دروس أمريكا اللاتينية التى لم تتعملها كوبا


تضاعف الناتج المحلى الإجمالى مع التحول لاقتصاد السوق
11 مليون فقير كوبى ضحية مركزية الإدارة
توفى فيدل كاسترو، الديكتاتور الشيوعى الكوبى عن عمر يناهز الـ90 عاماً، حيث كان على مدى عقود بالنسبة للبعض نموذجاً للاستغناء عن النظام العالمى، فلم يكن تابعاً لأمريكا ولا للرأسمالية.

لكن مجلة فوربس الأمريكية، تقول إن الحقيقة هى أن كارثة اقتصادية حلت على الأمة التى تعيش فوق جزيرة كوبا، فلم يكن للولايات المتحدة أو الحصار الاقتصادى أو أى شيء خارج كوبا سبب فى هذه الكارثة، بل بكل بساطة كانت حماقة السياسة الاقتصادية التى تلت توليه الحكم الذى تأسس وفق قواعد الاشتراكية الماركسية.
وتضيف، أنه خلال 55 عاماً من حكم «كاسترو»، لم يكن هناك تقريباً نمو اقتصادي، وقد تحسن الوضع بشكل طفيف؛ نتيجة التخفيف من القواعد الصارمة للاقتصاد الاشتراكى فى السنوات الأخيرة.
وبحسب تقرير المجلة الأمريكية، فإنه قد يكون من غير المهذب أو الإنسانى توجيه انتقادات للأموات فى أعقاب وفاتهم مباشرة، لكن 11 مليون فقير يعانون الفقر المدقع بشكل صارخ باسم أيديولوجية مفلسة ليس من الأشياء التى تشجع على إرسال نعى مبجل لأى شخص كان.
وخلال حكم «كاسترو» الذى عاصر تسعة رؤساء للولايات المتحدة تحولت كوبا من ملعب للأثرياء الأمريكيين إلى رمز لمقاومة نفوذ واشنطن.
وتم الترويج إلى صد الغزو المدعوم من وكالة المخابرات المركزية فى خليج الخنازير فى عام 1961، فضلاً عن محاولات الاغتيال التى لا تعد ولا تحصى (قدرها البعض بـ600 محاولة).
وتقول المجلة، إن المشكلة الكبيرة هى أن وعوداً كثيرة لم تتحقق من نوعية أن الاقتصاد سينهض خلال أشهر، وسنجعل الناس أكثر ثراءً، بالإضافة إلى استمرار ميزات الإرث الأعظم، وهو الرعاية الصحية المجانية والتعليم، والتى أعطت لكوبا تطوراً فى إحصاءات التنمية البشرية فى المنطقة.
المثير للدهشة أن أجزاءً كبيرة من العالم حققت هذه الميزات دون قتل أى شخص، ولم تحاول فرض النظام الاشتراكي.
وقالت صحيفة الجارديان، فى تقرير لها، إن الزعيم الراحل مسئول عن أخطاء التخطيط المركزى، وسيطرة الحكومة الخانقة التى – جنباً إلى جنب الحصار الأمريكى – خنقت الاقتصاد، ما جعل معظم الكوبيين يستجدون الحصول على غذاء لائق خصوصاً أنهم عجزوا عن تحسين مستويات المعيشة.
ويعتبر خنق الاقتصاد هو الطامة الكبرى، ولإعطاء فكرة عن مدى سوء الوضع تمت مراجعة البيانات الاقتصادية وفق أسعار الدولار وفروق التضخم على مدى سنوات طويلة.
ففى عام 1959 عندما تولى «كاسترو» السلطة كان الناتج المحلى الإجمالى للفرد الواحد فى كوبا حوالى 2067 دولاراً سنوياً. وهو يوازى حوالى ثلثى متوسط أمريكا اللاتينية بشكل عام، ويعادل تقريباً الإكوادور (1975 دولاراً)، وجامايكا (2541 دولاراً)، وبنما (2322 دولاراً) وثلثى بورتوريكو (3239 دولاراً).
