مصرفيون: التمويل أحد العوائق ولابد من تعاون الجهات الحكومية لدعم نمو الـsme«s
«أيوب»: المشروعات العاملة تحت مظلة الدولة لا تمتلك قوائم مالية معتمدة تمكنها من تلقى التمويل
«جلال»: يجب إطلاق مبادرات ملحقة لتسهيل التراخيص المؤقتة وتخصيص الأراضى والضرائب
يتحدث المسئولون بالدولة عن أهمية قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة والرهان عليه فى دفع معدلات النمو الاقتصادى، خاصة أن 80% من الاقتصاد قائم على مشروعات القطاع، لكن الاهتمام الحكومى لم يتحول لآليات على أرض الواقع باستثناء مبادرة البنك المركزى لتمويل قطاع الـsme»s بعائد مخفض يصل 5% متناقصاً.
والسؤال الذى يتطلب إجابة حالياً، هل مبادرة البنك المركزى التى مر على إطلاقها 8 أشهر كافية لتحقيق الأهداف المطلوبة منها بشكل منفرد؟، أم تحتاج إلى مبادرات تكميلية؟ وأين هى الحوافز المكملة التى يتطلبها القطاع للنمو؟، والتى يتمثل أهمها فى الإعفاءات الضريبية، وتسهيلات الجمارك وتدشين أسواق للترويج للمنتجات.
ويرى مصرفيون، أن مبادرة «المركزى» بتخصيص 200 مليار جنيه لقطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة خلال 4 أعوام بفائدة 5% متناقصة من الممكن أن تحقق 30% فقط من الأهداف المطلوبة من قطاع الـsme«s.
أضافوا أن الـ70% الأخرى تستلزم تكاتف باقى مؤسسات الدولة والحكومة لدعم القطاع وتحقيق الأهداف المرجوة منه.
قال علاء أيوب، رئيس قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة ببنك مصر، إن مبادرة البنك المركزى لقطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة ليست كافية بشكل منفرد لزيادة الطلب على التمويلات.
أشار إلى وجود عوائق وممارسات بيروقراطية من جانب الحكومة يتضرر منها أصحاب المشروعات، وهو ما يعيق نمو القطاع وزيادة الطلب على القروض.
أضاف «أيوب»، أن كثيراً من المشروعات التى تعمل تحت مظلة الحكومة لا تمتلك قوائم مالية معتمدة أو منظمة تمكنها من تلقى التمويل، كما أن البنوك لديها اشتراطات للتمويل إلزامية من البنك المركزى لا تستطيع مخالفتها عند منح القروض.
أوضح أن هناك اجتماعات كثيرة تمت بين البنوك وبعض الجهات الحكومية، وطالب المصرفيون بتأسيس جهة تؤهل أصحاب المشروعات للتعامل مع البنوك، وتضمن التأهيل للمنافسة والتوسع فى الأسواق الخارجية لترويج المنتجات.
وقال «أيوب»، إن البنوك استغنت عن بعض المستندات مثل وجود 3 ميزانيات معتمدة، وتقديم ضامن، واستثناءات أخرى تهدف إلى تبسيط الإجراءات لجذب شريحة جديدة من العملاء، للوصول إلى المستهدفات التى طلب المركزى من البنوك تحقيقها خلال السنوات الأربع المقبلة.
أضاف أن أهم عوامل نجاح مبادرة «المركزى» هو التسويق الجيد لها مع توفير شرح تفصيلى للأوراق المطلوبة، وشروط الحصول على التمويل وقيمته، وفترة السداد ويعتبر هذا دور الحكومة وليس البنوك.
يقول محمد مصطفى، صاحب مطبعة أخبار التعليم وشركة توزيع، إنه يحاول الحصول على قرض بقيمة 100 ألف جنيه من البنك الأهلى المصرى، وتقدم ببعض المستندات التى يمتلكها، ولكن تم رفض طلبه.
