أتساءل ماذا حدث بعد الإعلان عن نية الحكومة طرح بناء ستة آلاف فصل بالمشاركة مع القطاع الخاص، والتى أعلن أن الشروط ستطرح بنهاية شهر أغسطس.
فقد انتصف سبتمبر واقترب موعد دخول المدارس وما زلنا بكثافة فصول تفوق المائة تلميذ. لا أقول إن نهاية أغسطس كانت ستؤدى للحاق المدارس الجديدة بالفصل الدراسى الحالى ولكن الموضوع بدأ من يناير الماضى خلال اجتماع مجلس الوزراء وللأسف استغرقنا ثمانية أشهر دون تحرك فعلى اللهم من اجتماعات شبه ودية مع بعض ملاك المدارس فى مصر.
وليس أدل على عشوائية الإدارة أكثر مما قاله وزير التعليم لأعضاء لجنة التعليم بالبرلمان، وهو يعلن عليهم الخبر «أى حد يعرف مستثمر أو شخص له رغبة فى تمويل هذه المدارس يبلغه ويعرفّنا».
ما شاء الله عليك يا معالى الوزير، لقد أحييت فينا الأمل بأن فى مصر كوادر قادرة على استحداث أساليب جديدة فى الترويج للمشروعات. صحيح أنها طريقة سبقك إليها المنادى فى القاهرة الفاطمية بعبارة «الحاضر يعلم الغايب» ولكن ها أنت ذا تحييها من جديد. لن أسهب فى السخرية فيكفى ما كتب على وسائل التواصل بعد هذا التصريح ولكن جل ما أتمناه أن تكون قد استنرت من بعض التعليقات البناءة الخاصة بأساليب تسويق الأفكار للمستثمرين سواء بمخاطبات مباشرة أو مؤتمرات أو جولات «الرود شو».
وأود أن أتساءل: هل درستم ما طرحتوه من أفكار بشأن حق الانتفاع لمدة أربعين عاما وتحمل المستثمر التكلفة والالتزام بالمصروفات التى تحددها الوزارة.. إلخ، بمعنى هل استطلعتم آراء المستثمرين ومدى تقبلهم لهذه الشروط؟ أم كالعادة قام بوضعها نخبة من مسئولى الوزارة ومستشارى الوزير الذين أتحفونا على مدار السنوات بقرارات تعليمية عظيمة من عينة إلغاء وعودة الصف السادس والتعديلات الطلسمية فى مناهج ابتدائى؟
هل لديكم يقين بأنكم ستجدون إقبالا من المستثمرين؟ وإذا كان لديكم فكم نسبته؟ وكم فصل تتوقعون بناءه؟ وهل تتوقعون إقبالا زائدا عن العدد المطلوب فتضطرون لعمل نوع من الغربلة للمتقدمين حسب الاشتراطات الفنية؟ (وبالمناسبة هل لديكم اشتراطات فنية؟) أم أن لديكم دراسة تتوقع أن الإقبال سيكون أقل من المطلوب؟
لدى إحساس أن «يبلّغه ويعرفّنا» سيليها «ربنا يبعت»
ما المغرى للمستثمر لدفع أموال فى إقامة مدارس لأولادنا؟
وهل فكرتم فى بدائل فى حالة عدم وجود إقبال على هذه المبادرة من القطاع الخاص نظرا لعدم مناسبة شروطها؟
هناك من اقترح من رجال الأعمال المهتمين بالمدارس خطط بديلة فهل استمعتم لها؟ مثلا اقترح تسهيل الحصول على أراضٍ لبناء مدارس خاصة بمصروفات مرتفعة مع التزامه بتخصيص عشرين أو ثلاثين فى المائة من الفصول للتلاميذ الفقراء. ربما لا يكون هذا الاقتراح مستساغا للطبقتين الغنية والفقيرة، ولكنه فكر مختلف وجدير بالمناقشة.
وهناك من اقترح أن تقدم الدولة قطعتى أرض للمستثمر، أولاهما يختارها بنفسه ويحصل عليها مقابل تسهيلات أو بنصف الثمن لينشئ عليها مدرسة خاصة بمصروفات مرتفعة، وثانيهما مجانية،تختارها الوزارة فى أى مدينة بها احتياج للمدارس ويلتزم المستثمر ببناء مدرسة طبقا لمعايير الوزارة ويشرف على إدارتها.
وأضيف من عندى على هذا الاقتراح التزام المستثمر بتحقيق نسبة نجاح لا تقل عن 80% من تلاميذ كل مرحلة وإعفائه من ضرائب المدرسة الخاصة لمدة خمس سنوات.
كل هذه أفكار قد تكون جيدة وقد تكون سيئة وهناك المزيد من الأفكار لمن يبحث ويسأل ويدرس ويستطلع الآراء ويروج للمشروعات بطريقة أكثر احترافية.
وكل هذا ونحن نتحدث عن الترويج بين مستثمرين محليين، وأتمنى من الله ـ ولا يكتر على الله ـ ألا يتورط الوزير فى أى من زياراته الخارجية فى تصريح من عينة «الصاحى يقول للنايم».
كاتب المقال : إعلامي