وبحلول عام 1999، أى بعد مرور 40 عاماً تقدمت كوبا بالكاد إلى 2307 دولارات، فى حين قفزت الإكوادور إلى 3809 دولاراً، وجامايكا إلى 3670 دولاراً، وبنما إلى 5618 دولاراً، وبورتوريكو إلى 13738 دولاراً.
ولا يمكن القول بأن الناتج المحلى الإجمالى هو كل شيء بالطبع، لكنه ما زال فى غاية الأهمية؛ لأنه المقياس الأساسى للمستوى الذى من الممكن أن ينفقه الناس فى المتوسط على استهلاكهم.
وتضيف «فوربس»، أنه يمكن القول إن تفوق الإكوادور، وجامايكا، وبنما، وبورتوريكو بشكل خاص فى العقود الأخيرة من القرن الـ20 يعود إلى أنه لم يكن لديها حكومة تتآمر بشدة للحفاظ على شعبها مقهوراً وفقيراً كما تفعل كوبا.
ويعتبر الخطأ الكبير هو استمرار تبنى المفهوم العلمى للاشتراكية من النوع السوفييتى التى تحللت أصلاً عملياً، ما يجعل الدفاع عنها مسألة مثيرة للضحك. وروج «كاسترو» لأفكاره بأن التخطيط الاقتصادى القائم على الذهاب بعيداً عن استغلال الرأسمالية وفوضى الأسواق الحرة وتبنى الاشتراكية من شأنه أن يجعل الناس أغنياء. لكن التجربة أثبتت فشل النموذج الاقتصادى الخاضع لسيطرة الدولة طوال القرن الماضى ولم يتحقق معها جميع وعود الاشتراكية.
وتقول إنه من الممكن إذا كان حقاً البعض يريد الجدل فى الأمور أن يحتج بالقول، إن فشل هذه الاستراتيجية لم يكن معروفاً فى عام 1959، ولكن بالتأكيد فإن هذه الأمور اتضحت تماماً بحلول عام 1989، مع انهيار الاتحاد السوفييتى وسور برلين، حيث كان النظام الكوبى يستحق الزوال، وبالتالى نهاية حكم فيدل كاسترو الذى فرض النظام المشئوم.
وأشار تقرير مجلة فوربس إلى أنه فى عام 1991 كانت ألبانيا أكثر فقراً من كوبا (نصيب المواطن من الناتج المحلى الإجمالى 1836 دولاراً مقابل 2590 دولاراً)، ولكن هذا التحول البسيط إلى نظام اقتصاد السوق وليس الفوضى ضاعف ثلاث مرات مستوى المعيشة فى 20 عاماً فقط، ليصل إلى 5375 دولاراً في 2010.
نتيجة تلك التجربة الاقتصادية التى تسيطر عليها الدولة، ظهرت مجموعة ضيقة من النظم الاجتماعية والسياسية التى تعمل فى الواقع. وتعمل هنا تعنى أن تفعل ما يفترض القيام به، وهو زيادة مستويات المعيشة للشخص العادى، كما حدث فى هونج كونج إلى الضرائب والديمقراطية الاجتماعية فى السويد.
وكان على الكوبيين أن ينظروا اإى بورتوريكو التى ظلت تحت الهيمنة الأمريكية، والرأسمالية القاسية وفوضى الأسواق كما وصفها نظام كاسترو، ولم تكن بالطبع أرضاً خصبة للتخطيط العلمى للاشتراكية. وقد ارتفعت مستويات المعيشة 4 مرات فى حين ظلت كوبا محلك سر لمدة 5 عقود، وطوال هذه الرحلة برر النظام الكوبى بقاءه عن طريق تحرير كوبا من الهيمنة الأمريكية.

 

دروس أمريكا

لمتابعة الاخبار اولا بأول اضغط للاشتراك فى النسخة الورقية او الالكترونية من جريدة البورصة

منطقة إعلانية

نرشح لك


https://www.alborsanews.com/2016/12/01/937666