أضاف أن البنك ألزمه بتكوين حافظة مستندات من حوالى 15 مستنداً، أغلبها غير متاحة، نظراً إلى أن المشروع بسيط، ولا يدر عائداً يتطلب وجود محاسب قانونى وميزانيات للمطبعة وشركة التوزيع.
أوضح «مصطفى»: «المشروعات الصغيرة تواجه صعوبة للحصول على تمويل وعلى الرغم من تقديمى مستندات إضافية، فإن البنك يرفض الموافقة على التمويل للمرة الثانية على التوالى».
أشار إلى أن كثيراً من العملاء الذين قابلهم بالبنك لديهم مشاكل فى الموافقات من جانب البنك، نظراً إلى عدم وجود قوائم مالية لهم تمكنهم من تلقى التمويل، الأمر الذى يجعلهم غير مؤهلين ائتمانياً، كما يطالب البنك بوجود ضمانات عينية تسهل الرجوع إليها حال التأخر عن السداد.
وقال مسئول ببنك القاهرة، إن مبادرة البنك المركزى تتميز بفائدة 5%، وعلى الرغم من ذلك فإن نسب الاقتراض من خلال المبادرة ضعيفة، مقارنة بحجم المشروعات الصغيرة والمتوسطة التى تستحوذ على أكثر من 70% من النشاط الاقتصادى بمصر.
أضاف أن البنوك لديها سياسات وضوابط ائتمانية لا تستطيع أن تتخلى عنها، وتوجد مشاكل مازالت تحتاج إلى إعادة نظر، منها وضع ضوابط جديدة تسمح بضم شرائح العملاء فى القطاع غير الرسمى إلى الاقتصاد الرسمى، بما يضمن تمويله من البنوك.
أوضح المسئول، أن هناك طلبات كثيرة تلقتها البنوك لمشروعات جديدة تم رفضها، لعدم امتلاك المستندات الكافية، إضافة إلى أن دراسات الجدوى التى تقدمها تتضمن مخاطر عالية قد تؤدى إلى فشل المشروع، ولا بد أن تضع الحكومة بدائل تسويقية للعملاء تضمن نجاح المشروعات.
أشار إلى أن تقييم المبادرة بشكل دقيق يحتاج المزيد من الوقت، كما أن 8 أشهر غير كافية لتقييمها، فى ظل مشاكل وتحديات تواجه القطاع من زمن طويل، بالإضافة إلى أن نقص السيولة الدولارية له تأثير سلبى على نشاط العديد من الشركات.
وقال طارق جلال، رئيس قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة ببنك التنمية الصناعية والعمال المصرى، إنه من السابق لأوانه تقييم نتائج مبادرة «المركزى»، وتوجد صعوبة للحكم عليها بشكل قاطع فى الوقت الراهن إلا من خلال تكاملها بتعاون الجهات المسئولة عن تطبيقها.
أضاف: «نجاح المبادرة يأتى من خلال إطلاق مبادرات ملحقة، منها تسهيل التراخيص المؤقتة وتخصيص الأراضى وحل أزمة الضرائب ودمج القطاع غير الرسمى ضمن المنظومة الرسمية بجانب مبادرة خاصة بتسويق المنتجات».
أوضح «جلال»، أن المبادرات الملحقة التى يطالب الجميع بإطلاقها ليس المنوط بها القطاع المصرفى الذى يمثله البنك المركزى، وإنما تقع على عاتق جهات أخرى منها مصلحة الضرائب ووزارتى الاستثمار والصناعة.
يذكر أن اتحاد بنوك مصر قدم عدة توصيات للحكومة منها تأسيس شركة لتسويق منتجات المشروعات الصغيرة والمتوسطة على مستوى كل محافظة، بالإضافة لدراسة تأسيس شركة رأسمال المخاطر لتتولى تأسيس المشروعات بشرط أن يتم طرحها بالبورصة بجانب الإسراع بدمج القطاع غير الرسمى ضمن منظومة رسمية معترف بها بما يتيح للبنوك التوسع فى توفير التمويل اللازم.
