%75 من أكبر 500 شركة مسجلة بالبورصة الأمريكية ستختفى 2027
فى سبتمبر 2009 نشرت مجلة فاست كومبانى مقالا مطولا بعنوان «نوكيا تفاجئ العالم» فى وقت كانت الشركة الفنلندية هى أكبر منتج للهواتف المحمولة فى العالم، بما يمثل %40 من السوق العالمى وخدمة 1.1 مليار مستخدم فى 150 بلدا.
كانت الشركة تخطط بشكل كبير للتوسع فى مجالات أخرى مثل المعاملات الرقمية والموسيقى والترفيه، حيث صرح نائب رئيس شركة نوكيا للمجلة وقتها بان نوكيا ستصبح وبسرعة أكبر شبكة وسائل إعلام وترفيه فى العالم.
لكن ذلك لم ينجح تماما بهذه الطريقة فقد بدأت شركة أبل بالفعل بالتهام حصة نوكيا السوقية من خلال الهواتف الذكية وذهبت الأحلام الرقمية أدراج الرياح فأصبحت الشركة ظلا لنفسها وباعت نشاطها فى الهاتف المحمول لشركة مايكروسوفت، واكتفت بنشاطها كشركة لمعدات شبكات الاتصالات.
وهناك الكثير من الأمثلة لشركات عملاقة تهاوت الى أن أصبحت أصفارا كبيرة ومنها هاتف بلاك بيرى وبلوكباستر وبوردرز أند بارينجز.
وتقول مؤسسة ماكينزى البحثية أن متوسط عمر الشركات المسجلة فى مؤشر ستاندر آند بوزر بالبورصة الامريكية لاكبر 500 شركة عام 1958 بلغ 61 سنة وقد هبط هذا المعدل الى 18 سنة فقط فى عام 2011، وتتوقع أن %75 من الشركات المسجلة حاليا ستختفى قبل عام 2027.
ويميل الكبار الى توسعة الانشطة ويسيطر عليهم الرضا عن النفس لكن فى عصر التقلبات التكنولوجية فإن ذلك يمكن أن يكون قاتلا حيث تمكن التكنولوجيا الجديدة شركات ان تظهر من العدم فتقلب الأسواق لها رأسا على عقب كما حدث مع نوكيا.
وتشير مجلة فورتشن التى تراقب اكبر 500 شركة عالمية الى ان سرعة التحولات للشركات المتنافسة تضاعفت مرتين بالمقارنة بالعقدين الماضيين، مشيرة الى شركة أوبر التى غيرت مفهوم المنافسة التقليدى حيث يهدد نموذجها العملاق فى كافة القطاعات بما فى ذلك القطاع المصرفى الذى يعانى اصلا من تنامى مصارف الظل التى تقدم خدمات بنكية غير رسمية.
ويعبر أنتونى جينكنز الرئيس التنفيذى السابق لبنك باركليز لمجلة الايكونوميست عن قلقه قائلا إن البنوك أوشكت أن تواجه «لحظة أوبر».
كما يحذر ألون ماسك مؤسس شركة تسلا موتورز من تكرار مصير نوكيا وموتورولا التى ضربتها الشركات الكبرى المنافسة.
ويشير التقرير الى ان الشركات الكبرى تحصن نفسها ليس فقط من خلال تجديد شبابها بالمنتجات المبتكرة بل تلجأ لشراء الشركات الصاعدة الصغيرة خوفا من تحولها لتهديد محتمل.
فى عام 2012 اشترى فيسبوك موقع إينستجرام مقابل مليار دولار بما يعادل 30 دولارا لكل مستخدم تقريبا من 33 مليون مستخدم وفى 2014 اشترى تطبيق واتساب بقيمة 22 مليار دولار بما يعادل 49 دولارا لكل مستخدم من 450 مليون مستخدم. هذا العام انفقت مايكروسوفت على لينكدإن 26.2 مليار دولار أى 60.5 دولار لكل فرد من 433 مليون مستخدم.
ويقول ديريك كينيدى من مجموعة بوسطن الاستشارية ان قدرة العمالقة فى مجال التكنولوجيا على البقاء ستكون حسب القدرة على الاستفادة على المدى الطويل من مخزون لا مثيل له من المعلومات لإعادة تشكيل الشركات القائمة أو إنشاء مؤسسات جديدة.
وليس من المهم فقط أن تعرف الشركة ما تريد بل من المهم قبل ذلك أن تعرف نفسها.
كما يمثل صعود إنترنت الأشياء (الاعتماد على الاتصال بالانترنت لتشغيل معدات) تحديا لقدرة الشركات داخل وخارج قطاع التكنولوجيا على البقاء على قيد الحياة.
وبحسب بيانات شركة جارتنر للأبحاث فانه من المتوقع أن يصل عدد المنتجات المتصلة بشبكة الإنترنت من 6.4 مليار وحدة إلى 21 مليار بحلول عام 2020 مع تنامى قناعة الشركات بقوة البرمجيات المتاحة، وقد بدأت بالفعل مثلا شركة كوكا كولا فى استعمال الرقائق لتتبع مكان وجود زجاجات لها. كما تطور شركة تسلا للسيارات برمجيات مركباتها، وتعمل جنرال إلكتريك على تقنيات ستكون أكبر ثورة فى العقود المقبلة.