قالت صحيفة «فاينانشيال تايمز»: إن روسيا عانت موجة من المشكلات فى الآونة الأخيرة، بداية من انخفاض أسعار البترول إلى الركود الطويل الذى دام لمدة عامين، والعقوبات الدولية.. لكن المستثمرين الذين تحدوا البرد والرياح حصدوا الجوائز.
وتراجعت عوائد السندات السيادية المقومة بالعملة المحلية «الروبل» لأجل 10 سنوات من ذروة بلغت 16.1% فى يناير 2015، و11% فى يناير الماضى إلى 8.1% فى الوقت الراهن.
وأشارت الصحيفة، إلى أنه بعد أن تعافت قيمة «الروبل» قليلا منذ يناير 2015 وارتفع تداوله بنسبة 25% أمام الدولار، تضاعفت المكاسب للمستثمرين الأجانب الذين يستحوذون الآن على 25،4% من الديون الحكومية فى السوق، والبالغ قيمتها 5.3 تريليون «روبل»، وهى أعلى قيمة منذ يولية 2014.
ورغم أن الاقتصاد لا يزال ينكمش، فقد حقق المستثمرون فى مؤشر «مورجان ستانلى كابيتال إنترناشونال» المتخصص فى الأسهم الروسية عائدا 24% من حيث القيمة الدولارية حتى الآن، أى أكثر من ضعف العائد البالغ 11% لمؤشر الأسواق الناشئة ككل.
وكشفت بيانات «رينيسانس كابيتال» البنك الاستثمارى الذى يتخذ من موسكو، مقرا له أن هذه المكاسب تجاوزت البرازيل وبيرو وكولومبيا.
وقال رئيس استراتيجية الأسهم فى الأسواق الناشئة لدى «رينيسانس كابيتال»، دانيال سالتر، إنه منذ أن بدأ الانتعاش أواخر يناير الماضى أصبح السوق الروسى يحظى بإعجاب كثير من المستثمرين.
وأوضح فلاديمير اوساكوفيسكي، لدى بنك «أوف أميركا ميريل لينش»، إن المحرك الرئيسى للانتعاش فى أسعار الأصول هو الاستقرار فى أسعار البترول العام الحالي، الذى سمح لـ«الروبل» بالثبات أمام الدولار، ولم تضعف العملة فى أغسطس للمرة الأولى منذ 10 سنوات.
ونتيجة لذلك انخفض التضخم العام لأسعار المستهلكين من ذروة بلغت 16.9% فى مارس إلى 6.9% فى الوقت الراهن. وتشير توقعات السوق إلى أن التضخم سينخفض إلى 6% العام المقبل.
وفى المقابل أدى تراجع التضخم إلى خلق مساحة للبنك المركزى لبدء خفض أسعار الفائدة.. وعلاوة على ذلك يبدو أن الاستقرار فى «الروبل» وضع حدا لهروب رؤوس الأموال التى شهدتها روسيا بين عامى 2014 و 2015.
وفى الواقع فإن تقارير «مورجان ستانلى» التى تفيد باستمرار التحسن فى حساب رأس المال حولت صافى التدفقات إلى إيجابية فى أغسطس الماضي.
وأكدت محافظ البنك المركزى الروسى، الفيرا نابيولينا، أنه ينبغى الحفاظ على مستوى معدلات التضخم على الأقل حتى بداية العام المقبل.
وتوقعت شركة «كابيتال ايكونوميكس» انخفاض أسعار الفائدة إلى 8% فى العام المقبل و6% بحلول نهاية 2018.
وذكرت الصحيفة أن روسيا لديها أيضا أعلى توزيعات للأرباح مقارنة بباقى الدول الرئيسية فى الأسواق الناشئة.
وأشار سالتر إلى أن روسيا ستصبح الأكثر جذبا للمستثمرين فى ظل وضوح توزيعات الأرباح.
وأوضح أوليج كوزمين، كبير الاقتصاديين فى «رينيسانس كابيتال» أنه لا تزال هناك مخاطر من تقلص فائض الحساب الجارى، المحتمل أن يسجل نسبة تتراوح بين 2 و3% من الناتج المحلى الإجمالى العام الحالى.
وأفاد أوساكوفيسكى، بأن أى ارتفاع آخر فى أسعار البترول سيؤدى إلى تباطؤ معدل التدهور، لكنه حذر من أنه مع توقعات عودة الاقتصاد الروسى إلى النمو فى العام المقبل، فإن تعافى الواردات وتحويلات العمال الأجانب المقيمين فى روسيا يمكن أن يستنزف الفائض من السندات الحكومية.
وأفاد كوزمين بأنه حال عدم وجود أى تعافٍ ذى مغزى فى أسعار البترول، فإن الحكومة يمكنها اقتراض 300 مليار روبل العام الحالى لتمويل عجز الميزانية البالغ 3.4% من الناتج المحلى الإجمالى.
وإذا كان الأمر كذلك فإن هذا يعنى أن حجم الديون السيادية المقومة بالروبل سوف يرتفع بنسبة 60% فى غضون ثلاث سنوات.