
إبراهيم العسيرى كبير مفتشى الوكالة الدولية للطاقة الذرية لـ«البورصة»:
التكلفة مرتفعة.. وكوريا وفرنسا تعمل على إقامة مشروعات بأسعار أقل
«الوقود النووى» يجب إعادة معالجته لاستخدامة مرة أخرى.. ولا يخرج من الضبعة
المحطة تغطى تكاليفها بعد 6 سنوات من التشغيل.. والكيلووات أقل من المصادر الأخرى
«أمريكا» و«إسرائيل» لا يريدان لمصر امتلاك التكنولوجيا النووية.. والأفضل التعاون مع «فرنسا»
تعتزم الحكومة توقيع العقد التجارى لمحطة الضبعة النووية مع شركة روساتوم الروسية قبل نهاية العام الجارى، ولم يعلم المسئولين التفاصيل الفنية والمالية والجدوى الاقتصادية للمشروع، بحسبما قاله الدكتور إبراهيم العسيرى، كبير مفتشى الوكالة الدولية للطاقة الذرية فى حوار لـ«البورصة».
وقال الدكتور إبراهيم العسيرى، إن الجوانب المالية للمشروع لم تراجع من قبل وزارة المالية، ولا مجلس النواب المنوط له مراجعة جميع الاتفاقيات والعقود، ولم تشكل لجنة من الخبراء فى مصر لمراجعة الجوانب الفنية للمشروع، من أبرزها هيئة الرقابة النووية والإشعاعية.
ويحوى العقد التجارى لإنشاء وتوريد وتشغيل محطة الضبعة النووية 4 اتفاقيات، تتضمن «الإنشاء الرئيسى» و«توريد الوقود للمحطة» و«تقديم الخبرة والدعم الفنى أثناء التشغيل» و«إنشاء مخازن للوقود المستنفذ».
وأضاف أن تكلفة إنشاء المحطة النووية مع روسيا مرتفعة للغاية، ويجب التفاوض مرة أخرى قبل توقيع العقود، حيث تصل قدرة المفاعل النووى الذى تقيمه فرنسا فى الصين بقدرة 1650 ميجاوات إلى 5.2 مليار دولار، بينما المفاعل النووى المزمع تدشينه فى مصر بقدرة 1400 ميجاوات يبلغ 7.5 مليار دولار.
ووفقاً لأسعار بعض الدول التى أنشأت محطات نووية سلمية لإنتاج الطاقة بمعامل أمان نووى كبير، كوريا الجنوبية دشنت 4 محطات نووية بقدرة 4800 ميجاوات بـ20 مليار دولار، والصين 4 محطات بقدرة 4800 ميجاوات بتكلفة 22 مليار دولار.
وأوضح أن التكلفة الإجمالية لمحطة الضبعة النووية لا تزيد على 22 مليار دولار، ويستغرق فترة إنشاء المحطة 6 سنوات، ولكن روسيا أعلنت الانتهاء من تشغيلها بعد 9 سنوات، وهذا من شأنة زيادة الفوائد على المحطة النووية، نظراً لطول الفترة الزمنية.
وذكر أن الاستثمارات الضخمة فى المفاعلات النووية معظمها عروض تمويلية من الدول المتقدمة بعطاءات المشروع وتسدد من الوفر فى تكلفة استخدام الغاز.
وتغطى المحطة النووية تكاليفها فى فترة تتراوح بين 5 و6 سنوات من فرق تكلفة الكيلووات / ساعة للمحطات النووية عن تكلفة الكيلووات / ساعة من أى أنواع إنتاج الكهرباء الأخرى، سواء غاز أو بترول أو فحم أو طاقة شمسية أو رياح.
وقال العسيرى، إن روسيا تقرر أن يشحن الوقود النووى المستعمل على نفقة مصر الخاصة إلى روسيا، لمعالجته والاستفادة من المواد النافعة منه، ثم تشحن النفايات النووية على نفقتنا الخاصة إلى مصر لدفنها، ويجب أن يتغير هذا الوضع.
وشدد على ضرورة أن يبق الوقود النووى داخل مصر، حيث يمكن استخدامه فى المفاعل النووى مرة أخرى ويصنع منه وقود مختلط «أكسيد يورانيوم، وبلوتينيوم»، مشيراً إلى أمكانية إعادة معالجته مرة أخرى.
وتخطط مصر لتدشين محطة سلمية لإنتاج الطاقة، وتسعى دول لوقف تنفيذ المشروع خشية من استخدام الوقود النووى واستخراج اليورانيوم لأى أغراض عسكرية، ولكن الغرض الاساسى لإنشاء محطة الضبعة النووية «سلمى» لتنويع مصادر إنتاج الطاقة.
وبحسب العسيرى، سوف يخزن الوقود النووى للمحطة فى أسطوانات مفرغة من الهواء تتمتع بأمان تام، كما توضع النفايات النووية الناجمة من المحطة فى براميل، ولن تدفن فى باطن الأرض حتى لا تؤثر على المياه الجوفية.
