نيجيريا تكافح لإنقاذ اقتصادها لكنها تفضل التعامل مع الصين


كما فعل الرئيس النيجيرى الحالى محمد بخارى فى دورته السابقة قبل سنوات، عاد وكرر رفضه الحصول على قرض من صندوق النقد الدولى وتعتبر بلاده فى أمس الحاجة عليه إثر انهيار اسعار البترول فى العامين الأخيرين بعد عقد من تدفقات أموال المبيعات التى فاق خلالها سعر البرميل الـ100 دولار ليفقد اكثر من 60% من قيمته وهو القرار الذى لاقى شعبية كبيرة وإشادة من المواطنين.
ويعانى الاقتصاد النيجيرى من مشكلات جدية ودخل فى حالة ركود وتشير التوقعات إلى أنه قد ينكمش خلال العام الحالى للمرة الأولى من العام 1991.
وساهمت السياسات المتخبطة للرئيس بخارى فى تفاقم المشكلات الاقتصادية، بعدما تدخل لرفع سعر العملة المحلية أمام الدولار ليخلق فقاعة تضخمية كبيرة قبل أن تضطر البلاد لإجراء عملية خفض حادة وغير ناجحة حتى الآن لعملتها.
وبينما تعانى البلاد من تفاقم التضخم الذى بلغ 17% فى يوليو الماضى مازالت ثقة المستثمرين الأجانب الذين تعتمد عليهم نيجيريا بشكل كبير عند مستوى متدن للغاية حتى بعد خفض قيمة العملة المحلية النايرا.
ومع ذلك ينظر النظام النيجرى لسياسة صندوق النقد الدولى ورقابته على أنها إهانة للكبرياء الوطنى وكذلك الشعب النيجيري.
وجاء بخارى الى السلطة للمرة الأولى فى ليلة رأس السنة الجديدة عام 1983، بقيادته لانقلاب عسكرى لتطهير الفساد الذى دمر البلاد فى ظل حكومة مدنية. وقدم نفسه للشعب على أنه رجل صارم ونزيه يخوض حربا لإعادة الانضباط الى نيجيريا لتسير فى الطريق الصحيح نحو التقدم رغم ان كاهل البلاد مثقل بجبل من الديون المتعثرة.
وكانت مطالب الرأسمالية الدولية لعنة لبخارى، وهو جندى وطنى من أفريقيا ما بعد الاستعمار، لكنه رفض خفض قيمة العملة. واصل الاقتصاد فى التدهور. وبحلول عام 1985، كان الناس تعبوا من الفقر المدقع ومن سلوكه الاستبدادى. وأطاح ضباط الجيش الكبار الآخرون به فى أغسطس وبسرعة تمت إعادة فتح المحادثات مع صندوق النقد الدولى والبنك الدولي.
وعندما جاء الرئيس إبراهيم بابانجيدا بانقلاب دموى من الجيش مرة اخرى فشل ايضا فى استعادة استقرار الاقتصاد رغم حصوله على قروض هائلة من صندوق النقد الدولى والبنك الدولى وألقى عليهما باللائمة فى تعثر البلاد بسبب شروطهما وتوصياتهما مثل تخفيض قيمة العملة وتقليص الحظر على الواردات، ومنح تراخيص لبنوك جديدة فانهارت العملة اكثر واكثر وفقد النيجيرون وظائفهم لينقلب عليه الجنرال سانى أباتشى الذى استفاد من ارتفاع سعر البترول فى مواجهة الديون لكن استمرار سرقة المال العام بحسب تقرير لمعهد افريقيا للابحاث حول دور صندوق النقد فى ازمات نيجيريا ادى الى عدم تطور الاقتصاد الوطنى.
وبعد وفاة اباتشى المفاجئة فى عام 1998 أخيرا ذهب الجيش إلى الثكنات وتم انتخاب حكومة جديدة مدنية وبعد ست سنوات تم الاتفاق مع نادى باريس للمقرضين على دفع 12.4 مليار دولار، وشطب باقى الديون المتبقية البالغة 30 مليار دولار بدعم من صندوق النقد الدولى للاتفاق الذى حرص على استمرار التقارب مع لاجوس رغم انها لم تقبل منه اية قروض.
ومع عودة بخارى 2015 قال إنه أصبح رئيسا للمرة الثانية بالانتخاب لكنه ورث اقتصادا فى أزمة وقد تطورت وجهات نظره بشأن سياساته الاقتصادية الا أنه يرفض تماما اللجوء الى صندوق النقد.
ولجأت الحكومة فى 2016 الى وضع ميزانية توسعية لزيادة الانفاق لدعم النمو بلغت نحو 6.06 تريليون نايرا 2016. ولكن مع سعر صرف مغالى فيها لم يكن هناك دائنون دوليون لتمويل الميزانية وفى منتصف يونيو، أعلن البنك المركزى «تعويما مدارا» للنايرا، مما شجع البنك الدولى والبنك الافريقى للتنمية على التفاوض لتوفير 3 مليارات دولار لدعم الموازنة المتاثرة بهبوط سعر البترول مصدر التمويل الرئيسى لمنع الاقتصاد من الانزلاق إلى الركود وهناك قروض مماثلة متوقعة من الأسواق المالية العالمية.
وفى اجتماعات مارس الماضى بين صندوق النقد الدولى والبنك الدولى أعلنت وزيرة المالية كيمى آدوصن أن نيجيريا ليست مريضة وحتى إذا مرضت فلديها العلاج بطرق محلية خاصة بها.
وخلال زيارته الاخيرة للصين عاد بخارى مبتسما بقروض وصفقات مقايضة بالعملات المحلية للبلدين بعيدا عن الدولار العملة الدولية بلغت قيمتها نحو 6 مليارات دولار كما اعلن تقرير لمجلة ميل آند جاردين أفريقيا.
وسافر بخارى منذ مايو 2015 فى جولات خارجية بحثا عن تمويل بعيدا عن صندوق النقد الدولى لاكثر من 20 دولة بهدف تأمين الأموال اللازمة لموازنة توسعية لانعاش الاقتصاد المتعثر.
ويمزج المواطنون عبر وسائل التواصل الاجتماعى حول تكرار رحلاته المتكررة بعبارة «واكا واكا بخاري» وتعنى باللغة العامية النيجيرية «دائما فى الخارج».
وتشير التقديرات الى أن النمو الحقيقى سيصل الى 2.3% فى عام 2016 نظرا لان توسعات الانفاق تحتاج لوقت لكى تثمر نتائجها فى حين بلغ التضخم أعلى مستوياته فى الزمن القريب فى مارس الماضى 12.8% وهو المعدل الاعلى منذ 4 سنوات.
ويتوقع الخبراء نجاح المقايضة بالعملات المحلية لان الصين تحتاج للبترول النيجيرى بشراهة كما أن نيجيريا من الاسواق الهامة للسلع الصينية فى القارة السمراء مما يسهم فى تخفيف الطلب على الدولار غير المتوفر.
ومن بين الصفقات مع الصين مشروع منجم بـ 55 مليون دولار لاستخراج خام الجرانيت، بالاضافة الى مشروعات بنية تحتية للنقل، بما فى ذلك الطرق السريعة والسكك الحديدية بقيمة 3.5 مليار دولار.

لمتابعة الاخبار اولا بأول اضغط للاشتراك فى النسخة الورقية او الالكترونية من جريدة البورصة

مواضيع: البترول

منطقة إعلانية

نرشح لك


https://www.alborsanews.com/2016/11/10/926379