محمد عمران رئيس البورصة المصرية فى حوار لـ«البورصة»:
عودة المستثمرين الأجانب للبورصة مرتبطة بثقتهم فى بيئة الأعمال
مواجهة مخاطر محتملة فى قرارات الإصلاح أفضل من التمادى فى الهاوية
البورصة لا تقوم بدورها فى تمويل النمو بسبب سوء المناخ الاقتصادى
لم تَكف الحكومات المتعاقبة منذ سنوات عن الحديث حول تفعيل دور البورصة وطروحات القطاع العام إلا أن الأمر لم يخرج بعد من نطاق التصريح والتخطيط، ورغم بقاء الآمال معقودة على حكومة شريف إسماعيل.
لكن رئيس البورصة المصرية محمد عمران يقول: إن الوضع قد يكون مختلفا هذه المرة، فالدولة تتبنى توجهاً اقتصادياً هو الأفضل خلال السنوات الأخيرة، ويدعم ذلك تضمين هذا التوجه فى برنامج الحكومة المقدم لصندوق النقد الدولى للحصول على قرض الـ12 مليار دولار، وسيراقب الصندوق تطور عمليات تنفيذ البرنامج.
وأشار عمران إلى أن توفير التمويل أو تنظيم إدارة تمويل الشركات، وتكرار الحديث عنه من جانب الحقائب الوزارية، التى لها علاقة بالمال العام يؤكد مصداقية الحكومة فى تفعيل برنامجها ويبقى الشق العملى والذى لا تعرف البورصة عنه شيئًا والخاص بمدى جاهزية الشركات التى تم الإعلان عن طرحها بالسوق، وحجم التمويل المطلوب لكل شركة والغرض منه وخطة العمل، والتى سيتم بناءً عليها الترويج للطروحات، فضلاً عن اختيار بنوك الاستثمار، التى ستتولى إدارة الطروحات وفقاً لما تستهدفه الحكومة منها.
أضاف رئيس البورصة المصرية، أن حجم الطرح وجاذبية الشركات ونسبة الطرح وسعر الطرح وظروف الاقتصاد، والقدرة على ترويج المنتج، جزء منه يرتبط بالشركة نفسها وجزء كبير مرتبط بظروف الدولة، ووجود سياسات اقتصادية محددة وواضحة كلها قد تتحول من عوامل جذب إلى عوامل تنفير.
وشبه عمران، الاقتصاد المصرى بمريض قلب يحتاج منذ سنين إلى تركيب دعامة وقاده الإهمال لحتمية إجراء جراحة قلب مفتوح تمثل بداية الإصلاح، والتى تتضمن سياسات سعر الصرف، والقيمة المضافة، والرفع التدريجى لأسعار الكهرباء والمياه، وخفض الدعم حتى تصل الخدمات والمنافع المقدمة من جانب الدولة للسعر الاقتصادى الخاص بها مع حماية الطبقات الكادحة من الإرتفاعات المتوقعة للأسعار.
وطالب عمران بضرورة استمرار خطة الإصلاح وامتدادها لمستويات أقل فى الجهاز الحكومى للدولة، لضمان نجاح برنامج إعادة هيكلة الاقتصاد، من خلال وجود سياسات مشجعة، وتوازن الاستثمار، وحرية الدخول والخروج، ومحاربة البيروقراطية الإدارية، مؤكداً أن زيادات الأسعار لن تستمر بنفس الصورة بعد إعادة الهيكلة، وستعود لمعدلاتها الطبيعية.
وأكد عمران أن ما تم الإعلان عنه فى برنامج الإصلاح الاقتصادى خطوط عريضة يعلمها الاقتصاديون وغيرهم من العامة، إلا أن ما يتبقى هو ضرورة الإلمام بموعيد التنفيذ وآلية تتابع القرارات بما يخدم بعضها بعضاً، ولا يمكن تصور أن مجرد اتخاذ الخطوات للعلاج دون تنسيق يفى بالغرض، ويجب مراعاة ترتيب الإجراءات بما يخرج الاقتصاد من أزمته الحالية وتناغم القرارات مع بعضها وكفاءة القائمين على التطبيق عوامل نجاح الخطة أو فشلها، فهناك بلدان قامت بوضع برنامج إصلاح اقتصادى ظروفها كانت أصعب من مصر وأصبحت الآن فى مصاف دول العالم المتقدمة، وأخرى قادها تضارب القرارات وعدم التنسيق إلى جحيم الإفلاس.
