، فى أبريل الماضى ليكون بمثابة «الحرس الإمبراطورى» للكرملين لضمان عزل اى ثورة شعبية والتصدى لاى انقلاب داخل القصر.
ووضع قانون مكافحة الإرهاب الجديد عقوبات أكثر صرامة ضد تعزيز «التطرف» و«الانفصال» عبر وسائل التواصل الاجتماعى ويشترط القانون أيضا استخدام البيانات المشفرة لمساعدة جهاز الأمن الاتحادى فى فك رموز أى من الرسائل المرسلة من خلال الانترنت.
ويبدو أن جميع الاجراءات السابقة تعد إشارة واضحة من الكرملين بأنه لن يسمح بتكرار احتجاجات المعارضة الجماهيرية كما حدث فى أعقاب انتخابات مجلس الدوما 2011.
ولم تقتصر الحملات الامنية ضد خلال الاشهر الماضية بل طالت قائد ورئيس هيئة الاركان لأسطول البلطيق فى يوليو الماضى بتهمة الفساد وعدم الكفاءة بجانب العشرات من ضباط أقل فى الرتب.
كما ألقى جهاز الأمن الاتحادى القبض على رئيس مصلحة الجمارك الاتحادية بعد أن اقتحمت منزله ومكتبه لجمع أدلة الفساد وسط حملة اعلامية كبرى لجهود مكافحة الفساد.
ورغم ان الدعاية لجهود محاربة الفساد تستهدف اقناع المستثمرين الاجانب بالعودة الى السوق الروسى الا انه فى ضوء اهتمام المستثمرين المتجدد فإن تقريرا لمؤسسة مابلكروفت حول المخاطر فى روسيا اعتبر ان نمو نطاق التسلط السائد فى إدارة بوتين تشكل المشهد الاخطر لانه يؤثر على بيئة الأعمال.
وطالت تغييرات بوتين النظام السياسى من الداخل حيث عين موظفين جددا بمن فى ذلك رئيس جديد للموظفين لإغلاق الفجوة بين الموظفين فى الداخل والخارج، فالجميع أصبح جزءا من النظام الذى يدار بطريقة اشبه بآلة مكونة من التروس.
حتى بداية عام 2016، تميزت فترة فلاديمير بوتين الثالثة فى منصب الرئيس بالتحفظ حيث سعى لتحقيق الاستقرار ففقد القدرة على التغيير، وأصبحت النمطية المذهب الأساسى للكرملين. وأدى ذلك كما يقول العديد من المراقبين إلى حدوث حالة من الركود فى النظام السياسي، كما حدث فى عهد بريجينيف.
ثم جاءت تغييرات فى الموظفين 2016 الأشهر الأخيرة، وأقال بوتين الزملاء القدامى بمن فيهم رئيس أركانه، سيرجى ايفانوف وجلب حلفاء اقوياء من الحرس القديم من الأجهزة الأمنية لشغل المناصب الإدارية الهامة لمنع الانزلاق إلى الركود بإحداث التغيير من الداخل.
ويفسر التقرير تعيين اصدقاء بوتين فى المناصب العليا بأنه منذ ضم شبه جزيرة القرم تولدت حالة جيوسياسية جديدة اثرت على فكر الكرملين، وبالتالى فرضت مجموعة جديدة من الأولويات تحتاج لمن يعطى ولاءه لها. فى الوقت نفسه ساهمت العقوبات وأسعار البترول المتدنية فى الحد من الموارد المخصصة لأصدقاء بوتين، مما يجعل من الصعب ارضاءهم وهو ما يهدد بتباين الاولويات فكان الحل اشراكهم فى الحكم.
ويخطئ البعض عندما يفسر اقالة رئيس الاركان الروسى بالنظر الى الماضى لاسباب منها طلب ايفانوف نفسه الاعفاء من مهامه بحلول 2014 او عدم الرضاء عن أدائه، لكن التفسير الافضل ياتى بالنظر الى المستقبل.. الاطاحة ايفانوف تشير بوضوح إلى رغبة بوتين فى عدم تحمل أى عبء مع مشاكل رفاقه وحاجته إلى مزيد من الديناميكية والارتياح مع مرؤوسيه. فحكم روسيا أصبح مهمة يقوم بها فرد واحد.
وفى الآونة الأخيرة كان هناك أيضا تغيير فى الطريقة التى يتم بها مناقشة القرارات الرئيسية فى الكرملين. ففى مطلع القرن الحالى كان فريق بوتين من السياسيين يشغلون المناصب السياسية الرئيسية ويتخذون القرارات فى الكرملين خصوصا مع تنامى مصالح شركاتهم.
ولكن الأزمة فى أوكرانيا وسوريا جعلت القادة العسكريين والمسؤولين من الأجهزة الاستخباراتية أكثر أهمية لبوتين وتدريجيا تم استبدال أصدقاء بوتين من الحرس القديم ليحل محلهم مستشارون عسكريون.
ويشتكى بوتين من أن كثرة نقاش مستشاريه السياسيين تسببت فى تراكم المشكلات دون حل لعدة أشهر.
وفى نموذج على أهمية القادة الامنيين لبوتين قام بتعيين أليكسى ديومين فى عام 2014 بالمخابرات العسكرية بدلا من جهاز الامن الرئاسى وفى عام 2015، تم تعيينه نائبا لقائد القوات البرية ثم نائبا لوزير الدفاع وبعدها بشهرين فى فبراير من عام 2016، تم تعيينه محافظا فى تولا أوبلاست.