لسنوات طويلة اعتمدت سياحتنا فى المقاصد الساحلية على أصدقائنا الروس والبريطانيين (أهلا وسهلا بهم فى كل وقت) ونسينا أهم مبادئ الأعمال والمتعلقة بتوزيع المخاطر والتنويع، أتعجب من إصرارنا على وضع البيض كله فى سلة واحدة مجدداًً بعدما انكسرت السلة الأولى بالبيضتين اللتين كانتا فيها سواء الروسية أو البريطانية.
ومن الممكن جداً أن نكون استسهلنا كشركات وفنادق هذا المصدر القوقازي، فهو يملأ الغرف ويرضى بنوعيات رديئة من الأطعمة (وهذه حقيقة واسألوا أصحاب الفنادق) ولا ينفق الكثير لكنه مهم لبقاء معدلات الإشغال مرتفعة وبالتالى دفع الرواتب وتسديد أقساط القروض البنكية وتحقيق الربح كذلك.
كل هذا ليس سيئا ولكن مع وقوع الكارثة وامتناع روسيا عن إرسال سائحيها كان علينا أن نستوعب الدرس، طبعا حاولنا استيعاب الصدمة وإعطاء الآخر فرصة لاستيعابها ولكننا فوجئنا بموقف سياسى غير مفهوم ومبالغ فيه كثيراً من الروس لاستعادة السياحة من بلدهم رغم أننا نبذل الجهد فى سد ثغراتنا الأمنية ونتحمل فى سبيل ذلك ما لا يتحمله الآخرون فى مطاراتهم ومقاصدهم السياحية.
السائح أصبح أكثر شجاعة منذ عقدين ماضيين، فمع اقتناع الشعوب أن الإرهاب ظاهرة عالمية دقت أبوابهم فى بلادهم بل واقتحمت نيويورك ولندن ومدريد ومؤخرا باريس وبروكسل، زاد من جرأة السائح طبقا للتقارير الدولية التى أبرزت أبحاثا تؤكد ازدياد الصلابة وعدم الاكتراث لدى راغبى السفر، وانعكس هذا على الروس وفى وجود مصالح لدى وكلائهم السياحيين مع مصر أبدوا رغبة حقيقية فى العودة لشرم الشيخ والغردقة، ولكن لم يفلحوا فى الضغط على حكومتهم التى لم تمنع السفر للمقصد التركى مثلا.
تعاملنا بصدق ولم يتعامل معنا الآخر بنبل ومع ذلك مازلت أرى اصراراً على استعادة هذه الجنسيات تحديدا ولم أر جهوداً تبذل لتغيير وزيادة أنواع وألوان البيض الذى نسعى لاسترجاعه من جديد.
هناك بعض المحاولات مع أسواق جديدة وتلقيت بعض المؤشرات من شركات فتحت أسواقا جديدة فى الهند وكوريا الجنوبية وفى أفريقيا وهذا توجه محمود لكن أعيب عليه عدم جماعيته.
أعلم أن كثيراً من رجال القطاع محبطون من وزارة السياحة فى الفترة الأخيرة ولكن مع كل هذه الخبرات التسويقية لديكم، ألا يمكنكم التحرك بأنفسكم وتسويق المقصد المصرى الجذاب دون تسول كما حدث فى الماضى القريب.
هناك 196 دولة فى العالم (195 إذا كنتم لا تحسبون تايوان كدولة) فهل نظل مصرين على أن يعتمد دخلنا السياحى على جنسيتين فقط تشكل أكثر من ثمانين فى المئة من نسب الاشغال؟ هل هذا معقول؟
نحن بدأنا بالفعل موسماً سياحياً واعداً ويا رب يكمل على خير، وسينتهى تقريبا وقت عيد الفصح وأتمنى أن أجد وقتها بيضاً ملوناً بألوان كثيرة وليس فقط الأحمر والأزرق.