وتتضمن التوصيات بحث إمكانية الاتفاق مع مصلحة الضرائب على عدم الحجز على الآلات والمعدات للعملاء المتعثرين فى السداد فى حالة إذا كانت ممولة من البنوك مع بحث إمكانية تقديم مزايا ضريبية مرتبطة بتشغيل عمالة مستديمة للمشروع.
وتقدمت البنوك باقتراح لوزارة الصناعة يتضمن إنشاء صندوق للتأمين ضد مخاطر عدم سداد القروض، وضرورة خلق منافذ تسويقية جديدة تضمن تسويق منتجات المشروعات الصغيرة والمتوسطة بما يضمن عدم تعثرها الفترة المقبلة وتجنباً لتحمل أعباء على محافظ البنوك وزيادة نسب التعثر.
ويعتزم اتحاد بنوك مصر مخاطبة الجهات الحكومية لتوفير قطع أراضٍ بالمدن الجديدة للمشروعات مزودة بالبنية الأساسية والمرافق مع تقديم حوافز لتملك الأراضى والوحدات الصناعية بعد فترة معينة بأقساط ميسرة على عدة سنوات وفقاً لنجاح المشروع وحجم العمالة التى يتم تشغيلها.
وقال عادل طه، رئيس قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة ببنك الاستثمار العربى، إن المبادرة تحقق نجاحاً، ولكن بخطوات بطيئة لا يمكن اعتبارها نتائج نهائية فى التقييم.
أضاف أن القطاع المصرفى دوره تمويلى فقط، وذلك يعنى أهمية تضافر الجهات الأخرى حتى تتضح نتائج المبادرة من خلال وضعها فى مسار صحيح.
أشار إلى أن المبادرة تحتاج إلى حوافز منها إنشاء هيئة قومية مركزية للمشروعات تكون بمثابة المنسقة لجميع الجهات، وتتولى وضع استراتيجية قومية لتنميتها، ومتابعة تنفيذها ووضع تعريف موحد لها مع دراسة المعوقات التى تواجهها.
وطالب بضرورة تطوير قاعدة معلومات متخصصة تتضمن دراسة جدوى جاهزة ومحدثة للمشروعات من حيث الإجراءات القانونية والتراخيص اللازمة لإنشاء المشروعات والأراضى والمبانى المتاحة والتشريعات والحوافز الضريبية والجمركية الخاصة بالمشروعات.
شدد على ضرورة توفير الإعفاءات الضريبية للمشروعات الصغيرة والمتوسطة منها الإعفاء من ضريبة الدخل لفترات زمنية محددة قابلة للتجديد، أو بنظام يتدرج عكسياً مع قيمة رأسمال المستثمر، بالإضافة إلى الإعفاءات الجمركية على الواردات التى لا تنافس الصناعة المحلية مثل المعدات الرأسمالية والقطع والأجزاء والمواد الخام ومستلزمات الإنتاج وإلزام المنظمات الحكومية وشبه الحكومية بشراء منتجات المشروعات وعمل خطة سنوية لزيادة المشتريات من منتجات المشروعات من أجل تأمين التشغيل الدائم لها.
وقال مسئول بالبنك الأهلى المصرى، إن القطاع المصرفى استطاع الوصول بمبادرة المشروعات الصغيرة والمتوسطة لمسارات أكثر مرونة حتى وإن كان يتعامل بتحفظ بحكم أن دوره تمويلى فقط وهو دور مكمل لأدوار الجهات الأخرى.
أضاف المسئول أن مبادرة «المركزى» حققت نجاحاً لا يتعدى 20% من أهدافها واستمرارها يتوقف على تفعيل جميع الآليات التى نصت عليها المبادرة.
يذكر أن عدد العملاء فى قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة بالبنك الأهلى ارتفع إلى 2700 عميل، وتم توفير قروض بإجمالى 2.7 مليار جنيه خلال 4 أشهر منذ إطلاق المبادرة مقابل 1000 عميل قبل إطلاق المبادرة.
