أصبح الكثير من الأشياء أكثر صعوبة بدءا من تجنب الانكماش وحتى خلق الوظائف، فى الوقت الذى يحاول العالم فيه التكيف مع لعنة ستمتد لفترة طويلة من انخفاض أسعار البترول وتباطؤ النمو، ولكن هناك شيئا واحدا أصبح أكثر سهولة، وكذلك أكثر إلحاحا، وهو القضاء على الدعم الحكومى للوقود الأحفورى.
ولم يتعد رد فعل الحكومات على هذه الفكرة مجرد الحديث، ومنذ عام 2009، تتعهد حكومات مجموعة العشرين بالتخلص التدريجى من دعم الوقود، ولكن هذه التدابير لا تزال قائمة ومنتشرة.
وتواصل الدول، بدءا من الولايات المتحدة، وبريطانيا وحتى روسيا، إنفاق المليارات على الإعفاءات الضريبية وغيرها من أنواع الدعم لإنتاج البترول والغاز والفحم، وتدعم اليابان، وكوريا الجنوبية، والصين مشروعات وقود أحفورى هائلة خارج حدودها.
وعلى مدار سنوات، قام العديد من الدول – بما فى ذلك أكبر منتجى الطاقة فى العالم – باستخدام الدعم لتخفيض أسعار الجازولين والديزل، باعتبار ذلك مساعدة للفقراء.
وتعد المبالغ المنفقة على الدعم هائلة، وقدرت وكالة الطاقة الدولية أن الدول أنفقت 493 مليار دولار كدعم لاستهلاك الوقود الأحفورى فى 2014، وأشار معهد التطوير الخارجى فى بريطانيا إلى أن مجموعة العشرين وحدها خصصت 450 مليار دولار إضافية لدعم المنتجين فى ذلك العام.
وتعد هذه النفقات المثيرة للحنق إهدارا اقتصاديا حتى ولو لم تكن أيضا تتسبب فى ضرر للبيئة، فهى تغذى الفساد، ولا تشجع على تعزيز الكفاءة فى استهلاك الطاقة، وتشجع القطاعات كثيفة الاستهلاك لرأس المال بدون داع.
وعلاوة على ذلك، فإن هذا المبالغ المنفقة على الدعم، تساعد منتجى الوقود الأحفورى على الاستمرار، ما يعيق الابتكار، ويشجع الدول على بناء خطوط أنابيب غير مجدية اقتصاديا، ومحطات طاقة تعمل بالفحم.
وأخيرا، وربما الأكثر أهمية، إذا كان للحكومات أى أمل فى تحقيق أهدافهم البيئية الطموحة، فسيتعين عليهم التوقف عن الدفع للناس لاستهلاك وإنتاج الوقود الأحفورى.
وفى الوقت الراهن، جميع الظروف مواتية للقيام بذلك، فبينما أسعار البترول الرخيصة، يمكن أن تتخلص الحكومات من دعم جانب الطلب تدريجيا دون الإضرار بشدة بالمستهلكين.
وعلاوة على ذلك، فإن احتمالية أن يستمر النمو البطىء على المدى البعيد بسبب الضغوط السكانية، وتراجع الابتكار، يجعل من الضرورى استخدام الموارد بكفاءة.
ويؤثر الدعم المسرف سلبا على الإنفاق العام على البنية التحتية والتعليم اللذين من شأنهما المساعدة فى وضع العالم على مسار النمو مجددا.
ومن الأهمية بمكان حماية الفقراء، ولكن لا ينبغى أن يكون ذلك صعبا، فالإنفاق الأقل على الدعم سوف يحرر إيرادات يمكن استخدامها لهذا الغرض، مع ضرورة ملاحظة أن دعم الوقود يستفيد منه على الأغلب الأغنياء والطبقة المتوسطة (فى الدول منخفضة ومتوسطة الدخل، تستخدم الأسر الغنية الوقود المدعم أكثر بكثير من الأسر الفقيرة).
وتنبع المقاومة السياسية لإصلاح الدعم عادة من التكلفة، التى ستفرضها على الميسورين، وليس من العبء الذى ستضعه على الفقراء.
وهنا تكمن أهمية شرح عيوب هذه السياسية للناخبين، ويتعين على الحكومات توضيح إلى أى مدى تتسبب السياسة الحالية فى رفع التكاليف على جميع المواطنين من خلال الضرائب الأعلى، وإهدار الموارد (وبالتالى تكون مستويات المعيشة أقل)، بجانب الضرر البيئى الواقع والذى يمكن تجنبه بتغييرها.
وتعد الوعود المشابهة لتلك التى قامت بها مجموعة العشرين فى 2009 بلا فائدة، ومبهمة للغاية، وفى الاجتماع الحالى للمجموعة، يتعين على الحكومات أن تفعل أفضل من ذلك، مثل أن يتفقوا على طريقة معيارية لقياس أنواع الدعم المختلفة لديهم، ثم يضعون جدولا صارما للتخلص منها، وبهذه الطريقة، ستتوافر الفرصة لمحاسبتهم إن قصروا.
وأى شىء أقل من التزام واضح ومحدد سيكون بمثابة استمرار للفشل السياسى الفاضح، الذى سمُح له بالاستمرار لفترة طويلة للغاية.
إعداد: رحمة عبدالعزيز