الهند تعلمت الدرس من الصين، وعرفت أن تطوير الصناعة هو الطريق الأمثل لنمو اقتصاد الهند.
فنارندرا مودى – Narendra Modi، رئيس وزراء الهند يعرف جيداً ذلك، بعد تنفيذه فى محافظة جواجارات Gujarat التى كان يحكمها لمدة 13 عاماً، وحقق بها العديد من النجاحات. ولذلك بعد تعيينه مباشرة أطلق مبادرة «صنع فى الهند» make in India التى تسعى بها الهند إلى الوصول إلى نفس حجم الإنتاج الصناعى للصين (الهند الآن تحقق %10 مما تحققه الصين فى الصناعة). وهو هدف طموح جداً وتغيير جذرى فى خطة الهند التى كانت تركز على تطوير قطاع الخدمات، وليس الصناعة، معتقدة أنه كاف لتحقيق النجاح.
بدأ ناردرا مودى فى وضع أهداف لكل قطاع. فمثلاً تصدر الهند حالياً 36 مليار دولار فى قطاع الغزل والنسيج والملابس الجاهزة. وبذلك تحتل المركز الثانى وراء الصين. كم تصدر الصين فى ذلك القطاع؟ 299 مليار دولار. نعم 8 أضعاف الهند الثانية على العالم. ما هو الهدف الذى وضعه ناردرا مودى لهذا القطاع فى الهند؟ أن يحقق نمواً من 36 مليار دولار صادرات الآن ليصل إلى 221 مليار دولار صادرات قبل عام 2021. كيف يفكرون فى تحقيق ذلك؟ أنشأوا وزارة للغزل والنسيج ووضعوا العديد من الحوافز منها %20 منحة للمستثمر على استثماراته و18 دولاراً حافزاً شهرياً من الدولة لكل موظف يتم تعيينه، ويزيد هذا الحافز إلى 22 دولاراً شهرياً لكل سيدة يتم تعيينها لتشجيع السيدات على العمل و%50 منحة من التكلفة الاستثمارية للمناطق الصناعية المتخصصة فى هذه الصناعة. لماذا؟ لأنهم يعرفون أهمية جمع المصنعين فى مكان واحد وهو ما يسمى بالـclustering.
ناردرا مودى عنده رؤية واضحة جداً لما هو مطلوب عمله من أجل تطوير الهند. ما يعيقه هو الديمقراطية الموجودة فى الهند. لماذا؟ لأن القرارات بطيئة جداً جداً، مقارنة بالصين التى يحكمها حزب واحد حاول الغرب هدمه فى أواخر الثمانينيات بدفع الناس للمطالبة بالمزيد من حرية الرأى وحرية التعبير، ولكن تشاء الإرادة الإلهية أن ينجح الحزب فى السيطرة ويدرك أن عليه الإسراع فى وتيرة النمو الاقتصادى من أجل الحفاظ على الاستقرار والوحدة فى الدولة.
إذا سألتنى كيف يمكن للرئيس السيسى الاستفادة من زيارته للهند سأقول لك أهم شىء ممكن أن نتعلمه منهم هو مبادرة صنع فى الهند وكيف يخططون للوصول لنفس حجم الصناعة الموجودة فى الصين الآن التى أصبحت الأولى عالمياً دون منافس.
ولكن فى نفس الوقت، لماذا نذهب للتلميذ (الهند) ونترك المعلم (الصين)؟ فبعد أن كان اقتصاد الصين والهند فى عام 1990 تقريباً متوازياً (حجم الناتج المحلى الإجمالى فى الصين كان 356 مليار دولار وفى الهند 326 مليار دولار)، أصبح الآن اقتصاد الصين 5 أضعاف اقتصاد الهند (الصين وصلت إلى 11 تريليون دولار والهند إلى 2 تريليون دولار ومصر إلى 300 مليار دولار).
المعلم لديه العديد من الخبرات والتى لحسن حظ مصر يريد نقلها خارج الصين فى مبادرة الدولة Go Global وعلى مصر أن تتعلم قبل فوات الأوان.
زيارة الرئيس السيسى للصين والهند الآن هى فرصة تاريخية لمصر لكى نتعلم ونبدأ مشوار التطوير بدلاً من الوقوف فى صفوف المتفرجين بينما بقية الدول تتعلم وتتقدم.
على والى
خبير اقتصادى
[email protected]