يلعب البنك الزراعى المصرى دوراً محورياً فى المجتمع المصرى يرتبط بالتنمية الزراعية والريفية وتمويل مستلزمات الإنتاج وتمويل المزارعين، بالإضافة لتمويل الصناعات الصغيرة والمتوسطة المعتمدة على الزراعة، وهو دور لا غنى للجميع عنه. البنك يمتلك ميزة نسبية وهى انتشاره الجغرافى من خلال 1210 فروع تمثل نحو 27% من وحدات القطاع المصرفى، بالإضافة لوجود قاعدة عريضة من العملاء من المزارعين والفلاحين لا تقل عن 3 ملايين عميل تمثل نحو من 25 إلى 30% من عدد عملاء الجهاز المصرفى ونحو 20% من سكان مصر ونأمل أن نصل فى إطار الشمول المالى إلى 40%.
تكبد البنك الكثير من الخسائر المتراكمة خلال السنوات السابقة أدت إلى تآكل رأس المال بالكامل وأظهرت القاعدة الرأسمالية للبنك بقيمة سالبة تجاوزت اربعة مليارات جنيه، حالت دون قيام البنك بالدور المنوط به فى خدمة قطاع الزراعة.
كما أنه منذ صدور القوانين المنظمة للبنك وحتى الآن فقد تغيرت الظروف والتشريعات الاقتصادية والمصرفية كما تغيرت الاتجهات الاقتصادية وبالتالى كان لا بد من إجراء تعديل على قانون البنك حتى يتمكن من أداء الدور المطلوب منه فى تحقيق التنمية الزراعية والريفية فى إطار الخطة الاقتصادية للدولة.
إن الرغبة فى تعديل قانون البنك نشأت منذ فترة طويلة إلا أن هذا الامر لم يتحقق إلا بوجود إرادة سياسية لديها رغبة حقيقية فى الإصلاح بجانب حرص الحكومة الحالية على تحقيق ذلك ورغبة البنك المركزى المصرى لاستكمال منظومة إصلاح الجهاز المصرفى ووجود إدارة حالية للبنك لديها إيمان بأهمية دوره فى تحقيق التنمية الزراعية والريفية والشمول المالى، بجانب وجود برلمان واع يقدر أهمية ما يعرض عليه من تشريعات ودورها فى تحقيق الإصلاح.
إن إصلاح هذا البنك يأتى ضمن محاور الإصلاح الاقتصادى وبما يعكس دلالة واضحة بأن مصر بالفعل قد تغيرت للأفضل.
إن تعديل قانون البنك يعد ناحية تنظيمية تهدف لمعالجة العوار فى القوانين التى كانت تحكم البنك التى أدت لعدم اتساق السياسات والمعالجات المحاسبية.
يهدف القانون الجديد لتوحيد مجالس إدارات البنك فى مجلس إدارة واحد يضم مجموعة من الخبراء والمتخصصين فى المجالات الاقتصادية والقانونية والمالية والزراعية، بدلاً من وجود ثلاثة مجالس إدارات، الأمر الذى كان يؤدى لمزيد من البيروقراطية وعدم انسجام القرارات التى تتخذ.
كما أن القانون الجديد يضمن توحيد التعليمات المطبقة على جميع عملاء البنك من الفلاحين والمزارعين بشفافية ودون اجتهاد من أحد، كما يتضمن القانون آليات تضمن التنسيق مع وزارة الزراعة من خلال وجود ممثل للوزارة فى مجلس إدارة البنك.
تضمن القانون فى مادته الثانية، أيضاً، تحديداً لسياسات وأهداف البنك المتمثلة فى توفير التمويل اللازم لمختلف أنواع أنشطة التنمية الزراعية والريفية، وفقاً للنظم المصرفية المعمول بها فى إطار السياسة العامة للدوله، كما يسهم فى التمويل اللازم لتوفير مستلزمات الإنتاج سواء بالاستيراد أو بالإنتاج المحلي.
فى ظل أن البنك المركزى ضامن للودائع فإن القانون يهدف لضمان تنفيذ واتباع الضوابط الرقابية بشأن إدارة واستخدامات الودائع بما يضمن الحفاظ على أموال المودعين الذين يمثلون فى غالبيتهم الفلاحين والمزارعين.
إن إشراف البنك المركزى على البنك الزراعى يمكنه من الحصول على قروض مساندة من المركزى تساعده فى تصويب هيكله التمويلى بعيداً عن تحميل الموازنة العامة للدولة أي أعباء ويزيد من قدره البنك على تقديم خدمات متكاملة لعملائه.
كما يتيح القانون للبنك الحصول على منح وخطوط تمويلية من المؤسسات المالية الإقليمية والدولية تساعد فى الإجراءات الإصلاحية للبنك، ويمكن إعادة ضخها لصالح الفلاحين والمزارعين، حيث لم يتمكن البنك فى وقت سابق من الحصول على المنحة التى كانت مقدمة من البنك الدولى بنحو 500 مليون دولار، والمنحة التى كانت مقدمة من السعودية بنحو 200 مليون دولار؛ نتيجة عدم خضوع البنك لرقابة المركزى.
إن جميع نماذج البنوك المشابهة تخضع لإشراف البنك المركزى تؤدى دورها فى خدمة عملائها المتخصصين بكفاءة وعلى أكمل وجه حيث يعتبر إشراف المركزى عليها داعماً لدورها، وهناك العديد من البنوك الكبرى المتخصصة فى مجال الزراعة تلعب دوراً استراتيجياً ومحورياً فى تنمية القطاع الزراعى ودعم المزارع سواء على مستواها المحلى أو على المستوى العالمى، وهى خاضعة لإشراف البنوك المركزية التابعة لها (مثال: رابو بنك – هولندا، كريدى أجريكول بنك – فرنسا).
إن الوضع الحالى للبنك يستلزم تضافر كل الجهود لوضع وتنفيذ خطة شاملة للإصلاح والتطوير تتضمن تعزيز موقفه المالى والادارى بغرض الحفاظ على أموال المودعين والذى يتركز الجانب الأكبر منهم فى شريحة العملاء متوسطى ومحدودى الدخل، ومن ثم فإن ضمان البنك المركزى المصرى ضرورى لحماية تلك الأموال.
أخيراً يجب التأكيد على أن البنك الزراعى بعد تعديل قانونه سيبدأ عهداً جديداً، لكنه لن يحيد عن دوره الأساسى فى دعم الفلاح والمزارع المصرى، وهو ما تعززه المادة الثانية من قانون البنك الجديد.