42 مليار دولار خرجت من مصر خلال السنوات الثلاث الأولى من الثورة.. وخروج الأموال سر ارتفاع الدولار
صافى الاستثمارات الأجنبية المباشرة صعد من 2.19 مليار دولار عام الثورة إلى 6.84 مليار 2015-2016
قال تقرير، إن الحكومة المصرية رددت ثلاث أساطير بشأن تعويم الجنيه الأولى وتخص وجود نقص للدولار فى الموارد الدولارية والثانية، إن هناك تفاؤلاً بشأن ما بعد قرار التعويم والثالثة وهو أنه لا يوجد بديل.
وقالت الورقة التى نشرتها المبادرة المصرية للحقوق الشخصية وأعدتها سلمى حسين الباحثة بوحدة العدالة الاجتماعية والاقتصادية إن الموارد الدولارية عقب ثورة 25 يناير 2011 وحتى 2013 طرأ عليها نقص طفيف فى بعض الموارد المعتادة للنقد الأجنبى مثل السياحة وقناة السويس.
واوضحت أنه مقابل تلك الموارد كان هناك زيادة فى الاستثمار الأجنبى والصادرات وتحويلات المصريين العاملين فى الخارج وهو الأمر الذى غطى على النقص.
وأضافت أنه على الرغم من الزيادة خلال العامين الأولين من الثورة فإن احتياطات النقد الاجنبى شهدت نزيفاً فقدت خلاله أكثر من 20 مليار دولار لتقف عند 15.5 مليار دولار فى مايو 2012.
وبلغت تحويلات المصريين من الخارج خلال العام المالى 2010-2011 نحو 10 مليارات دولار فى حين بلغت فى العام التالى 18 مليار دولار وفى والعام 2012-2013 وصلت إلى 18.7 مليار دولار.
كما بلغت الصادرات خلال العام المالى 2010-2011 نحو 24 مليار دولار وفى العام التالى بلغت 25.1 مليار وفى العام 2012-2013 نحو 27 مليار دولار.
أما إيرادات قناة السويس فقد انخفضت من 5.1 مليار دولار خلال العام المالى 2010-2011 إلى 5 مليارات دولار فى العام 2012-2013.
وفى الفترة الثانية من الفترة 2013-2014 فقد بلغت تحويلات المصريين 18.5 مليار دولار ارتفعت فى العام التالى لـ 19.3 مليار وفى العام 2015-2016 تراجعت لـ17.1 مليار دولار، أما إيرادات قناة السويس انخفضت من 5.4 مليار دولار لـ5.1 مليار دولار خلال العام المالى 2015-2016.
وبلغت ذرورة التدفقات الاستثمارية الأجنبية المباشرة ذروتها فى العام المالى 2015-2016، حيث بلغت 12.9 مليار دولار مرتفعة من 9.6 مليار خلال العام المالى 2010-2010 ثم عادت لتنخفض خلال العام المالى الماضى لـ12.4 مليار دولار.
وقال التقرير، إن الحكومة كان يجب ان تشيد بفضل ثورة 25 يناير بزيادة النقد الأجنبى التى دخلت مصر خلال الأعوام الثلاثة التالية للثورة.
وطرحت الباحثة سلمى حسين تساؤلاً عن سر طلب حكومة شفيق وحكومة الاخوان الاقتراض من صندوق النقد الدولى وزيادة الاقتراض الخارجى على الرغم من زيادة الموارد الدولارية.
وقالت إن السر فى ذلك يكمن فى أن هناك قدراً كبيراً من الدولارات خرجت من مصر وبلغت خلال الثلاث سنوات الاولى من الثورة 42.8 مليار دولار.
وفى الفترة من 2013-2016 وتلك الفترة التى سميت أزمة الدولار وصعد الدولار إلى ضعف سعره فى الفترة السابقة فى السوق السوداء التى أصبحت متحكماً تماماً فى عرض الدولار، وظل الخطاب الرسمى يعزى الأزمة إلى تناقص الموارد الدولارية التقليدية بسبب الفوضى التى خلقتها الثورة.
وقالت الورقة، إن الموارد التقليدية للدولار قلت، ولكن ظلت تحويلات المصريين المغتربين بالخارج على نقصها الطفيف تعوض ذلك الانخفاض اضافة إلى الاستثمار المباشر والقروض الخارجية.
وارتفع صافى الاستثمارات الأجنبية المباشرة من 2.19 مليار دولار فى 2010-2011 إلى 6.84 مليار دولار فى 2015-2016.
وأضافت أن أهم صور خروج الأموال خلال الثلاث سنوات الأخيرة هى خدمة الدين الخارجى أقساط وفوائد القروض وبلغت خدمة الدين الخارجى خلال العام 2013-2014 نحو 3.9 مليار دولار ارتفعت إلى 5.16 مليار دولار خلال العام المالى الماضى فى حين بلغت أقساط القروض 5 مليارات دولار فى 2013-2014 ارتفعت إلى 17.6 مليار دولار.
واستمرت ظاهرة خروج الأموال بصورة غير مشروعة اذ ارتفعت فى بند السهو والخطأ فى ميزان المدفوعات من 900 مليون دولار خلال العام 2013-2014 إلى 4 مليارات دولار خلال العام المالى الماضى.
وقالت الورقة يمكن توجيه اللوم للبنك المركزى على سياسته التى اتبعها منذ 2012-2013 حيث لجأ إلى الاقتراض قصير الأجل ومتوسط الأجل من أجل تغطية الاحتياطات الدولية، مما رفع من تكلفة الدين لتبلغ 17.1 مليار دولار خلال العام المالى الماضى منها 12 مليار دولار التزامات على البنك المركزى فقط.
