قتل المنافسة يدفع زيادة معدلات تضخم الأسعار
مواسم نقص المعروض تحقق مكاسب الشركات على حساب المستهلك
نشرت مجلة فوربس الأمريكية تقريراً يشرح أسباب التضخم الحقيقية، ومن المستفيد منه، حيث يعتبر الكثيرون أن السبب الوحيد هو زيادة المعروض من المال المتاح فى السوق جراء سياسات البنوك المركزية لكن هناك أسباب أخرى.
ويقول التقرير، إن التضخم ببساطة هو ارتفاع فى متوسط أسعار السلع والخدمات فى الاقتصاد الكلى، ويختلف أسلوب تحديد معدله بحسب النموذج التحليلى المتبع لوضع سلة السلع والخدمات فى مؤشر مراقبة أنماط الأسعار.
وتبدأ موجة التضخم من ارتفاع سعر المادة الخام، وتنتقل إلى السلعة النهائية ليتحملها المستهلك، وهناك عوامل عدة يمكن أن تسبب التضخم منها أربعة أساسيين:
أولاً: قوة السوق
تعنى قوة السوق، أن المنتج الأساسى للسلعة لديه قدرة على تجنب الضغوط التنافسية بما يسمح له بالتحكم فى السعر، وتحقيق أعلى مكسب، وطالب آدم سميث فى عام 1776 بضرورة غل يد مقدمى السلع؛ منعاً لتحكمهم فى السوق.
قد تكون السيطرة، أيضاً، من هيئة جامعة، فمنظمة «أوبك» على سبيل المثال تحتكر قيادة سوق الطاقة العالمى، ولو كان هناك مصادر أخرى قابلة للتطبيق لما سمحت لها الظروف بتقييد العرض والطلب فى السوق، وهكذا فإن قوة سوق البترول كانت سبباً فى تضخم الأسعار التى حلقت قبل عامين فوق 100 دولار ولفترة طويلة.
وفى أواخر عام 1973، اكشتف منتجو البترول الإرادة السياسية لتحديد حصص صارمة بين مختلف المصدرين للضغط على الولايات المتحدة لتورطها فى حرب أكتوبر بين مصر وإسرائيل لصالح الأخيرة لأنهم كانوا قادرين على تجنب المنافسة، فارتفع سعر البترول، ومن ثم الغاز، وارتفع معه كل شىء يحتاج النقل، وأى شيء يستخدم المنتجات البترولية، فكان السبب فى التصخم هو نمو سوق الطاقة، وليس تدفق المال..
ثانياً: قاعدة العرض والطلب
تعتبر من أشهر أسباب التضخم هو قاعدة ارتفاع الطلب مقابل نقص العرض، فمثلاً فى حالة نمو الطلب على المساكن خلال التوسع الاقتصادى قد تنشأ اختناقات فى بعض مواد البناء، مثل الخشب فترتفع الأسعار مع إلحاح المقاولين للوصول لهذه المواد التى يحتاجونها.
وتنتقل هذه الزيادات فى الأسعار من خلال الاقتصاد إلى شركات التسويق العقارى فالمستهلكين، ليكون مرة أخرى المعروض من النقود أكبر لتكون قادرة على العمل، لكن المشكلة أن الشركات التى تستفيد من احتكارها لمصدر السلعة لا يظهر نمو أرباحها فى زيادة الأجور، ودخول الموظفين والمتعاملين معها، وبالتالى لا ينعكس ذلك على وفرة المال لتلبية الطلب على السلع التى ارتفع ثمنها اصلاً مثل السكن.
وهنا يكون أحد العوامل الناجمة عن قاعدة العرض والطلب هو تدخل طرف المعاملة (الشركات المتربحة) بمنع توزيع عادل لحركة السوق الحرة، وبالتالى فإن تدفق المال فى يدها مرتبط بمنعه من أيدى المستهلكين.
3- ازدهار أصول السوق
عندما تحدث طفرة فى أصول السوق، فإن ذلك يحقن التضخم فى شرايين الاقتصاد، فالعلاقة بين أسعار السلع والخدمات وتدفق السيولة المالية مرتبكة جداً، فمثلاً شهدت التسعينيات من القرن الماضى ارتفاع المضاربة على الأصول المزدهرة، وبالتالى قفزت أسعاها على غرار ارتفاع أسعار الغاز.
فعندما يستطيع مالك السلعة، أن يقنعك أنها فى طريقها إلى مزيد من الصعود، فإن الإقبال يتضاعف عليه، وتزداد عطاءات الأموال المضاربة فى انتظار ارتفاع أسعار السلع فى المستقبل، وهكذا…
4- النقص المفاجئ للسلع
تؤدى قطعاً صدمة نقص العرض إلى أزمة فى أسعار السلعة المطلوبة، فإذا احتدمت عاصفة فى خليج المكسيك، فإن ذلك يعنى إخراج أبراج البترول والمصافى من العمل، وهذا يرفع كثيراً من أسعار الوقود على المستهلك النهائى. لكن نظرة متفحصة تسأل لماذا لم يحفز ذلك الشركات على إنشاء المزيد من الأبراج والمصافى لإيجاد مصادر بديلة للطاقة.
مرة أخرى يمكن الإجابة بأنه من المفترض أن تقوم بذلك لكن أطماع المستثمرين تجعلهم ينتظرون مزيداً من العواصف على خليج المكسيك.