وقال العسيرى، يجب أن تقدم روسيا التكنولوجيا النووية لمصر، إلا أن ذلك الأمر لم يتفق عليه فالدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل لا تريد لمصر التعرف أو امتلاك التكنولوجيا النووية، وقد يكون هناك اتفاقاً مع روسيا الاتحادية على ذلك.
وقال كبير مفتشى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، إن تفعيل المشاركة المحلية فى تصميم وتشغيل وصيانة المحطة النووية لم يناقش، بل هناك اتجاه أن يقوم الروس بتشغيل وصيانة المحطات النووية فى مصر لمدة عشر سنوات بمقابل شهرى، علما بأن الوقود النووى للمحطة الروسية يكون سداسياً وهو الوحيد فى العالم من هذا التصميم، مما يمثل احتكاراً لهذا النوع من الوقود.
وأشار إلى وجود العديد من مكونات المحطة النووية التى يمكن إنتاجها محلياً مثل الكابلات الكهربية والمواسير والغلايات، بخلاف أعمال الخرسانات وغيرها، ويجب المشاركة المحلية بنسبة 20% فى المحطة الأولى، ترتفع فى الثانية لـ35%.
وذكر أن هذه المشاركة ستكون دافعاً لإدخال صناعات جديدة فى مصر، ورفع جودتها، حيث عرضت روسيا على مصر إنشاء مصانع لتصنيع الكابلات والمواسير والغلايات للمحطة النووية فى الضبعة، ولكن مصر رفضت.
وأشار إلى أنه يفضل التعاون مع فرنسا فى المحطات النووية المقبلة، خاصة أن أسعارها أقل ولديها خبرة كبيرة، حيث تمثل الطاقة النووية من إجمالى الكهرباء المنتجة بنحو 80%، تصل مدة تنفيذها للمحطة النووية 5 سنوات.
وتبلغ مساحة موقع الضبعة حوالى 50 كيلو متر مربع، والمخطط تدشين 8 محطات قوى نووية بإجمالى قدرة كهربائية يمكن أن تصل الى 13000 ميجاوات وبمعامل تشغيل حوالى 90%، وتوفر أكثر من 100 مليار كيلووات / ساعة فى السنة الواحدة.
وأوضح إن تكلفة الكيلووات / ساعة من المحطة النووية أرخص من جميع المصادر الأخرى، بما فيها الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والغاز الطبيعى والفحم والبترول فيما عدا المساقط المائية.
واشار إلى أن القوات المسلحة هى المسئولة عن تأمين محطة الضبعة النووية بالتعاون مع روسيا، من خلال دويات عسكرية ثابتة ومتحركة وأبراج مراقبة وإقامة خندق بحرى حول المحطة النووية لمنع التسلل إليها.
وأضاف أن دراسات موقع الضبعة تناولت الوضع الزلزالى والفيضانات والأعاصير والمياه الجوفية وشبكات الكهرباء وخطوط النقل، وكذلك من الناحية الجيولوجية، حيث اتضح عدم تعرض المنطقة هناك إلى هبوط الأراضى، وهو من أهم شروط اختيار مواقع المحطات النووية، ودليل ذلك أنه رغم ما حدث أخيراً فى مفاعل هيروشيما فإن أرض المحطة لم تتأثر بتشققات أو هبوط أو غيره، خاصة أن هذه المواقع تدرس بدقة.
وقال إن موقع الضبعة يتسع لإقامة عدد محطات يتراوح بين 4 و8، والدراسات الخاصة بموقع بديل تستغرق نحو 4 سنوات فى المتوسط، وتتراوح تكلفة نقل المشروع لموقع آخر بين 26 و50 مليار دولار.
وأشار إلى أن المحطة النووية غير ضارة على الإطلاق كما يردد البعض، مؤكداً أن العامل الذى يحرس المحطة ويعيش فيها لا يتعدى تعرضه للإشعاع لـ300 جرام سنوياً
وذكر أن دول العالم مازالت تعتمد على الطاقة النووية نظراً لحفاظها على نظافة البيئة وانخفاض أسعارالكهرباء المنتجة منها، ويوجد حالياً 435 محطة نووية، ويجرى إنشاء 73 محطة نووية.
وتغطى الطاقة النووية حالياً حوالى 17% من احتياجات العالم الكهربائية، والاستراتيجية المثلى لتوفير الطاقة الكهرباء لمصر واللازمة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية هى فى الاعتماد على الطاقة النووية مدعومة بمصادر الطاقة المتجددة مثل الشمس والرياح والمخلفات والحرارة الجوفية والمساقط المائية المتاحة بحسب ما قاله العسيرى.
وستقدم روسيا قرضاً حكومياً لمصر بقيمة 25 مليار دولار، من أجل تمويل الأعمال والخدمات الخاصة بمعدات الإنشاء والتشغيل لمحطة الضبعة.