ارتفاع هائل فى الطلب ودعاوى لتخفيف لوائح التشييد
فى أغسطس من العام الماضى مع ذروة أزمة اللاجئين فى أوروبا، أعلن الممثل الألمانى (تيل شفايجر) خططاً لبناء نموذج منزل لطالبى اللجوء.
أراد الممثل الذى اشتهر بلعب دور الشرير، دعم المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل فى مواجهة المنتقدين المرضى بكراهية الأجانب.
وتسود ألمانيا حالة من التوتر إزاء إمكانية إيواء 900 ألف مهاجر وصلوا بالفعل إلى البلاد العام الماضى دون إيجاد مساكن ملائمة تكفى هذا العدد المتنامي.
واضطرت السلطات المحلية لتسكين اللاجئين الصيف الماضى فى مدن من الخيام. وأوجد آخرون مساكن مؤقتة عبارة عن «كرفانات» تستخدم فى الماضى كثكنات عسكرية للجيش، بالإضافة إلى الصالات الرياضية التابعة للبلدية أو حتى محال مهجورة تركت فارغة بسبب أحكام إفلاس.
ولا يمكن اعتبار هذه المساكن إلا حلولاً مؤقتة. فاللاجئون بحاجة لمنازل دائمة، لا سيما أولئك الذين قبلت طلبات لجوئهم، وقدر عددهم بـ480 ألف فرد عام 2015.
ومن المتوقع ارتفاع العدد بنهاية 2016 إلى 670 ألفاً، وفق التوقعات.
وإذا عدنا إلى ألمانيا قبيل أزمة تدفق المهاجرين، فإن المعروض من المساكن كان يفوق بكثير حجم الطلب فى العديد من المناطق.
ووفقاً للأستاذ فى معهد كولونيا للبحوث الاقتصادية، مايكل فوجتلاندر، فإن عدد الوحدات الجديدة فى 2015 بلغ 248 ألف وحدة سكنية، لكن الطلب الكلى تخطى 366 الف وحدة.
ويمكن لمتوسط الطلب على مدى السنوات الأربع المقبلة، أن يكون 380 الف شقة سنوياً، بناءً على تدفق متوقع بمعدل 500 ألف لاجئ سنوياً.
وفى الأشهر الأخيرة، انخفض معدل تدفق المهاجرين إلى حد كبير عند 14 ألف لاجئ جديد شهرياً.. إلا أن زيادة الطلب أدت لارتفاع أسعار المساكن وتكلفة المعيشة ايضاً.
وأشار محلل العقارات سيرج ديبربانت، فى تقرير بصحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية، إلى مشكلة أخرى تتمثل فى خطط توزيع المساكن الجديدة.
فاللاجئون يميلون إلى الانتقال للمدن الكبيرة مثل برلين وهامبورج وفرانكفورت، حيث أسواق الإسكان أكثر تشدداً.
ورغم المتاعب، يحرص المهاجرون لأسباب اقتصادية خصوصاً القادمين من جنوب وشرق أوروبا أيضاً على الإقامة فى المدن الكبيرة، حيث يمكن بسهولة العثور على عمل فى الاقتصاد الألمانى المزدهر.
ومع تنامى تدفق المهاجرين من أوروبا وخارجها، لم تنجح نشاطات البناء فى مواكبة نمو الطلب على المساكن الجديدة فى ألمانيا لسنوات. ففى برلين يصل الطلب المتوقع سنوياً حتى عام 2020 إلى 26500 شقة فى السنة، ولكن فى عام 2014، بنيت فقط 8700 وحدة.
وأشار ديبربانت، إلى أنه حتى الألمان الذين يتعاطفون مع محنة اللاجئين فى بعض الأحيان، لا يدخلون فى منافسة توفير السكن لتلبية طلب الناس على المساكن المحدودة، خشية أن تكون المبانى الجديدة أو العقارات التجارية التى تحولت إلى مساكن فى نهاية المطاف، بسعر شبه مجانى للألمان عند عودة أعداد كبيرة من اللاجئين إلى أوطانهم بسبب وفرة المعروض فى هذه الحالة، وهى فكرة على كل حال افتراضية.. لكنها تحجب بعض الاستثمارات عن القطاع المتعطش لها.
وتصل تكلفة البناء فى المدن الكبرى إلى 1800 يورو لكل متر مربع، أو أقل، وهو معدل منخفض بالمقارنة بمدن أوروبية أخري.
وتشكو الجمعيات العقارية الألمانية التى تستثمر فى بناء السكن الاجتماعى وتخطط لبناء مساكن رخيصة لتلبية طلب المهاجرين، من أن أعمال البناء مكبلة جراء عدد كبير من اللوائح التى تبطئ عملية التنمية وتزيد من تكاليف بناء وحدة سكنية جديدة وتطالب السلطات بتعديلها فى أسرع وقت.