
قدمت نجاير وودز استاذة الاقتصاد بجامعة أوكسفورد بالولايات المتحدة ورقة بحثية حول سبل إصلاح صندوق النقد الدولى والبنك الدولى، نظراً لدورهما الحيوى فى المنظومة الاقتصادية العالمية.
وبحسب ما ذكرت فى نتائج بحثها فإن المؤسسات متعددة الأطراف ذات أهمية حاسمة لإدارة عولمة الاقتصاد وللقيام بدورها بمزيد من الفاعلية فإن صندوق النقد الدولى عليه إعادة تنظيم أسلوب إدارته، وذلك لكى يحظى بثقة الاقتصادات الناشئة التى باتت جزءاً مهما لتحقيق الاستقرار المالى العالمى الآن.
وكثيراً ما يحتج الرافضون لإصلاحات صندوق النقد الدولى والبنك الدولى باعتبارات تتراوح ما بين الفاعلية والشرعية، وفى أزمة الديون فى ثمانينيات القرن الماضى وقف طابور من البلدان المحتاجة على باب صندوق النقد الدولى، غير انه لعب دور القاضى والسجان فى نفس الوقت فيما يتعلق بتقييم سياساته وتوسع فى وضع الشروط مقابل القروض، وذلك لأنه يتمتع بقوة صلبة وهى قوة تقديم أو عدم تقديم القرض وفق قواعد يفرضها قهريا بالضغط أو حتى الإكراه عند اقتضاء الضرورة.
وهو أسلوب عمل على النقيض تماماً من الجمعية العامة للأمم المتحدة التى تتمتع بضوابط المشاركة فى القرار والشرعية والخطط الشاملة، لكنها على حساب الكفاءة، مما يجعل الحصيلة النهائية للعمل قليلة ولذلك يرى البعض ان فتح إدارة الصندوق امام هذا النمط يعنى أن فاعليته ستكون محدودة ومثله البنك الدولى نظراً لكثرة الآراء المتعارضة.
ووصفت وودز هذا المنطق بأنه زائف لان صندوق النقد الدولى لا يمكن أن يستمر فى أن يدار كما كان عليه لعدة عقود محذرة من مفهوم ربط شرعيته فى نظر أعضائه بشكل وثيق بقدرته على أن يكون اكثر فاعلية وان هذه الفاعلية ستذهب إذا تم تفكيك سيطرة الاقتصادات الرئيسية عليه ولو بهدوء.
ولفت البحث الى ان توسيع المشاركة نسبياً ستكون ثماره أفضل نظراً لتوافر المعلومات والبيانات بشكل أفضل كما هو الحال فى منظمات مثل بنك التسويات الدولى ومنتدى الاستقرار المالى.
وشددت الباحثة الأمريكية على أن الاقتصاد العالمى المعاصر يعيش خطراً جدياً من أن التمسك بالسلطات القائمة ستجعل هذه المؤسسات خارج التاريخ، ومع استمرار غياب المشاركة الفاعلة فإن ذلك لن يقلل من احتمالات العمل الجماعى وحسب بل سيؤثر بشكل أعمق على التعاون العالمى ويزيد من ضبابية المصالح المشتركة بين الدول.
أضافت أنه يجب على الحكومات المتقدمة اتخاذ خطوات نحو عولمة جدول أعمال صندوق النقد الدولى وكذلك تطوير حوكمة الإدارة التى تتعلق بالرقابة والمحاسبة.
ففى عام 1944 استخدمت عناصر إدارة الصندوق والبنك الدوى لبناء الثقة من قبل الولايات المتحدة وبالمثل يجب أن تستخدم الحوكمة لجذب وضمان مشاركة فاعلة للاقتصادات الناشئة الرئيسية، وتشمل هذه العناصر التحكم فى القيادة واللجوء إلى أسلوب التصويت المرجح بدلاً من التصويت بالوزن النسبى، وتطوير دور مجلس الإدارة، ويعد اكتساب هذه الثقة شرط ضرورى مسبق لأى مؤسسة تريد أن تصبح جزءاً حقيقياً من آليات التعاون الدولى.
كما أنها هذه الإصلاحات تعد مطلوبة على وجه السرعة وسط أزمة مالية متلاحقة بداية من انهيار سوق الرهن العقارى الأمريكى والتهديد المباشر الذى تشكله الدول الهشة والمنهارة، والتغير المناخى والسعى نحو عولمة أكثر شمولاً.
وهناك قرارات كثيرة مطلوب التشاور حولها من خلال مبدأ المشاركة، وكذلك الفاعلية بشأن سياسة سعر الصرف وإقراض البلدان فى الأزمة المالية وتقديم المساعدة من خلال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وتقديم المساعدة الإنمائية.
ولأجل الإسراع بهذه المطالب لابد للدول الكبرى أن تتخلى عن جزء من نفوذها على المنظمات الدولية وأخذ ذلك على محمل الجد لصالح دور أكبر للأسواق الناشئة التى تشكو من أنها ممثلة تمثيلاً ناقصاً رغم أن دورها حيوى ويحتاجه العالم.
وهو ما دفع الصين بالتعاون مع دول آسيوية أخرى فى التحايل على هذا الدور الناقص بإنشاء بنك التنمية الآسيوى وبنك الاستثمار فى البنية التحتية.
وحتى الآن تم تعيين العضو المنتدب من بين مجموعة صغيرة من الدول الأوروبية بالتشاور مع الولايات المتحدة منذ تأسيس صندوق النقد 1944.
ومازالت مطالب تطبيق نظام التصويت المرجح تواجه معارضة من الدول الغنية رغم أن النظام الحالى الذى يعطى نسبة تصويت اعلى لحساب الحصص الأكبر المساهمة فى تمويل الصندوق مر عليه أكثر من 6 عقود، حيث كان العنصر الثانى لتصميم الصندوق لضمان سيطرة الولايات المتحدة وحلفاءها الغربيين.
أضافت أنه حان الوقت للتأكيد على التعددية فى صندوق النقد الدولى من خلال منح جميع البلدان حصص متساوية من الأصوات الأساسية على ان يكون التصويت بالأغلبية أو على الأقل إعطاء ميزة نسبيه فى حصة التصويت لبريطانيا وأمريكا، نظراً لدورهما الأكبر فى إدارة أنشطة الصندوق على ان تحصل الدول الناشئة مجتمعة على حصص على قدم المساواة.