محللون: عودة الطلب على الائتمان تتطلب مدة تصل إلى 6 أشهر
توجهت توقعات المحللين ومديرى الائتمان بالبنوك إلى استمرار حالة الركود، والترقب التى تعيشها البنوك منذ شهور إلى 6 أشهر مقبلة.
وأرجعوا ذلك إلى عدة أسباب، أهمها ارتفاع أسعار العائد على الإيداع والإقراض ووصولها إلى معدلات قياسية بلغت 20% على بعض الأوعية الادخارية وهى أعلى معدلات توظيف فى ظل تراجع تدفقات أغلب الأنشطة، ما يقلص الطلب على الائتمان المتراجع بالفعل.
ورفع البنك المركزى العائد على الإيداع والإقراض لليلة واحدة فى البنوك 300 نقطة أساس، الخميس الماضى، تزامناً مع قرار تحرير سعر العملة المحلية، وسجل العائد 14.75% و15.75% على الترتيب.
ويعد تذبذب أسعار صرف العملة الأمريكية فى البنوك الفترة المقبلة بعد قرار التعويم أحد أهم الأسباب المعرقلة لاتخاذ قرارات استثمارية فى الوقت الحالى، فى حين أن توقعات عودة الاستثمار الأجنبى فى أذون وسندات الخزانة الأقرب الفترة المقبلة.
وتحوطت البنوك، الشهرين الماضيين، فى منح موافقات على قروض جديدة خاصة بالعملة الأجنبية، فى ظل نقص الموارد الدولارية وارتفاع تكلفة الاستثمار وتراجع التدفقات النقدية.
وقالت رضوى السويفى، رئيس قسم البحوث ببنك الاستثمار فاروس، إن التذبذب الكبير فى أسعار العملات الفترة المقبلة والمتوقع استمراره بعنف خلال الشهرين المقبلين يقلل من الطلب على الائتمان، بالإضافة إلى ارتفاع العائد على الإيداع والإقراض إلى مستويات كبيرة.
وأضافت «السويفى»، أن انكماش الائتمان، حالياً، أمر متوقع ولكن هناك أولويات حالياً، وهى كبح التضخم فى ظل ارتفاع الأسعار، متوقعة مدة لا تتجاوز 6 أشهر؛ لكى تستقر الأوضاع وينتعش الطلب على الائتمان والاستثمار مرة أخرى.
قال مسئول بقطاع الائتمان بالبنك العربى الأفريقى الدولى، إن البنوك لديها ضوابط تمنح من خلالها أى تمويلات دولارية.
أضاف المسئول أن تقلبات سعر الصرف الشهور الماضية والمتوقع استمرارها ستدفع البنوك إلى تأجيل بعض التعاملات مع شرائح العملاء سواء للقروض الدولارية او بالعملة المحلية.
واشار إلى أن البنوك فى الوقت الحالى لديها سياسة تطبيق مبدأ «الحيطة والحذر» على موافقات القروض سواء بالعملة المحلية أو الدولارية، متوقعاً أن يشهد مطلع العام المقبل طفرة فى القروض بالبنوك، فى ظل استقرار أسعار العملات، والانتهاء من أى توقعات لتخفيض العملة.
وقال المسئول إن توسع البنوك فى التمويلات قصيرة الأجل لتفادى التذبذبات فى سعر الصرف، فضلاً عن زيادة الاستثمارات فى أدوات الدين الحكومى.
ومن جانبها، قالت ريهام الدسوقى، كبير المحللين الاقتصاديين فى بنك الاستثمار (أرقام كابيتال)، إن ركود الطلب على الائتمان أمر طبيعى ومتوقع فى ظل الإجراءات الانكماشية التى تم اتخاذها الأيام الماضية، متوقعة فتره تتراوح بين شهر و6 أشهر؛ حتى يعود الاستثمار المباشر والائتمان مرة أخرى.
