يفكر الكثير من الناس ومن الخبراء (ومن ضمنهم بعض الوزراء)، أن الاعتماد على الصادرات الصناعية لتطوير اقتصادنا صعب ويتطلب وقتاً وتمويلاً وعمالة جيدة وكلها أشياء غير موجودة حالياً وأن الطريق لتطوير اقتصاد مصر هو عن طريق بناء اقتصاد خدمى وزيادة صادراتنا الخدمية.
سأشرح، لماذا هذا مستحيلاً ويحلم من يفكر أن مصر ممكن أن تتطور بدون تطوير الصناعة والصادرات الصناعية.
صادرات مصر الحالية فى عام 2015 من الصادرات السلعية والخدمية حوالى 37 مليار دولار (19 مليار دولار صادرات سلعية وهى الصادرات البترولية والصناعية والخدمية و18 مليار دولار صادرات خدمية وهى السياحة والنقل الجوى والبحرى وقناة السويس والاتصالات والتكنولوجيا والبرمجيات والتعهيد “business process offshoring” والتأمين وغير ذلك).
لكى تنهض مصر اقتصادياً علينا بتحقيق صادرات سلعية وخدمية حوالى 80 مليار دولار قبل عام 2020 و150 مليار دولار على الأقل قبل عام 2025 وحوالى 250 مليار دولار فى عام 2030، لماذا؟ لسببين: السبب الأول أن فيتنام تحقق 162 صادرات سلعية فقط وماليزيا تحقق 200 مليار دولار صادرات سلعية فقط، ونحن عندنا مقومات لتحقيق أرقام أعلى من هذه الدول.
والسبب الثانى أنه بدون تنمية صادراتنا، سنواجه مشاكل كبيرة فى توفير العملة (نحتاج حوالى 80 مليار دولار سنوياً معظمها لتغطية الواردات والباقى لسداد الديون أو لسفر المصريين بالخارج)، مما يؤدى لا قدر الله إلى الإفلاس. فنحن فى معركة وعلينا أن نكسبها وعلينا أن نختار الطريق الصحيح ونعمل بكل جهد لتحقيقه، الطريق طويل وعلينا ببذل الكثير من الجهد وعلينا أن نتعلم من الدول الكثير من الدول التى نجحت.
السؤال: هل نسلك طريق تنمية الصادرات الصناعية أم الصادرات الخدمية؟
العالم كله صدر فى عام 2015 حوالى 21 تريليون دولار منها 12 تريليون دولار صادرات صناعية (57%) و4.7 تريليون دولار صادرات خدمية (22%) و2.7 تريليون دولار صادرات بترولية (13%) و1.5 تريليون دولار صادرات زراعية (8%)، إذاً فأكثر من نصف الصادرات فى العالم هى صادرات صناعية. 94% من صادرات الصين صادرات صناعية و85% من صادرات كوريا واليابان صادرات صناعية، إذا تركنا الصادرات الصناعية فبذلك نترك جزءاً كبيراً من الذى ممكن تحقيقه.
بالنسبة للصادرات الخدمية فأكثر من 50% يتحقق فى مجالى النقل والسياحة، وبقناة السويس نجحنا فى تحقيق 5 مليارات دولار سنوياً، ولكن لتحقيق المزيد فى قطاع النقل علينا بتطوير مصر للطيران، لكى تنافس الطيران الإماراتى أو التركى وعلينا أن نبدأ بتطوير الإدارة فالإمارات تبحث عن أحسن الكفاءات. فمثلاً رئيس طيران الإمارات رجل إنجليزى، هل نوافق على جذب أحسن الكفاءات فى العالم أو حتى أحسن الكفاءات فى مصر؟ السياحة طبعاً ممكن أن تحقق لمصر الكثير فنحن حققنا حوالى 5 مليارات دولار فى السياحة العام الماضى بالمقارنة بـ44 مليار دولار فى تايلاند و26 مليار دولار فى تركيا.
ممكن أن نلحق بتركيا، ولكن فى الوقت نفسه الإيراد غير مضمون لسهولة ضرب السياحة المصرية بالهجمات الإرهابية، ولذلك علينا بتطوير السياحة ولكن عدم الاعتماد عليها واعتبارها فقط هدية نجاحنا فى القطاعات الأخرى وليس اعتبارها المصدر الرئيسى للعملة الصعبة.
طبعاً من الممكن تنمية صادرات التكنولوجيا مثل مراكز الاتصال والتعهيد “business process offshoring” والبرمجيات software وهذه قطاعات تحتاج إلى استثمارات قليلة ومهمة جداً لمصر، ولكنها لن تحقق الهدف المنشود، فالهند أكبر دولة فى خدمات التعهيد تحقق 20 مليار دولار سنوياً ومصر تحقق الآن ما بين 1-2 مليار دولار سنوياً، طبعاً هذا القطاع رئيسى ومهم ولكن وحده لن يكون كافياً لكى نلحق بصادرات فيتنام أو ماليزيا.
لتحقيق الهدف علينا الدخول فى التفاصيل والدخول فى التفاصيل يؤكد أنه لا يوجد طريق لمصر لتحقيق 150 مليار دولار صادرات فى عام 2025 بدون أن يكون على أقل تقدير نصف هذا الرقم من الصادرات الصناعية.
وهذا يعنى أن تطوير الصناعة هو الأساس ولا غنى عنه لأن بدون زيادة الصادرات الصناعية لن نستطيع اللحاق بالدول التى سبقتنا وسنكون دائما فى عجز مستمر فى توفير العملة الصعبة.
فنحن نستورد السيارة والتليفون المحمول والالكترونيات والمعدات والملابس الجاهزة ومنتجات البتروكيماويات وتستعجب بعد ذلك أن الجنيه المصرى فى تدهور مستمر أمام الدولار!!
على والى
[email protected]