
يعتبر قطاع الصحة وتوافر الدواء من أهم القطاعات التى تمس المواطن بشكل مباشر وتنعكس على حالة السلم الاجتماعى بتحقيق الشعور بالعدالة فى توافر الأدوية وخاصة الحيوية والمهمة والمنقذة للحياة مثل مشتقات الدم وأدوية الأورام وغيرها الكثير.
ولأهمية هذا القطاع تخضع جميع الأدوية فى مصر إلى نظام التسعير الجبرى، وذلك للحفاظ على مستوى السعر نظراً إلى الوضع الاقتصادى، حيث إن مستوى سعر أى مستحضر دوائى فى مصر يعد من الأقل عالمياً.
إذاً فالحقيقة أن سعر تداول الدواء فى مصر مرتبط بسعر صرف الدولار الذى يكون محدداً عن طريق البنك المركزى وبتحرير سعر صرف الدولار بناء على سياسة العرض والطلب بالتبعية يحرر سعر تداول الدواء!
وبالنظر للوضع العام فى مصر يمكن التأكيد على أنه يستحيل تطبيق ذلك نظراً للوضع القائم وتأكيداً للسلم الاجتماعى بعدم ترك الدواء للمضاربة التى ستستمر لفترة لاستمرار تلاعب أعداء الوطن بمقدراته عن طريق المضاربة بغرض استنزاف موارد الدولة.
إن ما حدث فى مصر فى الفترة الأخيرة هو ناقوس خطر بأن هناك من يسعى للقضاء على الاقتصاد المصرى بحرمان الدولة من العملة الصعبة بخلق الأسواق الموازية ودعمها بما يلزم لعملها ضد الدولة وأكبر دليل على ذلك وصول الدولار لـ 18 جنيهاً فى السوق السوداء على الرغم من أن هذه ليست قيمته الحقيقية.
قرار تحرير سعر صرف قرار صحيح ولكن جاء فى توقيت غير دقيق ودون وضع اعتبارات لقطاع الدواء ضمن الأولويات مما أعاب القرار وانعكس بأثر سلبى على قطاع صناعى مهم حيث يوجد فى مصر ما يفوق الـ 140 مصنع دواء ولم تتم الاستفادة منها كما ينبغى حتى الآن.
ولدينا مقترح لحل أزمة قطاع الدواء فى مصر بعد تحرير سعر الصرف، تتمثل فى:
أولاً:- المستحضرات والخامات التى تم استيرادها قبل فترة وتم السماح بتداولها بأسعار جبرية مبنية على سعر تداول سابق للدولار ولم يتم تغطية تلك الاعتمادات أو الحسابات المكشوفة حتى تاريخه، حيث هناك خسارة فعلية كبيرة نظراً للفارق الكبير الذى تعدى الـ 50% بين التكلفة الفعلية وأسعار التداول المحددة سلفاً وتم العمل بها.
وحل هذه المشكلة يستلزم تغطية هذه الحسابات أو الاعتمادات بالدولار عن طريق البنك المركزى بسعر صرف تاريخ التعاقد وربط قيمة الفاتورة بالجنيه المصرى تحت حساب فواتير تلك الشحنات.
ثانياً:- ماذا بعد تحرير سعر صرف الدولار هل سيتم تحرير سعر صرف الدواء أيضاً؟
لا يمكن قبول ذلك حيث لا يمكن وجود أكثر من سعر للمستحضر فى الأسواق نظراً للاختلاف الواضح فى تكلفة الاستيراد أو الإنتاج نظراً لحرية سعر الصرف.
ولقد تم تحديد احتياجات قطاع الدواء فى مصر أثناء اجتماع رئيس الوزراء مع وزرة الصحة وغرفة صناعة الدواء والشركات المستوردة بمبلغ 2.6 مليار دولار وتأكيداً على عدم المساس بالمريض المصرى وتحقيق السلم المجتمعى بتوفير الدواء دون زيادة لذا يجب تخصيص تلك القيمة وتثبيت سعر صرف لها عن طريق البنك المركزى على أن يتم تغطية الفارق عن طريق صناديق خاصة مدعومة من الدولة للحفاظ على استقرار الوضع بثبات سعر الدواء.
يتم إنشاء صندوق خاص بالشراكة بين اتحاد نقابات المهن الطبية والشركات لتغطية الفارق إضافة إلى بعض الصناديق الداعمة لمجال الصحة والدواء فى مصر وهم كثيرون ويتم تشكيل لجنة متابعة من الهيئات الحكومية والنقابية والأهلية لمتابعة الصرف والسداد وتوافر المستحضرات.
فمن المستحيل إمكانية تغيير أسعار الدواء فى مصر بهذه النسبة نظراً لتخطيها الـ 50% لحوالى 14 ألف مستحضر مسجل.
يمكن الاستفادة من المادة 18 بقانون 82 لسنة 2002 ونصها:
ينشأ صندوق لموازنة أسعار الدواء – غير المعد للتصدير وتكون له الشخصية الاعتبارية ويتبع وزير الصحة والسكان، وذلك لتحقيق التنمية الصحية وضمان عدم تأثر تلك الأسعار بما يطرأ من متغيرات، ويصدر بتنظيم الصندوق وتحديد موارده قرار من رئيس الجمهورية على أن يكون من بين هذه الموارد ما تقبله الدولة من مساهمات من الدول المانحة والمنظمات الدولية الحكومية وغير الحكومية.
لابد من إنشاء الصندوق المشار إليه لدعم صناعة الدواء والشركات المحلية والتى تساهم بما يقارب 40 مليار جنيه فى الاقتصاد الوطنى، والتى إن عجزت عن العمل وتوقفت فسوف تتحمل موازنة الدولة ما يقارب من 300 مليار جنيه لتغطية نقص المستحضرات المنتجة محلياً، ويتم ذلك عن طريق دعم مدخلات الصناعة فلا يعقل أن يتم حساب أسعار المياه لصناعة الدواء تحت شريحة النوادى الترفيهية وفى المقابل يتم دعم مدخلات صناعة الأسمنت، فنظام التسعيرة الجبرية مبنى على حسابات التكلفة وليس الدعم.
مصطفى هلال
رئيس مجلس إدارة شركة ميد فارما