
المؤسسة الدولية تقف ضمن صف الحمائم فى مواجهة صقور أوروبا
هزت الأزمة اليونانية منطقة اليورو فى صميمها، وقد كان لها تأثير مماثل على مؤسسة ضخمة أخرى، وهى صندوق النقد الدولي.
وتقول هيئة الاذاعة البريطانية بى بى سى فى تقرير لها إن خلاف الصندوق مع ألمانيا حول خطط الانقاذ يكشف تغيير عقيدة عمله، حيث أكد نائب مدير الصندوق ديفيد ليبتون أنه لن يقبل من برلين وضع مواعيد نهائية لحل ازمة الديون اليونانية مجددا طلبه لها بضخ مزيد من الدعم لانقاذ منطقة اليورو وهو ما يخالف مبادئه القديمة بعدم اقراض الدول المتعثرة.
وكان الصندوق قد ساهم فى تمويل حزمتى الانقاذ الاولى والثانية بحوالى 25 مليار دولار التى بلغت نحو 130 مليار دولار بالمشاركة مع البنك المركزى الاوروبى وصندوق آلية الانقاذ الاوروبية وكان صاحب النصيب الاكبر هو المانيا فيما تطلب أثينا نحو 69 مليار دولار إضافية فى جولة ثالثة من الدعم.
كما اقترح مسئولو الصندوق ان يتم إعفاء اليونان من جزء من ديونها للتخفيف من الاعباء عليها، مما يزيد من فاعلية القروض الجديدة لكن المانيا ترفض ذلك بشدة بحسب تقرير لوكالة سبوتنيك الروسية.
ويخشى معارضو الاعفاء الجزئى من الديون ان تتحمل البنوك الاوروبية عبء عدم سداد مستحقاتها مما يؤدى الى انهيارها خصوصا أن دولا أوروبية اخرى لديها مشاكل مع ديونها سوف تطالب المعاملة بالمثل.
وقالت محطة بى بى سى إن التهديد الاكبر فى السنوات الاخيرة كان مصداقية الصندوق باعتباره أكبر بنك متعدد الجنسيات فى العالم على حد تعبيرها.
ولاول مرة تساند ادارة الصندوق اتفاق اقراض لا يتضمن إلزام الدولة المقترضة باعادة هيكلة ديونها ضمن الاتفاق مع اليونان نظرا لان ديونها وصلت لمستويات غير محتملة.
وتجاوز الصندوق سياسة الانتفاع الاستثنائى التى تسمح للدول بالحصول على قروض رغم موقفها المالى المتدهور والتى تقوم على عدة معايير صارمة.
ويعتبر المعيار الثانى منها هو الاهم ويتطلب تحليلا دقيقا ومنهجيا يشير إلى أن هناك احتمالا كبيرا أن يتم السيطرة على الدين العام للعضو بشكل مستدام على المدى المتوسط.
لكن مسئولى صندوق النقد الدولى لم يتمكنوا من الاتفاق على الإصلاحات والتدابير التقشفية اللازمة لتحقيق هذه السيطرة.
والحقيقة ان الصندوق تخلى عن عقيدته نظرا لأن مخاطر اليونان تتعلق بالنظام المالى نفسه وقد تمس النظام المالى العالمى ايضا.
وكانت ادارة الصندوق عرضة لانتقادات على مدى عقود طويلة بسبب ما وصفه البعض بانه عبودية لاقتصاديات السوق الحر، حيث فرض برامج خصخصة غير لائقة، وخفض الانفاق ورفع أسعار الفائدة فى بلدان لا تحتمل ذلك مما ادى فى بعض الأوقات الى تحول المشاكل المتواضعة إلى أزمات كاملة.
لكن الازمة التى تواجه الصندوق حاليا هو المطالبة بتساهل مماثل فى المعايير فدول مثل الصين وغيرها من العالم النامى قد تسأل عن التغييرات فى الطريقة التى يدار بها صندوق النقد الدولى – وأنهم لم يستفيدوا، ما دفعهم للذهاب بعيدا بحثا عن بديل فأسسوا بنك آسيا لاستثمارات البنية التحتية.
وتعتبر اليونان اختبارا لاسلوب العمل المطور فى الصندوق فاذا لم يتمكن من إنقاذها فكيف يمكنه انقاذ مشكلات أكبر عندما تقع؟ مثل فرنسا وهو امر غير مستبعد لأن المشكلة الحقيقية ليست اثينا، بل أوسع نطاقا.
وقال تحليل لتغير سياسات الصندوق نشرته وكالة روتيرز للانباء أن تعديل الاستراتيجية فى التعامل مع ازمة اليونان انقذ اسواق المال الاوروبية من العدوى حيث كانت تنتظرها كارثة فى حال تفجر الوضع فى اليونان وانتقال نيرانها الى دول منطقة اليورو المثقلة بالديون وقللت من احتمالية تفكك منطقة العملة الاوروبية الموحدة.
واشار التحليل الى ان الصندوق الذى تأسس إبان نهاية الحرب العالمية الثانية عادة ما كانت زبائنه التى تطلب التدخل كآلية انقاذ سريع هى دول صغيرة وفقيرة واسواق ناشئة تحتاج لدفعة مالية مقابل تغييرات هيكلية فى اقتصادها.
لكن فى أعقاب الأزمة المالية ظهرت دول تنتمى للعالم المتقدم فى حاجة الى مساعدات مثل اليونان والبرتغال واسبانيا وايرلندا.