ما النصيحة التى تنصحها للمغرب أو نيجيريا أو إثيوبيا أو مصر لتطوير اقتصادهم؟ النصيحة الأساسية هى التركيز التام على تطوير الصناعة والصادرات الصناعية وأنه بدون تطوير صناعة لن تتطور بلادهم، وسيضيعون الكثير من الوقت فى محاولات تطوير تكون فى النهاية فاشلة وغير مجدية.
هل معنى ذلك ألا يركزوا على تطوير الزراعة والصادرات الزراعية؟ طبعاً لا وألف لا. كل الدول النامية التى بها عدد سكان كبير (10 ملايين نسمة) تعتمد بشكل أساسى على الزراعة، ولذلك تطوير الزراعة والصادرات الزراعية شىء أساسى لا غنى عنه ونحتاجه اليوم وليس غداً.
مصر تصدر اليوم وفقا لتقرير منظمة التجارة العالمية حوالى 5 مليارات دولار سنوياً من المحاصيل الزراعية والصناعات الزراعية (زيت الزيتون، عصير الجوافة، منتجات غذائية أخرى وغير ذلك). نصف هذا الرقم صادرات لمحاصيل زراعية والنصف الآخر لصناعات زراعية.
مصر تحتاج لخطة لزيادة صادرات المحاصيل الزراعية. نريد وضع خطة لزيادة صادرات المحاصيل الزراعية من 2.5 مليار دولار سنوياً إلى 10 مليارات دولار فى خلال 5 سنوات من الآن.
كيف يمكننا ذلك؟
– تمليك الأراضى لكل من نجح فى زراعة أى أرض زراعية فى أنحاء الجمهورية. حالياً حوالى 700 ألف فدان تمت زراعتها، ويعانى أصحابها من عدم تسجيل الأرض، وبالتالى عدم قدرته على إيجاد تمويل من البنوك أو بناء مصانع للصادرات الزراعية من أرضهم. فمثلا، مستثمر أعرفه يمتلك 1000 فدان فى طريق وادى النطرون يزرع بها 120 ألف شجرة زيتون يصدر منهم حوالى 3 ملايين دولار سنوياً. لابد أن نعمل معه كدولة ونساعده لكى يتوسع ويصدر بـ30 مليون دولار، وبعد ذلك نعمل على مساعدته ليصل إلى 100 مليون دولار. نحتاج أهدافا واضحة ومكافآت لموظفى الدولة عندما يحققون أهدافهم.
– لابد من وضع خطة مفصلة لتنمية صادرات كل محصول. فمثلاً، كم نصدر الآن من البطاطس أو الفراولة وكم نستهدف؟ بهذه الخطة لابد أن نضع حجم المنافسة ومن سيشترى مننا. هل نجذب شركة ماكينزى أو غيرها لعمل الدراسة لنا؟ الإجابة: لا.. لماذا؟ لأننا عندنا العديد من الدراسات التى تم عملها فى الماضى ولم يتم الاستفادة منها. المشكلة فى عدم وجود أو معرفتنا بالكفاءات داخل الوزارات. أو بمعنى أدق، لا توجد آلية للكشف عن الكفاءات الموجودة بالدولة ولا يوجد تدريب لأحسن الناس ولا يوجد مكافآت للمتميزين بعملهم وتتم ترقية الجميع فى نفس الوقت مما يؤدى إلى سفر وهجرة العامل الجيد (إلا المضطر فى البقاء فى مصر لظروف عائلية أو غير ذلك) وبقاء الأضعف. إذا كننا نريد التقدم فى الزراعة فلابد من عمل مخطط لترقية الكفاءات إلى المناصب التنفيذية العليا.
– وسائل نقل سريعة وتسويق فى البلاد المستهدف التصدير إليها. دولة شيلى كانت تصدر فى القطاع الزراعى وفقا لتقرير منظمة التجارة العالمية 3 مليارات دولار عام 1990، وأصبحت الآن تصدر 22 مليار دولار. شيلى لها مكاتب موجودة تتبع الدولة، ولكنها تعمل بفكر القطاع الخاص فى جميع الدول المستهدفة. هل معنى ذلك أننا ممكن أن نعتمد على المكاتب التجارية؟ الإجابة: لا. لماذا؟ لأنها تعمل بفكر عقيم وبطىء وبدون حوافز للموظفين. نعم توجد بها كفاءات، ولكن يوجد نظام يشجعهم على سرعة العمل لكى ينجح المستثمر فى تحقيق هدفه
علينا أن نواجه أنفسنا. هل نريد أن نتقدم أم لا فى زيادة صادراتنا الزراعية؟ إذا أردنا التقدم، نريد خطة بأهداف واضحة وبتحديد لحجم وأليات التمويل، ونريد كفاءات داخل الحكومة متحمسة للعمل ولنجاح المستثمر. الصين عندما بدأت نهضتها الاقتصادية ركزت على 4 محاور 4 modernizations: تطوير الزراعة، الصناعة، الجيش، العلوم والتكنولوجيا. ولتحقيق ذلك، قاد دنج شياو بنج المسيرة وجذب الكفاءات ودافع عنهم حتى ينجحوا وتنجح الصين. مات دنج وعاشت الصين وتقدمت وازدهرت.