
لم يكن الترويج لمفهوم عولمة التجارة ينفصل تماما عن محاولات الدول الكبرى فرض هيمنتها السياسية والاقتصادية والعسكرية أيضا على دول العالم فى أرجاء المعمورة من اقصاها الى اقصاها.
وفى دورات الصعود والهبوط الاقتصادى خلال القرن الماضى نجحت الدول الغنية فى الحصول على الخبز والزبد حتى فى قمة أزمة الأسواق المالية الآسيوية فى 1997.
لكن أزمة 2008، التى ضربت أسواق الائتمان العالمية كشفت عن تغير كبير فى المعادلة، حيث إن السيطرة لم تعد فى يد حفنة من الدول الغنية ودخلت قوى أخرى أخلت بحسابات الولايات المتحدة والكبار فى القارة الأوروبية العجوز، أهمها الاقتصادات الناشئة المعروفة باسم «brics» اختصارا لمجموعة البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا.
ويمكن القول إن الثقل الأكبر فى تغيير هذه المعادلة كانت الصين التى استحوذت على نحو ثلث الصادرات العالمية وحدها فى قطاع الصناعات التحويلية، وهنا يمكن القول إن السحر انقلب على الساحر وباتت اتفاقية التجارة العالمية مكبلة لقدرات أمريكا والغرب فى التصدى للغزو الصينى.
ونشبت جراء هذه التفاعلات نزعة حمائية، حيث تسعى كل دولة بما فيها تلك الزاعمية انها راعية لحرية التجارة وتنقل للأفراد وتدفق رأس المال إلى إغلاق حدودها بشكل أو بآخر أمام السلع والخدمات التى أضرت بشدة قطاعاتها الاقتصادية المحلية، وتصدت أيضا للهجرة الشرعية وغير الشرعية لادخار الوظائف للمواطنين الأصليين.
الملف التالى يتعرض لمخاطر لجوء الدول لسياسات حمائية ضد المنافسين فى ظل أزمة التجارة العالمية الناجمة عن الركود طويل الأجل والحلول البديلة.