أضافت أن هناك أولويات اقتصادية والنمو متوقع ومنتظر، ولكن عقب تقبل السوق التغيرات والإجراءات الأخيرة، مشيرة إلى أن عودة استثمارات الأجانب فى أدوات الدين الحكومى الأقرب والأسرع بعد تحرير سعر العملة المحلية.
قال عصام مرسى، رئيس قطاع الائتمان بأحد البنوك العامة، إن القروض الدولارية طويلة الأجل ستشهد تراجعاً كبيراً لصعوبة تسعير الائتمان فى ظل التذبذب الكبير فى أسعار العملة الأمريكية، فضلاً عن تراجع القروض بالعملة المحلية أيضاً، بعد ارتفاع تكلفة الاقتراض جراء رفع المركزى العائد على الكوريدور 3% كأكبر زيادة فى الفائدة.
وأرجع «مرسى» تراجع الطلب، أيضاً، على الائتمان حالياً إلى تأثر نشاط الشركات نتيجة تقلبات أسعار العملة الأمريكية، حيث إن هناك شركات تعتمد فى أنشطتها على مواد خام تشترى من الخارج.
وقال إن البنوك تسعى إلى تجويد محافظها، وإن أى إجراءات احترازية تطبقها البنوك عند منح أى ائتمان خطوة جيدة.
ومن جانبه، قال مسئول ائتمان ببنك مصر، إن تعويم الجنيه سيتبعه انكماش فى أغلب توسعات الشركات، وبالتالى تراجع فى الطلب على الائتمان، وذلك بعد قرار المركزى برفع العائد 3% لتصل إلى معدلات قياسية بلغت 15.75% على الإقراض، مشيراً إلى أن هذه المرحلة ستنتهى بعد استقرار الأوضاع ونجاح المركزى فى جمع السيولة المحلية والدولارية مرة أخرى داخل القطاع المصرفى.
وتوقع خفض المركزى للعائد مرة أخرى بعد 6 أشهر تقريباً وعودة الائتمان مجدداً لتتغير الاستهدافات إلى النمو وزيادة الانتاج.
وقال هانى جنينة، رئيس قسم البحوث فى بنك الاستثمار بلتون فى تصريحات سابقة لـ«البورصة»، إن التعويم تتبعه فترة من الانكماش لمختلف القطاعات، وعلى رأسها القطاع المصرفى لفترة تمتد لشهور يتبعة انفجار فى النمو ورواج فى الاستثمار، مشيراً إلى ان هذه الإجراءات تتوالى منطقياً، وحدثت فى الاقتصادات التى نفذت تلك الإجراءات من قبل.
وانكمشت قروض الشركات خلال يوليو الماضى بنحو 2.8 مليار جنيه، لتبلغ 546.7 مليار جنيه، مقابل 549.4 مليار جنيه بنهاية العام المالى الماضى.
وقال البنك المركزى، فى أحدث تقاريره الشهرية، إن تراجع قروض الشركات أول شهور العام المالى الجارى تسبب فى تدنى معدلات نمو إجمالى أرصدة القروض البنكية خلال يوليو الماضى التى بلغت 0.2%، مقابل نمو 1.8% خلال يونيو.
وسجلت أرصدة قروض البنوك خلال يوليو 938.9 مليار جنيه، مقابل 937.1 مليار جنيه بنهاية يونيو الماضى، بزيادة قدرها 1.8 مليار جنيه.
وأضاف التقرير، أن إجمالى قروض البنوك غير الحكومية تراجع بنحو 1.4 مليار جنيه، ليسجل 762 مليار جنيه نهاية يوليو مقابل 763.4 مليار جنيه نهاية يونيو.
فى حين ارتفع إجمالى قروض البنوك لصالح الحكومة بنحو 3.2 مليار جنيه خلال لتسجل 176.9 مليار جنيه مقابل 173.7 مليار جنيه فى يونيو السابق له.