التهرب الضريبى وشراء جماعات الضغط وتحليل بيانات العملاء
4.4 مليون دولار لكل جماعة ضغط فى قائمة الـ100 للأشد تأثيراً فى أمريكا
تتميز الشركات بطبيعتها التنافسية وهى ميزة فى الاغلب موضع ترحيب من الجميع لكن فى بعض الأحيان تغلب الغرائز التنافسية اصحابها لتقودهم الى طرق أقل ترحيبا فى ممارسة هذه المنافسة خصوصا عندما تلجأ الى ما يشبه السحر الاسود فى الإدارة.
وتعتبر الممارسات السلبية الاكثر وضوحا السعى الدائم لدفع ضريبة أقل قدر الامكان بشكل قانونى وكذلك الضغط على الحكومات ومجموعة الهيئات الأخرى المتنوعة لكسب ميزة على منافسيها. ويلجأ لذلك جميع الشركات تقريبا لكن الفارق الوحيد ان الشركات العملاقة تقوم بكل شىء على نحو جيد بما فى ذلك ممارسة فنون السحر الاسود، كما يسميه تقرير لمجلة الايكونوميست البريطانية فى اشارة الى التلاعب فى الاسواق بشتى الطرق ويمكن القول انها تستثمر فى كونها شركة عملاقة.
وهذا يثير ثلاثة مخاوف، الأول هو أنها سوف تبقى لها اليد العليا فى الحصول على الميزات التنافسية اكثر من غيرها وثانيا، قد تستخدم الشركات العملاقة مهاراتها لبناء مزايا منيعة تمنحها قوة احتكارية متزايدة، وثالثا، عندما تصبح اشد قوة فإنها ستمارس مزيدا من التلاعب.
واشار التقرير الى ان الشركات متعددة الجنسيات تستخدم بشكل روتينى الاستثمار الأجنبى المباشر من أجل الحد من مقدار الضريبة المستحقة عليها. كما انها تؤسس شركات قابضة للحفاظ على أصولها العامة فى عدة مجالات تكون ذات شريحة ضريبية منخفضة ثم تفتح هذه الشركات القابضة بدورها فروعها فى مناطق ذات ولايات قضائية مختلفة منخفضة الضرائب وبعيدة فى الغالب عن البلد مع خلق سلسلة طويلة من الملكية والادارة.
وتشير التقديرات الى ارتفاع حجم الأموال التى تتنقل من الملاذات الآمنة قبل ان تصل إلى وجهتها النهائية بشكل حاد منذ عام 2000، لتمثل حاليا نحو 30% من مجموع الاستثمار الأجنبى المباشر.
فى عام 2012 كانت جزر فيرجن البريطانية خامس أكبر متلق فى العالم للاستثمار الأجنبى المباشر مع تدفق 72 مليار دولار بالمقارنة ببريطانيا التى تفوقها فى حجم الاقتصاد 3 آلاف مرة وتستقبل فقط 46 مليارا.
وبحسب بيانات مؤسسة أونكتاد البحثية فإن أكبر 100 شركة متعددة الجنسيات فى العالم تؤسس الواحدة منها فى المتوسط 20 شركة قابضة بهدف وضع الشركة الأم على قمة سلسلة معقدة من الملكية ما بين ملكية الى ملكية مشتركة بينما أكثر من 40% من الشركات الأجنبية التابعة لها تتنوع هوياتها الوطنية لأنها تشترك فى ملكيتها شركات من دول مختلفة.
ويمكن القول ان هذه الشركات كان لها السبق فى ابتكار اثنتين من التقنيات الناجحة لاستغلال الاختلافات فى القوانين الضريبية بين الدول.
التقنية الاولى هى التسعير التحويلى بحيث تبيع الشركة الام السلعة او الخدمة بسعر مخفض لفرعها الخارجى لتدفع ضرائب اقل بينما يباع فى دولة اخرى منخفضة الضرائب بسعر عال. الطريقة الثانية هى تحويل الأرباح الى جهة وسيطة ومن ثم تنقلها الى جهة ثالثة لتجنب دفع الضرائب كما فعلت جوجل التى تطوف اموالها العالم حتى لا تدخل الولايات المتحدة ليصبح متوسط ضرائب ارباحها فى الخارج 2007-2009 نحو 2.4% عن طريق توجيه الأرباح إلى برمودا، عبر أيرلندا وهولندا.
وهناك اسلوب آخر هو «الوضع المقلوب» بحيث يكون مقر الشركة المؤسسة الاسمى فى دولة الشريك الاصغر للاستفادة من الخصومات على الضرائب للاجانب مثلما تفعل شركة فايزر احدى شركات الأدوية الرائدة فى الولايات المتحدة وقد اشترت شركة ألرجن بـ160 مليار دولار ونقلت مقرها إلى أيرلندا لكنها تراجعت فى مواجهة ضغوط سياسية قوية.
وفى مواجهة مثل هذه الضغوط تكرس الشركات الكبرى موارد متزايدة للانفاق على جماعات الضغط لشراء ولائهم حيث تمثل نفقات الشركات أكثر من 70% من مجموع الإنفاق على جماعات الضغط التى يصل عددها فى امريكا مثلا لاكثر من 37 الف جماعة تحصل الـ100 الاولى منها منها كحد ادنى على 4.4 مليون دولار سنويا بحسب بيانات 2012 مقابل 2.2 مليون دولار فى 1998.
واكتشفت شركات مثل آبل فى قضية رفضها الكشف عن شفرة الجهاز فى تحقيق جنائى لاحد المتهمين بانها كانت فى حاجة الى تأييد جماعات الضغط وان الانفاق عليها له عائد من نوع خاص وعلى نفس المنوال تضررت شركة أوبر من عدم الاهتمام بمثل هذه الجماعات.
وتوظف الشركات اصحاب الخبرات فى مجال ادارة البلاد مثل توظيف سكرتير باراك أوباما السابق للصحافة، جاى كارنى فى شركة أمازون وانضمام مدير فريق حملته الانتخابية السابق ديفيد بلوف الى اوبر.
ويتكرر نفس النمط فى الاتحاد الأوروبي، الذى يعد موطنا لـ 30 الف جماعة ضغط يمثلون جيش كبير من الناس يحاولون التأثير على التشريع والتنظيم لأكثر من 500 مليون مواطن أوروبي.
وتم تعيين خوسيه مانويل باروسو، الرئيس الاسبق للمفوضية الأوروبية، فى يوليو من هذا العام ببنك جولدمان ساكس فى منصب الرئيس غير التنفيذى لذراعها الدولية، ليحل محل بيتر ساذرلاند، وهو المفوض السابق التجارى للاتحاد الأوروبي.
هناك اسلوب ثالث تستفيد منه الشركات من كونها شركة عملاقة لتحقيق الارباح وهو خاص بشركات التكنولوجيا على غرار جوجل التى تبيع مليارات من المعلومات التى تجمعها عبر تقنيات الانتنرت حول سلوك العملاء للشركات لتضع سياسات التعامل مع الزبائن.