وأوضحت الدراسة، أن هذه القروض تبخرت جراء الهروب المتواصل للأموال خارج البلاد أو بسبب مشروعات قومية لم تتم دراستها جيداً على الأقل فقد بلغ صافى الاقتراض 6.13 مليار دولار فى العام المالى الماضى ذهب معظمها للبنك المركزى لتدعيم الاحتياطى.
وبالتالى فإن قول الحكومة بأن نقص الموارد الدولارية تسبب فى ارتفاع قيمة الدولار خطأ ولو كان هناك سياسات مناسبة للتعامل مع ظروف الثورة لما خرجت كل تلك الأموال متسببة فى الأزمة الحالية ولما كان الاقتصاد قد احتاج إلى هذا الكم من القروض الخارجية ولا إلى التعويم.
أما الأسطورة الثانية هو الدعاية المكثفة لتعويم الجنيه ويتعلق باستقرار سوق النقد الأجنبى، مما يؤدى إلى توافد الاستثمارات الأجنبية على مصر، وأن التعويم سوف يقضى على ندرة الموارد الدولارية، لأنه يؤدى إلى زيادة السياحة والصادرات.
ووفقاً للتقرير ترى الحكومة أن قرار التعويم سوف يؤدى إلى انخفاض سريع فى سعر الدولار مقابل الجنيه، مما يرد للجنيه شيئاً من قوته، فتقصر فترة معاناة الشعب.
وقالت حسين إن هذا كله تبرير خاطئ للأسباب التالية اذ ان فترة عدم الاستقرار حيث تشير التجارب الدولية إلى أن التعويم تعقبه فترة من عدم استقرار سوق النقد الأجنبي، وهى فترة تشهد صعودًا مبالغًا فيه فى قيمة الدولار مقابل الجنيه، نتيجة مقاومة السوق السوداء.
وأوضحت أنه عادة ما تمتد تلك الفترة إلى 6 أشهر، قبل أن يبدأ الجنيه فى استعادة شىء من قوته هذا ما حدث فى مصر عام التعويم الكامل 2003-2004، وقبل أن يتم القضاء على السوق السوداء
وأضافت أنه خلال تلك الفترة، من المستبعد أن تأتى أى رؤوس أموال أجنبية إلى مصر ولا حتى أموال ساخنة فى البورصة لأنها ستفضل الانتظار حتى حدوث استقرار لسوق النقد الأجنبى هذه الفترة قد تمتد إلى أكثر من عامين، لو دخل الاقتصاد فى حالة تضخم منفلت، أو حالة ركود تضخمى
وذكرت أنه نتيجة سياسة اقتراض خارجى غير رشيدة، وضع البنك المركزى الاقتصاد فى وضع أشبه بالرهينة المحتجزة لدى دائنيه.
وأشارت إلى أن الاحتياطى النقدى لديه كومة من القروض الخارجية، معظمها متوسط الأجل وقصير الأجل، ويستحق جزء كبير منها السداد خلال العامين القادمين.
ويفرض هذا الوضع على مصر أن تلجأ إلى مزيد من الاقتراض الخارجى كى تستطيع الوفاء بأقساط القروض،و بوارداتها من السلع الأساسية من غذاء ووقود.
ولن تساهم كل تلك القروض فى أى زيادة فى المعروض من الدولارات داخل البلاد بل هو انتقال من أيدى دائنين إلى أيدى
آخرين.
وتبقى بذلك أزمة المعروض من الدولار المتوسط، لكل ما سبق، من الأرجح أن تواصل قيمة الجنيه انخفاضها خلال العام القادم على الأقل
وشهدت معظم دول العالم انخفاضاً لقيمة عملاتها أمام الدولار فى العامين الماضيين وكان ذلك نتيجة لسياسات نقدية فرضتها الولايات المتحدة الأمريكية لذلك كان من الطبيعى أن نشهد تلك الظاهرة فى مصر أيضًا.
وقالت أنه من غير المتوقع أن نشهد نفس الارتفاعات الكبيرة فى سعر الدولار العالمى، كتلك التى رأيناها فى العامين السابقين، إلا أن هناك عددًا من الشواهد تشير إلى استمرار الدولار قوى فى الأسواق العالمية فى السنوات المقبلة وهذا يجعل من الأصعب الحفاظ على قيمة الجنيه.
أما الاسطورة الثالثة التى ترددها الحكومة أنه «لا يوجد بديل على المدى القصير» خاطئة.
وأوضحت ان من أهم الأقوال المغلوطة التى تم تسييدها فى الخطاب الدارج للسياسة الاقتصادية، هى أن التعويم ضرورة لا غنى عنها، لأنها هى البديل الوحيد على المدى القصير، حيث لا يؤدى التعويم إلى القضاء على ندرة الدولار، لأنه لا يعالج السبب فى تلك الندرة.
وهكذا، سوف تقترض الحكومة من أجل توفير العملة الصعبة لسد احتياجات الاقتصاد لكن فى نفس الوقت سوف يستمر هروب الأموال إلى الخارج، طالما بقيت أسباب عدم الاستقرارين الاجتماعى والسياسى.
وقد فرض البنك المركزى وهيئة سوق المال عدداً من القيود على خروج رؤوس الأموال، خلال السنوات الخمس الماضية، ولكنها كانت متجزئة وغير مكتملة، مثل الحد الأقصى للسحب من كروت.