«القرارات النصف مدروسة أو غير المكتملة تميت الاقتصاد حتى وإن كان بعضها سليم، ويجب إعلان جدول زمنى يحدد من خلاله مواعيد تطور البرنامج، ويجب مشاركة البرنامج مع الشعب، والذى سيتأثر بالبرنامج ويتفاعل معه».
وشهدت البورصة المصرية خلال الأعوام القليلة الماضية تراجعا كبيرا فى حجم تداولاتها، كما تراجع عدد المستثمرين الأفراد بشدة، والذين أصبح عددهم نحو 30 ألف مستثمر فقط حسب رئيس البورصة المصرية، كما تراجعت حصة المستثمرين الأجانب من أكثر من 32% من تعاملات السوق فى 2009 إلى مابين 15% و20% خلال العامين الماضيين.
أوضح رئيس البورصة أن ما تراه فى البورصة هو انعكاس لحالة الاقتصاد ككل وخروج الأجانب والأفراد أو عدم وجود تداولات لهم كان أمراً طبيعياً فى ظل تراجع معدلات السيولة، وانخفاض احتياطات النقد الأجنبى بشكل كبير وتراجع معدلات نمو الناتج المحلى الإجمالى من مستويات %6 و7% إلى 4%، ولو وضع مستثمرو عام 2009 فى الظروف الاقتصادية الحالية لتأثروا بنفس الدرجة.
أضاف أن المقارنة غير عادلة فمصر 2009« دولة ومصر بعد الثورات دولة مختلفة تماماً، مشيراً إلى أن ترتيب مصر خلال الأعوام الخمسة السابقة لعام 2008 فى مؤشر جودة بيئة العمل Doing Business كان من بين العشر دول الأفضل فى العالم وتصدر القائمة عام 2008 بالمقارنة بترتيبنا الحالى عند 132 يوضح الفارق، والبورصة هى انعكاس لأوضاع اقتصادية صعبة.
أضاف: وظيفة البورصة هى تمويل النمو، وفقدانها لهذا الدور جاء نتيجة عدم وجود مناخ استثمارى جاذب، وضعف الطلب المحلى، وصعوبة الدخول والخروج من الاقتصاد، ولدينا باب مستقل لتأسيس الشركات عبر الاكتتاب العام دون شرط إصدار قوائم مالية، وتم الترويج لاستخدام هذه الآلية فى أكثر من مؤتمر عالمى إلا أن الحوارات دائماً ما تنسحب للبيئة الاستثمارية ومناخ الاقتصاد، وهو ما يخرج عن يد البورصة المصرية ولا يمكننا التحكم به.
وعن برنامج الطروحات الذى تعتزم الحكومة تنفيذه لعدد منشركاتها فى البورصة قال: إن قدرة الطروحات العامة على النجاح متوقف على رؤية المستثمرين لمدى تحسن المناخ الاقتصادى ومدى إيمانهم بالقائمين على خطة الإصلاح، وقدرته على تحقيق عوائد أعلى على استثماراته من أماكن أخرى فى العالم.
وقال: إن مصر تحتاج نموذجا إصلاحيا مستمرا ومتكاملا وليس بالقطعة، والقرارات المتتالية من البنك المركزى بصرف المبالغ المتأخرة لمستثمرين أجانب فضلاً عن تخفيض الجنيه فى مارس الماضى دعمت موقف البورصة المصرية لدى مؤسسات التقييم العالمية، ولم يعد يتم ذكرنا بشكل سلبى، وهو ما يعد أمرا جيدا.