الإفصاح عن البيانات الحقيقية يبرر الثمن الباهظ للعلاجات الجديدة
ينفق قطاع الأدوية المليارات من الدولارات سنويا على البحث وتطوير منتجات جديدة وبات للأدوية المبتكرة تأثير عميق على حياة الملايين، والقدرة على علاج الأمراض وإطالة وتحسين نوعية الحياة. وقد جاءت هذه التطورات ليس من خلال أى سيطرة حكومية ولكن من خلال السوق الحرة.
وأكدت شركات الأدوية لسنوات عديدة أن أسعارها تنافسية وتحددها تكلفة الانتاج لكن المنتقدين لها يقولون ان هناك حاجة إلى قوانين جديدة من شأنها أن تحدد أسعار الأدوية بأسعار عادلة. ويقول هؤلاء النقاد هذا النوع من السيطرة على حركة السوق ضرورة لضمان الحصول على العقاقير كحق لجميع الناس. وهناك طريقتان للسيطرة على الاسعار تتبناها الحكومت لمعالجة مشكلة الأسعار وهما: متطلبات الشفافية والرقابة على الأسعار.
ويعتبر الكاتب ماثيو جلانس فى تقرير نشره موقع معهد ذا هيرتلاند الذى يدرس به أن وضع سقف لأسعار الأدوية وصفة علاج غير ناجعة. واشار الى أن كلا من ديفيد توريك وجون باريت ودوجلاس جيوفرى، وزاور رازكنوف وجميعهم باحثون فى معهد السياسات المبتكرة يتفقون على أن السيطرة على الأسعار لها اثنان من الآثار الأولية أولها أن جميع المستهلكين سيكون متاحا لديهم عدد أقل من العقاقير الجديدة والعلاجات، كما أن الذين يعيشون فى الدول التى تؤوى عددا كبيرا من فروع شركات الأدوية والتكنولوجيا الحيوية ستتأثر سلبا بانخفاض الاستثمار فى مجال البحث العلمي.
وفى دراسة حديثة، اكدت جمعية مواطنون ضد اسراف الحكومة ان التسعيرة الجبرية تلحق ضررا كبيرا فى جميع أنحاء العالم وتحد من تطوير علاجات افضل خصوصا لامراض مثل الزهايمر والسرطان.
قال رئيس الجمعية توم كاتس إن فتح باب المنافسة هو أفضل وأسرع وسيلة لخفض الأسعار. ويوصى التقرير بانه يجب العمل على تحسين طرق المنافسة، بما فى ذلك خفض المدة الزمنية اللازمة لاعتماد الادوية وللتجارب السريرية.
واشار جلانس الى احصائية لمعهد الرواد الامريكى تؤكد أن اكتشاف العلاج وإطلاق عملية البحث والتطوير وصولا الى انتاج الدواء علمية تستغرق حوالى 15 سنة وهذه مدة أطول بكثير مما كانت عليه قبل فترة وجيزة فقد زاد الوقت اللازم لتطوير الادوية 145% منذ عام 2003.
ووجدت الدراسة أيضا أن تكلفة تطوير دواء بلغت فى المتوسط 2.6 مليار بالولايات المتحدة فى عام 2014 فيما يعد ارتفاع تكاليف الامتثال للقواعد التنظيمية والتهديد من الدعاوى القضائية عقبة أمام تطوير أدوية جديدة ما لم يكن هناك حافز كبير الربح. وحتى اذا تحقق الهدف فى أسعار أدوية معقولة فلن تكون هناك فائدة نظرا لان الشركات ستوقف إنتاج المنتجات الجديدة.
وفى حين أن وضع سقف للسعر مسألة مضرة بصحة السوق فإنه يمكن تعويضها بتحقيق متطلبات الشفافية فى العمل إذا كانت منظمة بشكل صحيح، فعندما يكون هناك قدرة على مقارنة الأسعار للمستهلكين فى متاجر مختلفة فإن ضغوط السوق تشجع مقدمى السلع على بيعها بأسعار معقولة فى متناول اليد وعالية الجودة، فإذا لم تفعل الشركات ذلك فإنها تخاطر بفقدان الزبائن لصالح منافسيها.
ولا يزال الوصول إلى شفافية أسعار الرعاية الصحية بعيد المنال بالنسبة لمعظم المستفيدين من الخدمة فى دولة كبرى مثل الولايات المتحدة، الذين غالبا ما يكونون فى معزل عن اعتبارات السعر من قبل أنظمة دفع يقوم بها طرف ثالث باستخدام الفواتير الطبية.
وكشف تقرير حديث نشره معهد حوافز تحسين الرعاية الصحية وتحفيز إصلاح انظمة السداد أن نحو 50 ولاية أمريكية تفشل فى اداء المطلوب منها عندما يتعلق الأمر بالكشف عن معلومات أسعار الرعاية الصحية للجمهور.
وقالت الدراسة إن الكثير من قوانين شفافية السعر الحالى تحتاج إلى تطوير للرد على المطالبين بوضع سقف لسعر الدواء وهو امر بغيض وتأثيره غامض وفظ ويتسبب فى تحكم اكثر مما ينبغى فى حرية سوق الدواء، حيث سيضع دفة القيادة فى يد جهات تنظيمة وحكومية يعوزها الالمام بكافة العملية المرتبطة بالتسعير وبالتالى تقييم واقعى للتكلفة.
فبدلا من قتل السوق الحرة والإبداع فى مجال الصناعات الدوائية يجب على المشرعين تعزيز الشفافية.